تربعت على مجريات جمهورية قلبه لفترة قصيرة ، كانت ملكة متوجة ورئيسة تمتلك النفوذ والصولجان ، كان جيشها وأساطيلها يتحكمون في دهاليز فؤاده المذبوح ويوجهون بورصة شؤونه الخاصة والعامة ، المهم الزول رسم لها خارطة طريق بلون البنفسج ، فتح لها طاقة الأمل ، لكن تأكد له في نهاية المطاف ، انها ليست العفريته الجميلة التي يبحث عنها ، ويحلم بها في صحوه ومنامه ، حاول اللئيم ان يتماشى معها لكن وجد انها لا تصلح لتتحكم في مجريات جمهوريته التعيسة ، ترك بلادها ذات مساء مطرز بالغيم اخذ تأشيرة خروج نهائي ، في ميناء الخروج تعرض إلى تفتيش من قبل سلطات الجمارك ، الله يقطع ابليسكم ، الملاعين فتشوه حتى آخر قطرة من قلبه، قلبوا كيانه ، بحثوا عن كلمات مهربة وقصائد ، ومستندات تدينه بالعشق والهيام ، غير انه خرج من تلك الورطة كما تخرج الشعرة من العجين ،وبينما كانت طائرته تغادر أجواء صاحبة الحظوة ، نظر إلى تضاريس بلادها ، لعن سنسفيل قلبه ، لأنه قام بانقلاب عسكري ضدها ، غادر بلاطها الجميل وهو يترنم بمقطع من أغنية عز المزار لسيد الغناء السوداني الراحل مصطفى سيد احمد رحمه الله خرج من بلادها وهو يحلم بالنوم والراحة بعيدا عن وجع القلب ، لكن لسوء حظه ولتعاسته اكتشف ان كل شيء بعدها بطعم الشوارع المنسية ، جرب بعدها ان يغني لليل موال العشاق ، اكتشف ان صوته من فئة انكر الاصوات ، ولكن قال في نفسه المغنواتية في السودان ليسوا أفضل مني وبدأ يرفع عقيرته بالغناء وبينما كان يغني ذات عشية ، دهمه عسكر حماية الذوق العام ، أو هكذا مسمى لا أدري ولا أريد أن أدري ، اقتادوه من المقهى بتهمة الغناء لليل ، الله يخرب بيوت بيوتكم يا أولاد الأبالسة ، أثناء محاكمته وجه له ناظر القضية تهمة الإزعاج العام والغناء لليل ، في تلك اللحظه وقف ونسى آلامه ودحض الاتهام أما القاضي وذكر ان الشعب العربي كله يغني لليل ويا ليل يا عين ، والله ليلي الملاك ساكن جواري اشمعنى هو حينما غنى لليل تم ضبطه ، وفي حيثات رده تحدث عن اثر الليل في الخطاب الجمعي العربي ، وكيف ان الليل ساتر وفي الليل حدثت كل الانقلابات العسكرية الدموية وفي الليل تتم معظم السرقات وفي الليل يخرج المغنواتية التعساء من جحورهم وفي الليل يلتقى العاشقين وفي الليل تحدث بلاوي زرقاء وحمراء واواوا ، القاضي انبهر من فصاحته واطلق سراحه فخرج من المحكمة وهو يرفع عقيرته بالغناء للدنيا ليل غربة ومطر ، لكن الشيء الغريب جدا أن السودان كان وما زال يعيش في البيات الليلي لحكمة يعرفها الله سبحانه وتعالي زمن .