ü زميلنا عبد المجيد عبد الرازق سكب على زاويته البارحة دمعاً- تحسده عليه تابيتا بطرس- تأثراً بما سماه (عدم اعتراف العرب بعروبتنا!!).. ü وكأنما اكتشف الذرة- زميلنا الخلوق هذا- وقد كتبنا كثيراً في الشأن هذا نحث على الإعتداد بهويتنا (الأصلية!!).. ü فلا عرب نحن ولا أفارقة وإنما أحفاد للذين (نتباهى) بآثارهم وحضارتهم وعزتهم بالمتحف القومي.. ü وحين بنى أجدادنا هؤلاء إهراماتهم من أقصى شمال بلادنا وإلى غاية أواسطها- حيث ديار الجعليين- لم تكن للعرب حضارة تميزهم بين الأمم.. ü بل وحتى عندما أضحت لهم حضارة- بعد الإسلام- كان ل(غير الأعراب) القدح المعلى فيها.. ü ثم لغتهم ذاتها يعود (فضل) الحفاظ على قواعدها إلى سيبويه (الأعجمي!!).. ü وما أثار حفيظة زميلنا الصحفي الرياضي عبد المجيد- في الوقت هذا- هو ما لاحظه من (استعلاء!!) تجاهنا من تلقاء برامج الرياضة بقناتي «العربية» وال(إم. بي. سي).. ü ثم مضى- صاحب «حروف كروية»- يعدد أوجهاً أخرى (تذكرَّها) للإستعلاء هذا.. ü ولعل مما (يفقع المرارةَ) أننا حين نكتب منادين بالعودة إلى (الجذور)- استشعاراً للعزة- يصمنا (مستعربو) بلادنا بالسعي إلى انتزاع السودان من (محيطه العربي!!).. ü ومصر رغم وصفها ب(قلب الأمة العربية)- وليس مثل (حالاتنا!!)- فإن شعبها يفاخر بهويته الفرعونية إلى حد تسمية منتخبه القومي لكرة القدم (منتخب الفراعنة!!).. ü ثم أنظر إلى شعاراتهم الخاصة ببعض قطاعات النقل عندهم- ومنها الجوي- تجدها جميعها ذات رمزيات فرعوينة.. ü ولكن رغم أن حضارتنا السودانية سابقة للمصرية هذه- حسبما اثبتت الدراسات المعاصرة- فإن المصابين بعقدة الطيب مصطفى منا ينأون عنها (تمسحاً!!) بالعرب.. ü ثم حين يسخر (المغنواتي) راغب علامة من نسائنا- مثلاً- يحس (متعوربونا!!) هؤلاء بخناجر مسمومة تنغرز في قلوبهم.. ü (طيب) الله يهديكم؛ كفاكم (تلقيح جِتت!!) على قوم أنتم في نظرهم مثل الذي كتبه (دمعاً) عبد المجيد عبد الرازق هذا.. ü وعزة مثل التي كان يستشعرها (الفرعون) وردي نتمنى أن لو تنداح بين من تؤلمهم (عقدة الدونية) من (دعاة العروبة) بيننا.. ü وبلغ اعتداد وردي هذا بهويته حد أن سخر يوماً- وهو يضحك- من مذيعة (عربية) وهي تسأله: (الا يهمك أن تنتشر أغانيك عربياً؟) ليرد عليها متسائلاً بدوره: (ومين اللي قالك أنا عربي؟!).. ü بقى أن نقول- أخيراً- إن أحد أسباب (تشبث!!) البعض منا ب(أذيال!!) العرب اعتقاد من جانبهم بأن (تمام الإسلام) لا يكتمل بغير (تمام العروبة).. ü ولو كان الأمر كذلك- دينياً- لكان اسلام الأفغان والباكستان والشيشان والبوسنيين والنيجيريين و (غيرهم كثر) بلا معنى (خالص!!).. ü ثم لا يحاسب رب العزة من عباده- يوم القيامة- من أبى دين الإسلام إلا (العرب!!!!!). }} اتصل بي طالب من تربية جامعة الخرطوم اسمه(طلال) من الناشطين ثقافياً كان منفعلاً، إذ كان قد استمع إلى وائل الابراشي فى برنامج العاشرة مساء، يستضيف أيمن نور وآخرين، وهم يشتمون السودان.. وسألني لماذا لا تكتبون مقالات مضادة لهذا العبث والإساءة للسودان.. حقيقة ترددت في الإجابة عليه.. البعض كتب محتجاً.. والبعض كتب بعنف.. والبعض