كل حزب لا ينشق هو حزب مشكوك في وطنيته وهو للعمالة أقرب منه للولاء الوطني وكل سياسي لا ينشق هو مشكوك في سودانيته وهو عميل مأجور خائن مارق.. إذ أن كل السياسيين السودانيين منشقون والحمد لله.. فكل سياسي سوداني إما أن يكون منشقاً عن حزبه أو أنه داخل الحزب ومنشق (بالمغسة) لأن فرصة قيادية في الحزب أو استوزارية في الدولة فاتته إلى من يرى أنه دونه.. هو الذي يرى طبعاً وليس الحزب، لأننا جميعاً قلعنا عيون الأحزاب و(طلَّعنا) عين الوطن وأصبحنا نرى بعيوننا غير المجردة من هوى النفس. أو أن ذلك السياسي منشقاً من التخمة المادية أو المعنوية التي توفرها القيادة سواء كانت تلك القيادة مالكة للحزب تتوارثه أباً عن جد ( قال ديمقراطية قال) أو كانت قيادة قدمها التنظيم السياسي فاحتكرت السياسة التنظيمية سواء كان الحزب لاعب (لِفت) أو (رايت) و (قال راديكالية قال) إذن كل السياسيين في السودان منشقون (عن الحزب أو بالمغسة أو بالتخمة) ومنهم من يجمع اثنين أو ثلاث من هذه الصفات الانشقاقية. ü ومن المفيد أن نتذكر أن هذه الحالات لم ينجُ منها حزب حاكم أو حزب معارض أو حتى حركة عنصرية أو خنصرية أو بنصرية أو وسطى أو سبابية أو إبهامية أو هلامية أو وهمية أو كان هدفها الاستوزار أو النهب والدمار أو تحرير السودان أو تحرير هذا السودان المسكين حسب نطق كلمة (تحرير) في بعض اللهجات العربية في السودان بتغيير الحاء المهملة إلى حرف آخر.. ولك الله يا سودان. ü حسب علمي المتواضع واطلاعي غير الجامع أن الأحزاب والحركات في السودان بلغت الرقم أربعة وثلاثين وأن حزب الأمة وحده تشطر إلى خمسة أحزاب هي حزب الأمة القومي وحزب الأمة الوطني وحزب الأمة السوداني القيادة الجماعية وحزب الأمة الإصلاح والتنمية وحزب الأمة للإصلاح والتجديد.. يحدث هذا والحزب العتيق في حالة مَغرم فكيف به إذا تحول إلى وضعية المغنم؟! وهذا نموذج لحزب معارض وأما المؤتمر الوطني الحاكم فقد تشطر إلى ثلاثة أحزاب هي المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي وحزب الإصلاح والنهضة (قيد التأسيس). ü كنا نعيب على المعارضة أنها ليس لديها برنامج بديل وإنما تشد الناس أحياناً إلى (الماضي اللي ما برجع) كما كتب الشاعر الكبير عمر الطيب الدوش وغنى الفنان الهرم محمد عثمان وردي وأحياناً تنتظر أفعال الحزب الحاكم فتُصدر ردوداً للأفعال ولكن ان يسمى رجالٌ في قامة د. غازي فكراً ورزق سياسة حزبهم باسم يرتبط بالحزب الأصل المؤتمر الوطني فإن هذا ما لم يكن أحد ينتظره فكلمة (إصلاح) تثير تساؤلاً هو: هل يريد الإصلاحيون إصلاح المؤتمر الوطني حتى بعد أن خرجوا أو أُخرِجوا منه؟ أم يريدون إصلاح ماذا؟ فإذا كان المعنى إصلاح الحكم إذن فالحكم القائم معترف به لديهم ولا يحتاج إلا شيئاً من الإصلاح وحسب. فإنك إذا قلت للنجار إصلح لي الباب فذلك يعني أن الباب موجود لا ينقصه إلا بعض المسامير أو بعض الخشب أو بعض الأقفال أو تعديل وضعه في الجدار أو نحو ذلك وأما إذا لم يكن الباب موجوداً أصلاً فإنك تستخدم عبارة أخرى مثل (أعمل لي باب) أو أصنع لي باباً. ü المهم (صلِّحوه) كان الحزب أو كان الحكم أو كانت الحركة أو كان المجتمع أو كان الباب.. (وانقسمت مشت طالبانا.. زي الزهرة في بستانا) (والمقسوم علي أنا قلبي ارتضا) و (صحيح القسمة ما بالإيد) وكل حزب (مال وانقسم) و(الريد قِسَم) وبالمناسبة وين قسمة يا ترباس؟! ü وأخيراً هل تتوافر النخب على دراسة حالة الانقسامات الأميبية للأحزاب السودانية قبل أن يصاب الوطن بالكوليرا ويروح شمار في مرقة.. شريطة أن لا توضع نتائج الدراسة في أدراج السياسة.