يكاد يتفق الجميع في أن ما تعج به الساحة السياسية السودانية والإقليمية والعالمية عن تقرير مصير جنوب السودان ومآلاته حول الوحدة أو الانفصال في أنه سيقود وبدون أدنى شك إلى اختيار شعب جنوب السودان لخيار الانفصال رغم كل ما يعتري الانفصال من مخاطر سياسية واقتصادية وأمنية واجتماعية ذلك لا لشيء إلا لأن اتّفاقية السلام الشامل نصت وبالحرف الواحد على احترام خيار الشعب الجنوبي أياً كان(وهذا عيبها الوحيد) وهذا الشرط وحده شجّع على أن يختار المواطنون الجنوبيون خيار الانفصال دون الوحدة بالإضافة إلى أسباب كثيرة وجمة أذكر بعضها في هذا المقال.أولها وفاة قائد وربان الحركة الشعبية الحكيم الفذ الوحدوي الدكتور جون قرنق دي مبيور، ثانيها نكوص كل قيادات الحركة الشعبية بما فيها رئيس الحركة والنائب الأول لرئيس الجمهورية عن الدعوة للوحدة والعمل بكل الآليات والإمكانات على إبراز أهميتها وإقناع الجنوبيين بها ودعوتهم الصريحة إلى الانفصال، مما يؤكد مخالفة الحركة الشعبية إلى أهم أهداف وبنود اتفاقية السلام الشامل وهذا ينبغي أن لا يقبله الطرف الآخر من طرفي الاتفاقية لأنه سيكون وصمة عار في جبين كل أعضاء المؤتمر الوطني السوداني إلى يوم القيامة لأنهم هم الذين في عهدهم وعلى يدهم انشق السودان إلى شقين حالياً وسينشق إلى أكثر من شقين مستقبلاً عبر انتقال جرثومة الانفصال إلى الولايات السودانية الأخرى التي بعضها له النية المبيتة لتحقيق هذا الهدف. والمحزن جداً أن هذا الانشقاق سوف يحدث في زمن كل العالم يدعو فيه إلى الوحدة الجغرافية والاقتصادية والسياسية مما يجعل أعضاء المؤتمر الوطني يسبحون عكس التيّار العالمي وهذا يجعل الآخرين يتهمون أعضاء المؤتمر الوطني بالسعي للاستئثار بالسلطة وتحقيق مصالحهم الخاصة حتى ولو عن طريق إرضاء الحركة الشعبية بتحقيق أملها وطموحها الذي طالما سعى أغلب أعضائها له أكثر من (25) عاماً ونتمنى أن لا يساوم أعضاء المؤتمر الوطني بالشريعة حتى ترضخ الحركة الشعبية للعدول عن رغبتها. ثالثاً: الخيرات الكثيرة جداً التي يتمتع بها جنوب السودان مناخية ومعدنية وزراعية وحيوانية ونفطية وغيرها وهذه الخيرات تريد الحركة الشعبية احتكارها دون الشمال لبناء دولة جنوبية قوية مع العدة والعتاد لتحقيق هدفها السامي جداً لها وهو إخراج كل العرب عن السودان وجعله بلداً أفريقياً نوبياً صرفاً وبتره عن جسد الأمة العربية والإسلامية لإرضاء ربها الأعلى أمريكا وبالتالي تحقق كل طموحات أمريكا في أفريقيا في جعل السودان معبراً ومقراً لوضع سيناريو واستراتيجية الاستيلاء على بقية دول أفريقيا سواء كان ذلك عبر الحرب أو الإغراءات المادية والسياسية(نسأل الله أن لا يحدث ذلك). إن الذي ينبغي أن يقوم به طرفا الاتفاقية هو التنفيذ الحرفي لكل بنود الاتفاقية التي التزم بها الجانبان والمحاسبة الحادة لكل من يخالف بنودها حتى ولو عن طريق العودة إلى مربع الحرب لاسيما وأن هذه الاتفاقية عالمية المراقبة ويستفيد من ثمارها ملايين البشر داخل السودان وخارجه فهلا فعل طرفا الاتفاقية ما ندعو إليه وهذا مبتغانا والله وحده نسأل أن يجنب السودان الفتن ما ظهر منها وما بطن إنه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.