عقب عملية الزراع الطويلة التي نفذتها حركة العدل والمساواة بجردتها على مدينة ام درمان في أغسطس 2008وصلت العلاقة بين الحكومة والحركات المسلحة ذروة عدم الثقة والتباعد عن منهج الحلول التفاوضية وأعادت الحكومة تاكيد أن أبوجا التي جاءت بفصيل مني أركو إلى حظيرة السلام هي آخر فرصة للتفاوض مع حركات دارفور وان لامجال لإضافة (شولة) على الإتفاقية التي تمت بأبوجا ولم يمضي على عملية ضرب امدرمان والإستعداد للثأر ونشوة الحركات اكثر من بضعة أشهر حتى بدأت مسيرة مفاوضات الدوحة من خلال مبادرة عربية تطورت إلى افريقية عربية ومن ثم إلى أممية مشتركة، وجلست الأطراف الأساسيه إلى مائدة الحوار برعاية دولة قطر، والتي أنتجت وثيقة الدوحة للسلام في دارفورعلى أكتاف حركة التحرير والعدالة التي صنعها الشركاء والمسهلين من شتات الفصائل لعل هذه المقدمة تشير إلى أن تصعيد الصِّراع بين «المحاربين» يؤدي إلى فتح مجالات الحوار والحل السلمي، وتعزيز مقولة إن الحرب وسيلة للحوار وليست أداة لمعالجة النزاع واستصحاب للأوضاع العدائية والعنف المستفحل بين قوى المعارضة المسلحة، والتي «عنونت» نفسها بالجبهة الثورية، وبين الحكومة والتي بلغت ذروتها في العمليات الأخيرة التى حدثت في ولاية شمال كردفان واحتلال مدينة أبوكرشولا، التي تمت إستعادتها، وما نتج من تعبئة في الجانبين، ففي مثل هذا التصعيد تظهر التدخلات الإقليمية والدولية لنزع فتيل الأزمة. السؤال موضوع هذا المقال هو- هل تشهد القضية السودانية تطورًا نحو الحل السلمي التفاوضي بين الحكومة السودانية ومكونات الجبهة الثورية قبل نهاية العام الجاري؟؟ الإجابة على السؤال تبدأ بقراءة ما تناقلته الأسافيرالأسبوع الماضي والمتعلق بإجتماع قيادات الجبهة الثورية لمناقشة دور دولة قطر في الأزمة السودانية والتقرير بشأنه، وتم إصدار بيان عقب الإجتماع. تركز البيان على التجربة القطرية في مشكلة دارفور في محاورها المختلفة، مثل منهج سلام التجزئة، وعدم جدواه في الحل، وتناول البيان على إستحياء حميمية العلاقة بين الوسيط والحكومة. وإجمالاً فإن البيان لا ينازع في لعب قطر لدور اساسي في مشاكل السودان، ومع الملاحظات التي أبدتها الجبهة الثورية .أشارت من طرف أنها ترحب بأن تقوم قطر بدور في حل النزاع بينها والحكومة السودانية. ان موقف الجبهة الثورية من خلال بيانها المذكور يعتبر تحولاً من موقف بعض مكوناتها التي اعتبرت الدوحة جزءًا من الصِّراع إلى جانب الحكومة وأنها تعمل لتفتيت الحركات الدارفورية وإضعافها لمصلحة النظام السوداني. هذا التحول الذي يكاد يكون طلباً من الجبهة لقطر بأن تتبنى مبادرة للجمع بينها والحكومة جاء نتاج عدة عوامل بعض منها داخلية متمثلة في تحرج الحركات المسلحة من الجهود المشتركة بين دولة قطر وحركة التحرير والعدالة عراب وثيقة الدوحة في رفع المعاناة عن المتأثرين بالحرب والنازحين من خلال الدعم المالي الذي تقدمه دولة قطر بسخاء. ايضاً هنالك الجهود غير المعلنة التي قامت بها لجنة الإتصال بالحركات المسلحة ممثلة في تحركات رئيسها صديق ودعه الساعية لتجسير العلاقة بين الحركات المسلحة وبين المكتسبات التي جاءت بها وثيقة الدوحة للسلام في دارفور. أما العوامل الإقليمية والخارجية التي دفعت الجبهة الثورية لإتخاذ هذا الموقف في مقدمتها الظلال الناتجة من عملياتها الأخيرة في شمال كردفان على العلاقات بين السودان ودولة جنوب السودان، وإضعاف الموارد المالية البترولية لدولة الجنوب. والوصول حقيقة إلى ما عبر عنه رئيس دولة الجنوب ردًا على إتهامات الحكومة السودانية لها بتمويل الجبهة الثورية والذي قال فيه إن دولة الجنوب لاتملك المال الذي تنفقه على الجبهة الثورية. ومن بين العوامل الاقليمية والدولية تحرك المؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية ضد الإنتهاكات الإنسانية وتشريدالمدنيين نتيجة الهجوم على مدن شمال كردفان، اضافة إلى الضغوطات والمطالبات التي تمارسها هذه المؤسسات لعودة شمال وجنوب السودان للإلتزام بالمعاهدات والاتفاقيات والمصفوفة الموقعة بينهما. قبل ختام هذ المقال ثمة ملاحظة نرى ضرورة التوقف عليه!! وهي أن البيان صادر عن الجبهة!! بينما مرجعيتها دور قطر وتجربتها في سلام دارفور، فدولة قطر تاريخياً لم تقترب من مشكلة جنوب السودان التي أنتجت جيش تحرير السودان قطاع الشمال بجغرافيته في النيل الأزرق وجنوب كردفان المرتبطين ببروتكولات المناطق الثلاثة في فترة نيفاشا الانتقالية بينما حركات دارفور ارتبطت بقطر من تكليف أممي وإقليمي أن هذه الملاحظة تقودنا إلى قراءة حركات دارفور لمستقبل العلاقة بينها وبين الحركة الشعبية قطاع الشمال المرتبطة عضوياً بجنوب السودان المنفصل عن السودان الذي من أهم مكوناته دارفور. ولله الحمد