لم يكتب.. وفيهم من يعتبر إن هذه معركة الحكومة ينبغي أن تخوضها.. والحكومة لا تريد أن تفتح جبهة جديدة.. أنا شخصياً أتابع القنوات المصرية.. واختار البرامج الجادة.. وكلها معارضة للنظام المصري الجديد بصورة أو بأخرى.. لكن منذ أن خرج علينا توفيق عكاشة صاحب قناة الفراعين، داعياً مصر لإعادة إحتلال السودان.. وعندما قدم الممثل أحمد آدم حلقته الساخرة من السودان وقيادته.. لم أعد انفعل، وادعو إلى عدم الإنفعال، وليتوقع السودانيون إنهم سيسمعون الكثير في فضاءات مفتوحة وفي حرية رشيدة وغير رشيدة.. لن اندهش إذا قال فينا سياسي أو فنان أو ناشط أي كلام، فهذا أمر ينبغي أن نفرح له، فهو قد كشف كل الفكريات التي تسيئ إلى السودان، و تسيئ إلى مصر ذاتها.. أنظر مثلاً إدارة المعركة مع أثيوبيا بسبب سد النهضة الذي سيصحر مصر كما ذهبوا.. بالنسبة لضمير العالم فقد كسبت أثيوبيا الجولة أخلاقياً، بينما تسعى في تنفيذ مشروعها، وتقدم التطمينات وتتحرك في دبلوماسية منطقية.. بالمقابل ظهر في لقاء الرئيس الكارثة، والذي بث على الهواء واعتذروا عن بثه، فسمعنا العجب تجاه أثيوبيا.. من قال بتخويفها.. من طالب بغزوها.. من طالب بإرسال شهداء لتفجير السد الأثيوبي.. كلها أظهرت مصر في ثوب عدواني متطرف فيه تكريس للعنصرية والعنف والتطرف.. بعض النخب المصرية مازالت تؤمن بنظرية الحتميه الجغرافية تلك التي تؤمن بدونية الجنوب وبتخلفه بالضرورة.. مع إن دولة جنوب أفريقيا أثبتت خطل النظرية تماماً، بحيث هي الآن أكثر دول أفريقيا تقدماً ونهضة وريادة.. السؤال المهم.. هل ما يحدث في مصر من تقليل لشأن السودان مقصودة به الحكومة أم الدولة السودانية؟!!.. والثقافة السودانية والوجود السوداني.. الحكومة فيما يبدو تعيش شهر عسل مع الحكومة المصرية.. والوفود من هنا وهناك تمضي وتعود.. والإتفاقيات تجري على قدم وساق.. إذن فالهجوم فيما يبدو على الكيان السوداني هي حقيقة فكريات كانت نائمة.. أو مقموعة لسبب أو آخر.. الآن أصبحت الاجواء تحتمل إخراج كل الأنفاس الحارة وكل المخبوء تحت اللسان وكل النائم فاستيقظ.. إذن علينا أن نتابع ونراقب.. ونحلل الآراء والأفكار.. أن نرى التفكير الحقيقي ومن ثم نرد عليه.. ومع ذلك يجب أن لا ننسى أن فكريات كثيره تظهر أو لا تظهر وسط النخب المصرية لا تفكر بهذه الطريقة العرجاء، وتعرف حضارة السودان وقدراته وتحترم ثقافاته.. علينا مخاطبة هؤلاء وكسب تأييدهم، وتنمية مواقفهم الإيجابية تجاه السودان.. أما المواجهة الحقيقية هي العمل على تنمية السودان.. وحل مشاكله الاقتصادية والسياسية.. وإدارة الأزمة بموضوعية دون الركون الى ردود الأفعال المتعجلة والانتقامية.. إننا لا نشفق على السودان من الإساءة إليه،، نشفق على مصر التي يمكن ببساطة أن تفرط في محبة السودان واستعداء شعبه عليها، الآن الغضب من الاساءة والتجريح يثور له الشعب، بينما الساسة يديرون الأمر بطريقة الانحناء للعاصفة... يجب أن لا تشغلنا عدائيات بعض المصريين أو حتى معظمهم عن تأمين مياهنا تجاه سد النهضة.. وإدارة القضية بنفس طويل دون عدوان ودون طفولة سياسية.. قد نخسر بسببها أكثر مما نكسب..