اجتاحت الساحة السياسية على مستوى المركز والاقليم في الأيام الماضية حمى البحث عن مخارج لأزمة الحرب القبلية في دارفور، واشرنا في مقال الاسبوع الماضي الى موقف الحكومة وحزب المؤتمر الوطني الذي عبر عنه السيد رئيس الجمهورية في خطابه أمام اجتماع مجلس شورى الحزب بأن النزاعات القبلية المسلحة هي التحدي الاكبر أمام الدولة والحزب كما اشرنا الى تصريحات الدكتور السيسي رئيس السلطة الاقليمية المبكرة عن خطورة مآلات نار القبلية على دارفور والسودان. ازدادت حمى البحث عن المخرج من الوضع المحزن مع بداية شهر رمضان الفضيل نتيجة التطورات النوعية للعنف المسلح وتتمثل في الأحداث التي وقعت بمدينة نيالا بين مجموعات حرس الحدود والأجهزة الأمنية والتي تم وصفها بالنزاع بين الأجهزة الأمنية في داخل المدينة وما تبع الأحداث من محاولة تصفية لأحد أبرز الشخصيات في نزاعات دارفور ايضاً من التطورات النوعية الهجوم المسلح على قوات البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقى اليونميد من مجموعات مسلحة وصفتها الحكومة رسمياً بأنها تتبع لحركة جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو بينما حملت المعارضة المسلحة بكل فصائلها المليشيات الحكومية مسئوولية الإعتداء على القوات الأممية في اشارة الى المجموعة الضالعة في أحداث مدينة نيال. قلنا إن وتيرة القلق إرتفعت لدى الدولة والمجتمع المدني وهو ما تناوله المتحدثون في أعلا مستويات في الإفطارات الرمضانية التي بدأت بافطار نائب رئيس الجمهورية الدكتور الحاج آدم يوسف ومن ثم الإفطار الذي دعا له مولانا محمد بشارة دوسه وزير العدل وتحدث فيه السيد نائب رئيس الجمهورية.. والسيد رئيس السلطة الإقليمية والدكتور عصام محمد البشير رئيس مجمع الفقه. وتناول المتحدثون الثلاثه توصيفاً للأزمة وملامح المعالجات ومسؤولية أهل دارفور والدولة في القيام بدور عاجل لإيقاف نزيف الدم وفوضى الإقتتال القبلي وفي منتصف الاسبوع الماضي جاءت دعوة الدكتور السيسي شاملة للقيادات الرسمية والشعبية من أبناء بمنزله وبحضور القيادات القومية والسيادية وحضور السيد رئيس الجمهورية والذي خاطب الحضور خطاباً مفتوحاً بذات الشفافية والحضور الذي بدأه الدكتور السيسي الذي تقدم الرئيس في مخاطبة الحضور في بيان خطورة التطورات بالإقليم، وغياب هيبة الدولة والذاتية التي تنتهجها قيادات دارفور لتحقيق المكاسب الشخصية في الصراعات القبلية فقد قدم رئيس الجمهورية مرافعة بدأها بغياب صدق النوايا بين القيادات والإخلاص لقيم الدين وعدم المبرر المقنع لما يحدث من سفك للدماء وأكد موقف الدولة الداعم لعودة دارفور إلى الأمن والإستقرار. ثمة حقيقة تستوجب الإعتراف واشرنا لها في مقالنا السابق وهي سياسة التمكين القبلي واستخدام القبائل احتياطي في معارك الدولة ضد الخارجين عليها ومن ثم الإغداق على «القبليين» من القيادات بالمكاسب السلطوية على حساب الكفاءة والتدافع دون تمييز وهذا يمثل الأسباب الجذرية لطغيان القوة في القبيلة وللتصدي لهذه الكارثه و اتخاذ قرارات ومواقف كبيرة بحجم المشكلة وتحريك الأجهزة السيادية والتشريعية والأمنية لخدمة الحد من القبيلة المدمرة والتي أشار إليها السيد نائب رئيس الجمهورية في افطار رئيس السلطة الإقليمية ويأتي في مقدمة هذه القرارات العمل على فرض هيبة الدولة وتقوية مؤسساتها القومية الأمنية والنظامية لتكون اكثر فاعلية وحاسمة في مواجهة الغشامة القبلية أيضاً رفع مقدرات الأجهزة العدلية لتكون ناجزة في الإجراءات وتنفيذ الأحكام وتعطيل الديات التي تتحملها القبائل والدولة عن المعتديين. وثانياً من بين القرارات التي على الأجهزة السيادية الإتحادية القيام بها والإسراع في تطبيق الترتيبات الأمنية التي جاءت في اتفاقيات السلام مع الحركات المسلحة ومن بينها نزع سلاح المليشيات القبلية بالتسريح أو دمج المحاربين في الأجهزة القومية العسكرية وفق المعايير والقوانين التي تُمْحِّي القبلية والمناطقية عن المدمجين. ثالثاً وكما أشرنا لإعادة فعالية الإدارة الأهلية والحدَّ من تسيس القبائل، فإن على الجهات القانونية في وزارة العدل أن تفتي في مشروعية وقانونية مجالس شورى القبائل فالدستور وقانون العمل الطوعي يمنعان قيام الجمعيات والمنظمات المدنية على أساس إثني أو ديني وبالتالي فإن على الجهات المسؤولة اصدار قرار حاسم بحل مجالس شورى القبائل لعدم قانونيتها ودورها في إشعال القبيلة والتمكين لها. ونواصل بحول الله ولله الحمد