تعود مرة أخرى قصة العصا والجزرة والتهديدات بالعقوبات من قبل الولاياتالمتحدة عبر عدة قضايا ضد السودان لتضع العلاقات السودانية الأمركية في منطقتها الضبابية المتأرجحة دوماً لعدة سنوات.. فقد حملت الصحف خبر إلغاء واشنطن لزيارة دكتور نافع على نافع مساعد رئيس الجمهورية إلى الولاياتالمتحدة وهي الدعوة التي جاءت من الولاياتالمتحدة في إطار التشاورات والحوارات مابين البلدين، ولكن نائب المبعوث الأمريكي قال في تصريحات صحفية عقب جلسة مجلس النواب الأمريكي بشأن حالة حقوق الإنسان في السودان إنهم علّقوا الدعوة للحكومة السودانية للحضور إلى الولايات الاميركية والتي أطلقوها في مارس المارضي بسبب تعليق الخرطوم لتنفيذ الاتفاقيات مع دولة جنوب السودان، فيما نفى المؤتمر الوطني علمه بتأجيل الزيارة رسمياً وأكد أن طلب الزيارة جاء من الولاياتالمتحدة لتقريب وجهات النظر، ولم يتم اتفاق على برامج للزيارة وزاد بحسب حديث د.نافع على نافع مساعد رئيس الجمهورية أن المؤتمر الوطني لن يخسر شيئاً لأنه لم يطلب الزيارة وأن هذا شأن الولاياتالمتحدة، مؤكداً استعداد الحكومة للتشاور والحوار. أمريكا وسياسة الترغيب والترهيب: «لم تغير سياستها أبداً» هكذا ابتدر المحلل السياسي جمال رستم حديثه لآخر لحظة حول العلاقات السودانية الأمريكية، فقال إنها ظلت تراوح مكانها مرتبطة بقضية الجنوب قبل وأثناء وبعد الحرب وحتى تم الانفصال لدولة الجنوب ظلت الويات المتحدة في ذات أجندتها الضاغطة ضد حكومة الخرطوم لتملأ عليها شروطها، وزاد رستم في قراءته التحليلة بأن السودان ظل يقدم الكثير للولايات في العديد من الملفات ابتداءً من ملف الإرهاب انتهاء بملف اتفاقية السلام والتوقيع، لكن كل هذا لم يجعل من الولاياتالأمريكية تطبع العلاقات وتبدأ مرحلة جديدة فهي مازالت تمارس سياسة الترغيب والترهيب على حسب وصفه، وأضاف رستم أن هذه السياسة تتبناها جماعات ضغط ولوبي صهيوني يعمل بصورة مستمرة لكسر السودان وتقسيمه ودفع القرارات لمحاصرته وعدم رفع العقويات عنها وإعفاء الديون عنه رغم كثرة زيارات المبعوثين للسودان وتغيرهم، لكنها كانت في إطار النفس الطويل والمماطلة والوعود، ونشر الصورة السالبة عن السودان عن قضية دارفور.. والآن ولايتا جنوب كردفان والنيل الأزرق فيما يعرف بلمفات النازحيين ودعوة دخول المنظمات الأجنبية، مشيراً إلى أن هذا سيناريو متسلسل ومتواصل، لذلك لا يستغرب موقفها الأخير من زيارة مساعد رئيس الجمهورية وربطها بتعليق السودان للاتفاقيات مع دولة الجنوب. زيارة مساعد الرئيس.. الإيجابيات والسلبيات: وعن تأثير هذه الزيارة يواصل المحلل السياسي رستم بأنها من الأهمية أن تكون لأنها تفتح بوابة جديدة للعلاقات السودانية الأميريكة وتكسر حالة الجمود الطويلة وسوف تعود للسودان بإيجابيات كثيرة لأن مساعد الرئيس دكتور نافع علي نافع قادر على وضع الصورة في إطارها لدى لقائه بالسياسيين الاميركيين لدى مخاطبتهم لهم، وبالتالي سيكون هنالك حوار سياسي عميق فكل يعرف الآخر، فحكومة السودان تمتلك أوراقاً كثيرة لصالحها قدمتها في اطار السلام والاستقرار أولها توقيعها لاتفاق السلام الشامل واتفاقيات السلام مع الحركات المسلحة ودعوتها المستمرة إلى حل القضايا العالقة، وبالمقابل عدم إيفاء الولاياتالمتحدة لوعودها عن رفع اسم السودان من لائحة العقوبات وتقديم المساعدات له والسماح للشركات بالعمل في المجالات الاقتصادية المختلفة وأهما قطاع النفط إذ أن المنفعة متبادلة إذا ما خرجت من إطار التربص السياسي على حسب وصف رستم الذي زاد بأن الملف الصيني أيضاً شكل سبباً لتعنت الولاياتالمتحدة في قراراتها وإرجائها للتطبيع الكامل، لأنها تعتبر أن السودان قد فتح بوابة أفريقيا للتنين الصيني وأتاح له الفرصة عبر الاستثمار في بتروله لتكون له اليد الطولى في بعض دول أفريقيا مما شكل لها منافسة اقتصادية شرسة في القارة السمراء، ولولا السودان لما دخلت الصين القارة الأفريقية، وهذا سبب اقتصادي يجعل الضغوط عبر العصا والجزرة مستمرة من قبل الولاياتالمتحدة. ضوء في آخر النفق: يرى محللون سياسيون أن هذا الملف معقد جداً، ولكن هنالك ضوء في آخر نفقه المعتم، مشيرين إلى أن قنوات التواصل مازالت مفتوحة وهنالك جسر للحوار المستمر مابين حكومة السودان والولاياتالمتحدة رغم الضغوط التي تمارسها الولاياتالمتحدة وربطها الدائم لقضاياها مع السودان بحلحلة قضايا دولة الجنوب. وأشاروا إلى تصريحات السفيرة سوزان حول ضرورة إجراء استفتاء أبيي في موعده، في تأكيد على أجندة الولايات في المضي قدماً في سياستها نحو السودان والإملاء عليه بسياسة فرض الأمر الواقع، وهي المتحكمة في النظام الدولي كما هو معروف.. لذلك لابد لحكومة السودان أن تعلب دوراً دبلوماسياً موازياً بحسب قول الخبراء السياسيين في مقابل ما تحاول الولاياتالمتحدة أن تجعله قرارات أميية ملزمة في قضية أبيي، وذلك عبر التنسيق مع الاتحاد الأفريقي والهيئات الأفريقية والدول الأفريقية لحلحلة قضايا أفريقيا بعيداً عن الأجندة الغربية أو الولاياتالمتحدة.