دائماً ما تسبق أيام العيد حالة ترقب وأمل من المشاهدين لمتابعة البرامج التلفزيونية التي يجري الترويج لها قبل فترة، والعيد دائماً مناسبة ودعوة للفرح تدفع المشاهدين في كل مكان للانتظار والترقب بقضاء عطلة هانئة أغلب ساعاتها وأجملها الجلوس مع الأسرة والأهل والأحباب أمام الشاشة البلورية، في زمن ينداح فيه الفضاء بألوان مختلفة من القنوات وحزم البرامج. أحمدُ للتلفزيون القومي هذا العام أنه انعتق من أسرة الرتابة وانطلق ببرمجته عالياً في رمضان والعيد، وكأن القائمين عليه قد استدركوا- ولو بعض حين- أن البساط قد انسحب من تحت أقدامهم من الأبن الأصغر في نفس الحوش قناة النيل الأزرق والابن الأكبر قناة الشروق، ولا ننسى دور القنوات الأخرى لقد عاود الحنين إدارة القناة لأيام نجاحات التلفزيون الباهرة في التسعينات فاستعان بالطيب عبدالماجد وحمزة عوض الله الذين أعاداالبريق المفقود للتلفزيون، الأمر الذي يطرح سؤالاً هاماً لماذا فرطت القناة في مثل هذه الكوادر أصلاً؟ على كل حال لم تنته المبادرات الطيبة من قبل الأستاذ إبراهيم الصديق مدير القناة القومية عند ذلك الحد، بل تعداه لخطوة أكثر جرأة بإقناع الأديب الكبير الشاعر الدرامي المبدع الأستاذ هاشم صديق وهي بالقطع ضربة معلم. السهرة التي أود الحديث عنها مع هاشم صديق من تقديم د. حمزة عوض الله، الذي أحسست من خلال تقديمه لها يكاد أن يقول للمشاهد ها أنا ذا لا زلت كما كنت، ففجر الدكتور الشاب كل مواطن ثقافته الثرة مع ثقة عالية بالنفس وببساطة «تربال» عاد حمزة كما تعود الخضرة للجروف والأنسام للأزاهر.لقد برع الطاقم الفني بقيادة عيساوي المخرج المخضرم في إطالة جلوسنا أمام الشاشة، ربما لساعتين أو أكثر، مرتحلين مع هاشم صديق الإنسان وابن البلد ما بين شوارع بانت والمنزل العتيق وكلية الموسيقى والدراما فكانت المتعة البصرية والمؤثرات التي تدغدغ المشاعر حاضرة في كل لحظة ما بين انفعالات هاشم صديق الثائر وكاتب الملحمة البطولية التاريخية وقطرات من دمع وهو ويحكي عن والدته وهو يلقي أيضاً بنبرات صوته الآسرة قصائده الجياد، لكم استمتعت ومعي الملايين بهذا الدفق الإبداعي. وبحق كانت تلك السهرة هي نجمة السهرات في كل القنوات الفضائية السودانية، فالتحية لكل من أشرف عليها وساهم فيها، ونتمنى مزيداً من المبادرات الصادقة من الأستاذ محمد حاتم سليمان المديرالعام وأركان حربه الأستاذ إبراهيم الصديق.. وقوائم المبدعين طويلة تنتظر الإشارة منهم وأعني بذلك أبو عركي البخيت والأستاذ حسين خوجلي والأستاذ أحمد البلال والسر السيد والأستاذ أنس العاقب والتجاني الحاج موسى على سبيل المثال لا الحصر فهلا استجابوا؟ نتمنى ذلك وكل عام وأنتم بخير.