الوقت نعمة وأمانة لا يعرف كثير من الناس قيمتها، فيضيعونها على أنفسهم، وعلى وطنهم، وعلى أمتهم.. الوقت هو الزمن الذي تقع فيه الأعمال خيرها وشرها.. الوقت هو الشيء الوحيد الذي منحه الله سبحانه وتعالى للجميع بالتساوي، فنصيب الجميع من اليوم 24 ساعة غنيا كان أو فقيرا، طالبا كان أو موظفا.. فالمشكلة إذن تكمن في الأفراد وليس في الوقت، وبالتحديد في إدارة الأفراد للوقت.. فادارة الوقت امر غاية في الأهمية لأنه أحد الوسائل أو ربما أهم الوسائل التي تمكن الإنسان من تحقيق أهدافه التي رسمها لنفسه. في بلادنا اصبح الوقت غير ذي قيمة فالساعة تدور عقاربها ببطء، والناس الموظفون منهم او طلبة المدارس والجامعات يسيرون مع الركب الى وجهاتهم ببرود اعصاب غير ابهين بقيمة الوقت أو بالانجاز الذي ينتظرهم فالكل سواسية في عامل الوقت، ليس بمقدوراحد اقتحام الزحام، وليس باستطاعة احد تجاوز الخطوط الحمراء المعرقلة للانطلاق، الشيء الوحيد الذي يقدرون عليه هو الانتظار المؤدي الى ضياع الوقت المهدر في الزحام.. يبدو أن هناك فئة في المجتمع باتوا بحاجة إلى تنمية ثقافة الاهتمام بالوقت، فكل دقيقة تمر لها قيمتها الإيجابية إذا أحسنّا الاستفادة منها، والسلبية إذا أسأنا استغلالها. الوقت هو الحياة فإذا عرفنا ذلك تبين لنا أهمية الوقت، فهو في الحقيقة حياتنا على هذه الأرض لكي نقدم فيها ما يوصلنا إلى الغاية التي لأجلها خلقنا، نحن نحتاج لمن يفقهنا بقيمة الوقت لنتدارك الاهدار غير المتعمد له في ظل الازدحام الذي تغلغل في حياتنا حتى بتنا لا نعير للوقت اهمية وصددنا عن الالتزام بمواعيدنا وبرامجنا فالاستخدام السليم للوقت يبين عادةً الفرق بين الإنجاز والإخفاق، فمن بين الأربع والعشرين ساعة يومياً يوجد عدد محدد منها للقيام بالأعمال، وهكذا فإن المشكلة ليست في الوقت نفسه، وإنما ماذا نفعل بهذه الفترة المحدودة منه؟ إن الاستفادة من كل دقيقة شيء مهم لإنجاز الأعمال بأسلوب اقتصادي وفي الوقت الصحيح، فالوقت يسير دائماً بسرعة محددة وثابتة، ومن ثمّ ينبغي للفرد أن يحافظ على الوقت المخصص له، وبالإدارة الفعَّالة يمكن الوصول إلى استخدام أفضل للوقت، والقدرة على الإنجاز الكثير. الموظفون، وهم أكبر فئة عاملة ومؤهلة في المجتمع، يجب أن يتمتعوا بثقافة استغلال كل الوقت نقيضاً لهدره، وإلا سنكون أمام كارثة تتحدث عنها الأرقام لا العواطف، ففي أوروبا وهم من يعرفون قيمة الوقت واهميته نجد الكثيرين يستغلون كل الوقت فيما هو مفيد، وعلى الأكثر القراءة، ولا يوجد أرقى من هذا السلوك وأكثر فائدة منه، فيكفي أنه يساهم بفاعلية في صناعة شخصية الإنسان وتقوية عناصرها البناءة. ثقافة الوقت ينبغي أن تعمم، ويؤخذ بها لتصبح جزءاً أساسياً من السلوك والفهم والحب والانتماء.. طلابنا، معلمونا، مهندسونا، اطباؤنا، فنيونا وموظفونا، كلهم في حاجة الى تنبيهم بقيمة الوقت، وعلى الجهات المعنية العمل وفق هذا المطلب الهام. كل مسؤول من موقعه معني بثقافة الوقت، كل إنسان بلا استثناء على هذه الارض الطيبة يجب أن يستغل كل دقيقة عمل في حياته لمصلحة مجتمعه الذي يعيش فيه، وتدريجياً يجب أن يتحول معتقده من سبل هدر الوقت، إلى ثقافة استغلاله في خدمة الجماعة.