أرهق المؤتمر الوطني كثيراً مجموعات متشددة داخل حزب الأمة القومي، ففي كل مرة يُعلن فيها قيادات بالحزب الحاكم بما فيها تصريحات رئيسية المشير عمر البشير بشأن الحوار مع الأمة القومي والتأكيد على سيره بشكل جيد وما إلى ذلك من تفاؤل يملأ رئات الحكومة، تسارع قيادات بالأمة القومي إلى نفي المسألة جملة وتفصيلاً في موقف يتطابق مع حزب المؤتمر الشعبي الذي ظل يكرر وبشكل يبعث على الملل نفي عدم وجود حوار مع الحكومة أو الوطني. إلا أن نائب رئيس حزب الأمة صديق محمد إسماعيل لم يأبه لكل المواقف المتعنتة داخل حزبه وأعلن دون مواربة أن هناك تفاهمات كثيرة وبينهم والوطني تم الاتفاق عليها ورفعت إلى القيادة العليا للحزبين، وشدد في تصريحه للمركز السوداني للخدمات الصحفية على أن التشاور بشأن التشكيل الوزاري المرتقب ينبغي أن يكون في إطار قومي شامل تتوافق عليه جميع القوى السياسية. والواقع يقول إن حزب الأمة بدأ يصاب بحمى المشاركة من خلال حديث صديق الذي فسر البعض إقصاءه في وقت سابق من الأمانة العامة للحزب لقطع الطريق الذي كان يسير فيه والذي يقود إلى محطة التقارب مع المؤتمر الوطني فضلاً عن أن الحزب متهم بمشاركته في الحكومة ب «الشباك» بحسب وصف الحزب الاتحادي الديمقراطي على لسان القيادي بصفوفه د. علي السيد الذي يعتبر أن حزب الأمة مشارك من خلال وجود نجل المهدي- عبد الرحمن الصادق في الحكومة مساعداً للرئيس- رغم النفي المتكرر لرئيس الأمة القومي الصادق المهدي بأن مشاركة عبد الرحمن لا تمت للحزب بصله واستدل باستقالة الأخير من الحزب. الحكومة وإن شئنا الدقة المؤتمر الوطني سعى ومنذ زمن بعيد إلى إدخال الأمة القومي في الحوش الحكومي، وبانت جدية الخطوة فيما عرف باتفاقية جيبوتي أو التي يحب المهدي أن يطلق عليها «نداء الوطن» والتي عاد على إثرها المهدي إلى البلاد إلا أن الصورة تبدلت حيث خرج الأمين العام للحزب مبارك الفاضل من الحزب وشارك ومعه قيادات بارزة في الحكومة، ثم أعاد المؤتمر الوطني الكرة فيما عرف باتفاق «التراضي الوطني» الذي جوبه بمتاريس من قيادات في الوطني بحسب تقييم الصادق المهدي لنتائج الاتفاق. لكن الملاحظ أن لقاءات المهدي تكررت مع الرئيس البشير آخرها لقاء الملازمين الشهير لكن بالمقابل ظلت قيادات في الوطني ترى أن الأمة القومي وتحديداً رئيسه المهدي يناور بشأن المشاركة، ففي وقت يحاول أن يكون في المعارضة وبجانب آخر يستميل الحكومة حيث سبق لوزير الخارجية علي كرتي أن صوب اتهامات للمهدي من هذا القبيل بينما الاتحاديون يرون أن المهدي أطال عمر النظام من خلال مواقفه الموالية للحكومة. وكان آخر حديث من الحكومة بشأن الحوار مع الأمة هو ما صدر من نائب الرئيس الحاج آدم لدى زيارته إلى ولاية كسلا وقال أمام الأحزاب هناك إن الأمانة العامة لحزب الأمة قالت في بيان لها مؤخراً إن هذه الأيام يتم الترويج لأخبار كاذبة ومضللة عن نهايات سعيدة ومشاركة وشيكة لحزب الأمة القومي في الحكومة، وأكد الحزب أن له موقفاً واضحاً ومعلناً وهو أن قضايا السودان وصلت إلى درجة من الخطورة حد العجز عن حلها، وقال إن المشاركة في هذا النظام تعني مزيداً من المعاناة والضياع لأهل السودان. تضارب التصريحات من هناك وهناك حول مشاركة الأمة القومي في الحكومة الجديدة كادت تصيب المشهد السياسي بالدوار لجهة عدم وضوح الرؤية بالكامل، إلا أن الأمر البائن هو رغبة البعض في المشاركة من خلال خوض قيادات بالحزب للانتخابات الماضية رغم إعلان الحزب رسمياً الانسحاب من حلبة التنافس الانتخابي. لكن الحزب الآن يلف حول البيت الحكومي وربما في أي لحظة يطرق الباب ويعلن الدخول حتى وإن كان دخولاً بشكل منفرد أو مجموعات دون إقرار رسمي من الحزب، وتجلى ذلك في بيان الأمانة العامة الذي جاء فيه أن الحديث عن المشاركة يصدر عن أطراف لها مصلحة في تشويه مواقف الحزب حتى أن الأمانة العامة قالت إن من يريد المشاركة عليه أن يختار حزباً آخر غير حزب الأمة القومي وجماهير غير حزب الأمة.. وما أكثر الذين اختاروا حزباً غير حزب الأمة القومي وجماهيراً غير جماهيره.