كنت متمنياً أن يفوز دكتور شداد في انتخابات اتحاد كرة القدم، ولا يعني هذارأياً في خصمه دكتور معتصم، واعتقد إنه معي يحترم ويقدر دكتور شداد.. وقد تبدو أمنيتي غريبة، إذ تتركز في كون دكتور شداد فيلسوف.. فقد نظرت الى المعركة كأنها بين الفلسفة والعلم.. بصورة أخرى بين الفلسفة والسياسة.. وأنا أزعم أن اقصاء الفلاسفة والمفكرين عن المشاركة في صنع القرار لا تبدو جاذبة.. وربما افقدتنا الكثير.. فحسب التاريخ نجد أن أرسطو كان مستشاراً للاسكندر الأكبر.. والفيلسوف ديكارت كان مرجعية ملكة السويد.. وكان فرانسيس بيكون جزءاً من البلاط الملكي الانجليزي.. الآن الساسة يعتمدون على السياسيين أما الفلاسفة والمفكرين فلا دور لهم.. حتى في بلاط الإنقاذ غالباً ما يتم إقصاء المفكرين أو عدم الاحتكام الى ما يطرحون، ومن ثم تهميشهم.. أزعم أن حسن مكي يعاني تهميشاً ما.. كما أن الطيب زين العابدين يقصى بطريقة أو بأخرى حتى بالنسبة للدكتور حسن الترابي يحتفي بكلامه في السياسة ولا يحتفي باطروحاته الفكرية وربما وقفوا منها موقف العداء.. وأزعم أن لانهيار الاشتراكية دوراً في اقصاء المفكرين فهي تقوم على «الفكر» الماركسي ولما انهارت على أرض الواقع، أصبحت مجرد نظرية لم تصمد في تطبيقها على الواقع ليس في السياسة وحدها حتى في الفنون غاب مثلاً الفكر التشكيلي وغاب المفكر الموسيقى.. ولا أظن أحداً يغالطني في إنه لا يوجد عندنا فكر رياضي ومن ثم مفكر رياضي .. ينسى الساسة أن فلاسفة اليونان تناولوا السياسة كأهم قضية وعمدوا الى نقدها وتحليلها.. فالثابت أن بدايات الفكر السياسي في الغرب نشأت في حضن الفلسفة فأفلاطون طرح أول نظام سياسي في المدينة الفاضلة ارسطو كذلك أسهم في النقد والتحليل السياسي. صحيح أن التحولات الكبيرة في هذا القرن ساهمت في تراجع الفكر والفلسفة.. ففي عالم الخصخصة والثقافة المادية التي حلت في محل القيم الإنسانية والثقافية، وذلك مع سطوة المال تحولت الدولة الى شركة فإما كانت شركة كبرى أو صغرى حتى إن حِسنا الشعبي يقول: الكاش بقلل النقاش.. في حيث أن النقاش يجب أن يحسمه الجدل الفكري والمنطق.... عموماً لابد من عودة لدور الفلاسفة والمفكرين الى أعلى جسد في الدولة على الأقل كمستشارين للسياسيين.. ودعك من المفكرين والفكر والفلسفة بل حتى الثقافي أصبح السياسي يسخره كبوق له يسبح بحمده.. ويزين برامجه ويلون أجندته باللوحات والأشعار والأغاني.. لذلك وقفت مع الدكتور شداد لأنه قرّ في ذهني إنها من الإيجابيات الكبيرة أن يقود فيلسوف الشأن الرياضي في الاتحاد العام لكرة القدم، ففي ذلك مفخرة لنا.. ربما لي أنا فقط مع احترامي الشديد لدكتور معتصم جعفر وتهنئتي «ليست الحارة» له!