جيبه لكنه لم يفعل.. لابد أن أخرج منه بحفنة جنيهات هذا الجلده.. أخذ يفكر في حيلة.. هنا دخل مكتب الفنان ضيوف تلوح أهميتهم من بدلهم الراقية.. فخرج ود الشواطين مدعياً أنه يتحدث في هاتفه المحمول.. ثم دخل عليهم متهللاً: البشارة ياكوتش.. سأل الرشيد في فتور: بشارة شنو؟ قال مبروك جايبنك وزير في التشكيلة الجديدة.. هسه كنت بتكلم مع واحد في القصر.. قال لي: جايبين قطبي وزير ثقافة.. وأضاف متصنعاً الفرح.. فاروق حسني براهو يعني.. ياسلام أهو السودان بقى فيهو فنان وزير إيدك على البشارة.. قال الرجل: ياخي بتكون إشاعة ساكت.. قال في ثقة: ياخي إنت ماعارف البلد دي أي إشاعة فيها بتضرب! قال : وهو يتلمظ الحلم القديم الذي تجدد.. لكين بدون ما يخطروني.. قال أحد الضيوف: يخطروك ليه.. ماعارفنك مابترفض؟ قال ود الشواطين: نفسك من زمان في الوزارة صاح.. حاول أن يقول شيئاً.. قال له: داير تاكلني في البشارة.. قال: بشارتك بعدين لمن الكلام ده يحصل.. قال: طيب جيب العربون.. أعطاه مائة جنيه.. قال: إنت جلده كده مالك مائة جنية بس.. في خبر زي ده جيب تاني هنا أدخل كل من الضيوف الثلاثة يده في جيبه وكل «عصر» لي ود الشواطين حاجه.. خرج ود الشواطين مزهواً بالغنيمة.. ولم يستطع الصبر دخل الحمام وعد الوريقات بلغت خمسمائة جنيه بالتمام والكمال.. استأذن وذهب. بدأ الضيوف في تقديم الطلبات.. تعرف لما تبقى وزير لازم تشوف لي موضوع البعثة بتاعتي.. قال الثاني: وأنا لازم تعمل لي دفره أبقى عميد الكلية.. أما الثالث فقد لزم الصمت لأن ما يريده لابد أن يطلبه منه على انفراد لما يكونوا قاعدين راس.. أخذوا يحلمون بوضع جديد بعد أن يصبح صديقهم وزيراً.. أما الوزير المحتمل فقد أخد لي سرحه طويلة وكاد أن يزعط شنبه ذا الشعيرات الخفيفة.. قال أحدهم: أوعه بعدين تعمل لينا مهم.. ومانقدر نقابلك.. قال في ثقة: لا أنا بابي حيكون مفتوح. خرج ود الشواطين يوزع الخبر.. وكأنه صدقه هو ذاته.. لكنه قال: لغاية ما التعديل يحصل أنا بكون لقيت لي جنينه كل يوم ألقى لي عصره من الوهم ده.. عشان كده لازم أنشر الخبر عشان الوهم ده يصدق.. وأصبح يحدث كل من يقابله الرشيد قطبي ح يعملوه وزير ثقافة.. لفح محرر باب الأسرار الخبر ونشره في عدد الغد من الصحيفة تحت عنوان الفنان وزيراً.. ووصف الفنان بطريقة «بضبحوا في العيد وبقول باع».. وعم الخبر الأرجاء وبدأت التبريكات مقدماً.. وهمس بالخبر للسيدة زوجته إنه سيكون وزيراً وأضاف: بس ماتكلمي أي زول إمكن تكون إشاعة قالت له زوجته: بري.. سرك في بير.. لكنها براحه انسحبت وأجرت حديثاً مع صديقاتها عبر الهاتف وبثت الخبر لهن مع إضافة عبارة: بس الموضوع ده سِر ماتكلمي زول.. ولكن كل واحدة التزمت بأنها ماح تكلم زول بس صاحباتا شديد.. وانتشر الخبر وفَصَّل الرشيد قطبي سبع بدلات جديدة.. وسبع جلاليب من أرقى الأنواع ولم ينس العباءات.. والشالات المستوردة.. وكم مركوب فاشري كدى.. ودسته من الأحذية الإيطالية. كل يوم ود الشواطين يزور الفنان قطبي.. ويخرج منه بعربون.. عندما يتردد يقول له: الناس كلهم بتكلموا الحكاية جد.. أنكت أدينا.. ويحمل غنيمته ويمضي متمنياً أن يتأخر إعلان الحكومة الجديدة.. أو تضرب الصدفة ويعين الرجل وزيراً بالجد.. لكنه يعود ويستبعد ذلك ويقول معقول زي ده يبقى وزير!.. مرت الأيام ثقيلة على الفنان وناوشته الأحلام في اليقظة والمنام.. عشية إعلان الحكومة الجديدة.. سهروا جميعاً حتى الصباح.. ولما ذهب ود الشواطين يراقب من بعيد بعيد الحاصل شنو للوزير الجديد.. وجد حُزناً مخيماً على المكان: سأل السكرتيره وين الأستاذ قالت وهي تغالب دموعها.. الأستاذ في مستشفى ساهرون جاتو صدمة سكري.. عشان ماسمع اسمو في التشكيلة