لا آحد ينكر أن الفساد قد استشرى في كثير من الدول النامية، حيث أن الفقر وتدني الاقتصاد يعتبران بيئة مناسبة للاختلاس وسرقة الاموال بطرق مستحدثة ومتطورة طردياً مع أساليب المكافحة المتبعة، فعلى الرغم من كل المجهودات التي تبذلها تلك الدول لمكافحة الفساد، إلا أنني أعتقد انها بمثابة الحرث في البحر.. في اجازتي السنوية خلال شهر أغسطس.. قررت العمل في محل للغاز يتبع لوالدي لكي أقف بجانبه في ادارة المحل.. الذي يعول منه الأسرة.. وفي أول يوم لي في الاجازة.. ذهبت إليه واستلمت منه المفاتيح وشرح لي كيفية سير العمل وأسعار الغاز والاسطوانات من 12 كليو وحتى 3 كيلو.. وجلست لأباشر العمل.. فاذا بمركبة نقل «دفار».. تقف أمامي لينزل منها العمال.. لون انابيب الغاز التي في العربة أخضر فاقع لونه.. فعرفت أنهم يتبعون لشركة «أبرسي» قمت بعدّ الفارغ في المخزن بينما انهمكوا في عملهم المضني من اخراج الأنابيب الفارغة واستبدالها بأخرى مليئة بالغاز.. حقيقة سرني حماسهم رغم مشقة ذلك العمل.. وبعد انتهائهم.. اعطيتهم المبلغ بالتمام والكمال.. ففوجئت بهم يطلبون مبلغاً اضافياً - لزوم العتالة - فاتصلت بصاحب المحل ليقول لي أن أعطهم خمسة أو ستة جنيهات.. ففعلت على مضض.. وكانت دهشتي كبيرة عندما طلب مني السائق جنيهين وأصر قائلاً أنه يأخذهما كل مرة من صاحب المحل - والدي - مع العلم انه لا يفعل شيئاً سوى الجلوس في مكانه على العربة دون أن ينزل حتى من مكانه، المهم.. بعدها أخبرت والدي بما جرى وكان راضياً ولكنه قال لي ان الشركة قد وزعت منشوراً بعدم اعطاء مندوبيها فلساً واحداً غير ثمن الغاز، لكن صاحب المحل يعطيهم لانه اذا منعهم قد لا يدخلون له الاسطوانات المليئة داخل المخزن.. ولكبر سنه لا يستطيع أن يفعل هو ذلك.. وكان يخشى ان «يطفشوا» منه - دون علم الشركة طبعاً - .. مضى ذلك اليوم.. وبعد يومين او ثلاثة.. غسلت الاسطوانات جيداً.. وأخرجتها من المخزن ورصصتها امامه.. وعندما حضر موزعو شركة ابرسي توقف «الدفار» بعيداً من المحل - وكان يجاورنا صالون للحلاقة - وقد انزلوا الانابيب ابعد من ذلك الصالون.. ورفعوا الفارغ وصعدوا إلى أماكنهم بالعربة... لم أعلم ما الذي يحدث.. قلت لهم ببساطة انني لن استلم هذه الانابيب الا في المكان الذي سلمتها لهم فيه.. طالبتهم بذلك أو... انزال الفارغ تبعي.. في مكانه.. وإلا لن أبيع منهم... فردوا على بانهم قد اغلقوا «الدفار» ولن يعيدوا تنزيل الفارغ... وايضاً لن يأتوا بالمليء الى مكان المخزن.. وقال احد العمال بالحرف: «يازول انت موش قلت داير تعتّل؟.. «يلا» عتّل».. بالتأكيد.. لن أذكر اسم السائق.. ولا رقم لوحة «الدفار».. فهذه خدمة لن اقدمها لشركة «ابرسي غاز» لتحقق وتبحث بين مندوبيها من منهم يفعل مثل ذلك.. سواء كان معي.. أو مع وكلاء غاز ومحلات أعرف بعضهم وقد اشتكوا من تصرفاتهم تلك.. وهأنذا انبه تلك الشركة حتى تتدارك سمعتها التي كانت طيبة بين جميع شركات الغاز.. والتي تقدم خدمات جليلة وتسعى لتوفير الغاز بسعر مناسب.. وخدمات مريحة لاصحاب محلات الغاز.. ومنشورها الذي سبق ذكره.. دليل على سعيها هذا.