مسيحي عربي: ولد الأعشى نحو سنة 530م بقرية منقوحة باليمامة ونشأ راوية لخاله مسيب بن علي، واتصل بأمير بني حنيفة هوذه بن علي النصراني وهو ميمون بن قيس بن جندك بن بكر بن وائل، عرف بالأعشى الأكبر تمييزاً له عن سائر العشيين من الشعراء وهم كثيرون، وكان الأعشى مسيحياً هكذا تحدث عنه مؤرخو تلك الفترة، وقال عنه بروكلمان إنه تنصر ولكنه لم يكن متعمقاً في النصرانية، وقالت عنه سعدية مفرح في عدد مارس 2010م من العربي إنه كان جريئاً في كل شيء في سلوكه وعلاقاته وشعره وتوظيفه لهذا الشعر وفقاً لرؤيته للحياة من منظور عبثي صرف حتى قال عنه معاصروه إن فترة كان يأتي إليه الفتيان ويصبون عليه أقداح الخمر ليرووا عظامه بالتي كانت داءه ودواءه طول حياته. وقد ترحل الأعشى كثيراً بين ملوك العرب وزعماء قبائلها راجياً عطاءهم الذي كانوا يبذلونه إعجاباً بالشعر ومكافأة لصاحبه على مدائحه لهم، وقال عنه أبو الفرج الأصفهاني إنه أول من سأل بشعره، ولكنه كان يرى غير ذلك. ولقد سئل أحد نقاد الشعر العربي القدامى يوماً عن أشعر الناس فقال: أمرؤ القيس إذا غضب والنابغة إذا رهب وزهير إذا رغب والأعشى إذا طرب. ولقد عاش الأعشى ما يقرب من مائة عام إذ توفي سنة 629م وقت أنه كان عائداً إلى بلده ومعه مائة ناقة حمراء أهديت له، وعندما دنا من اليمامة سقط من فوق ناقته فدقت عنقه ومات ولكن شعره لم يمت معه، بل جمع في ديوان فخيم وحظي باهتمام قراء ومحبي القصيدة العربية شرحاً وتفسيراً ونقداً وترجمة، ومن أبياته سأمضي بصيراً إن دنوت من البلى وصية امريء قاسى الأمور وجربا بأن لا تبغ الود من متباعد ولا تنأى عن ذي بغيضة إن تقربا طقوس النصارى: لقد أشار الأعشى في شعره إلى طقوس النصارى وهم أهله و ينتسب إليهم فهو يتحدث عن حماسة نوح وعن حكمة سليمان وعن هندسة سليمان في بناء الهيكل وفي بناء قصره المنيف، ويتحدث عن الصليب فخر المسيحيين الذي يطوفون حوله ويزينونه بالصور ويضعونه على قمة كنائسهم، وهو يقر بالوحدانية عند المسيحيين.. ربي كريم لا يكدر نعمة فإذا تنوشد في المهارق أنشدا وكان ضد عبادة الأوثان محذراً من التقرب إليها.. وذا النصب المنصوب لا تنسكنه ولا تعبد الأوثان والله فاعبد ويتحدث عن رعاية الله للإنسان منطلقاً من مزمور الراعي لداود «الرب راعي فلا يعوزني شىء».. وبأن الله هو ترنيمة الإنسان في أرض غربته كقول داؤد غريب أنا فلا تخفى عني وصاياك ولكن ربي كفى غربتي بحمد الله فقد بلغن وكان يؤكد أن الإنسان هو عبد لله مثلما قال السيد المسيح: للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد ومثلما قدم بولس كل رسائله بأنه عبد الله.. فأقسم بالذي أنا أعبده لتصطفقن يوماً عليك المآتم وكان يرى أن الإنسان لابد أن يترك الدنيا وأنه ليس أحد خالداً فيها ولو كان الخلود لأحد لكان لسليمان ولو كان شيء خالداً ومعمراً لكان سليمان البريء من الدهر براه إلهي فاصطفاه عبادةً وملّكه ما بين سرفي إلى مصر وسخّر من جن الملائكة تسعة قياماً لديه يعملون بلا أجر وفي حله وترحاله يستأثر اللّه بالوفاء إن محلاً وإن مرتحلاً وإن في السفر ما مضى مهلاً استأثر الله بالوفاء و بالعدل وولى الملامة الرجلا ولا شك أن الأعشى وغيره من الشعراء كانت لهم فرصة قراءة الكتاب المقدس وممارسة الطقوس والعبادات التي صارت خلفية لاهوتية لنبض الشعر الحي الذي عاشوه.