وما زلت متأدباً في حضرة مولانا دفع الله.. وما زال صدري يحتشد بالغضب.. فقد حرم الرجل بغضبته تلك العارمة الشعب السوداني الذي عزت عليه الابتسامة من لحظات مرح وساعات ابتهاج تغسل بعض الهموم وبعض الرهق وكثير من العذاب تهبها له الفنانة شيرين عبد الوهاب.. أما أنا يا مولانا.. وأقسم لك بالذي رفع السماء بلا عمد.. لم أسمع بالفنانة شيرين عبد الوهاب إلا واسمها يجلجل في قاعات البرلمان.. وصدى اسمها يرقد في كل صحف البلاد.. وقطعاً وطبعاً لم تكتحل عيوني بطلعتها وذلك بداهة لأني لم أسمع بها من قبل.. أدرت كل ذلك في رأسي.. وتدفقت الأسئلة سيلاً عرمرماً أشد عنفاً وعنفواناً وصخباً من سيل أبو قطاطي ذاك الذي و «كت يكسح ما يفضل شي».. اسئلة من «عينة» من هذه المرأة؟ وأي خطر ذاك الذي يخشاه مولانا؟.. وأي كارثة سوف تحل بالبلاد اذا وضعت «شيرين» قدمها في تراب الوطن؟؟.. وقلت في سري.. اذا لم تكن هذه المرأة أشد فتكاً من الطاعون لما هدد وتوعد مولانا الناس لو حضرت.. قررت أن أتعرف على هذه المرأة في ذات اليوم الذي انصاعت لك البلاد قاطبة ونزلت راضية طائعة إلى دعوتك.. وسرعان ما أغلقت الأجواء أمام طائرة «شيرين» حتى لا «تلون» الأجواء السودانية.. وكأنها «الميج» أو «الاسكاي هوك» اتصلت بأحد الأحبة الذي هو قاموس في الغناء ذاك السعيد أو الراعف الحزين.. ولحسن حظي فقد وجدت لديه مجموعة من «السيديهات» وفي قلبها «شيرين».. أمضيت سحابة يومي وعيوني ترحل كل دقيقة كل لمحة كل لحظة.. إلى الشاشة.. وشيرين تبدع وتمتع وتبهج.. وهي تحلق بالمشاهد والمستمع في المجرات البعيدة ليدور مضيئاً مع الأفلاك.. وأصبحت منذ ذاك اليوم وحتى زمان الناس هذا استمع واستمتع بالنظر إليها والاستماع إلى غنائها البهيج والرفيع ثلاث مرات يومياً.. ولا أجد غير القول إن حديثك عن «شيرين» هو الذي وهبني كل ذاك الفرح.. أها.. يا مولانا «حتعمل شنو» ولا أظن أن هناك قانوناً في الأرض يمنع مواطن من الاستماع إلى الغناء داخل اسوار منزله.. ودهشة أخرى.. توجعني وتحزنني حد البكاء.. وهي إن كل «فتاويك» أو جلها تدور حول المرأة.. وكأن المرأة شيطان رجيم.. ونفتح كتاب فتاويك لنقلبه صفحة.. صفحة.. والصفحة الأولى فيه تصدمنا تلك العبارة القاسية والتي لا يستطيع قلمي أن يكتب حرفاً منها وأنت تصف المرأة غير المختونة بوصف بشع ومخيف.. ولكن العزاء.. كل العزاء إن هناك إخوة لك بل هم من قلب فصيل «الإخوان» يصطفون معنا خلف لافتة «سليمة» معسكر يضم العلماء والمشائخ والأطباء والرجال والنساء يناهضن في بسالة «ختان الإناث» وقد شرفنا مولانا «الكاروري» بالصوت والصورة وهو يناهض الختان وينحاز إلى شعار «سليمة». ونذهب إلى صفحة كتابك الثانية.. نجدك ترمي المرأة بكل إخفاق أو خذلان أو تقتير في الرزق أو حتى انحباس المطر.. وهي السبب في ذاك الضيق والعنت وكل ذلك لأن «البنات لعبن كرة القدم».. ونصل إلى الصفحة الثالثة.. وهالنا ما وجدنا فيها.. وكان ذلك قبل تحرير هجليج.. ودعوتك الغريبة.. بأن يتزوج كل رجل من ثلاث أو أربع نساء حتى «يلدن» رجالاً يحررون كل ثغر مخترق في الوطن.. «ده شنو يا مولانا» وأنت تحصر كل مطلوبات الأسرة في الانجاب أو «الانتاج» تحول المرأة التي كرمها الاسلام وأوصى باكرامها سيد البشر الرسول المعصوم صلوات الله وسلامه عليه.. تحولها إلى وضع لانتاج المقاتلين.. طيب «رأيك شنو» لو كانت كل الذرية اناثاً.. إلى هناك يا مولانا تنتهي «مذاكرتنا» لكتابك والمقال القادم اجيئك محتسباً.. سائلاً أو طالباً مجموعة من الفتاوى علني أخرجك من معركتك الضارية مع المرأة.. لك الاحترام والود