مجمع حضارات كرمة يعتبر من أبرز المعالم بمدينة دنقلا التاريخية، خاصة وأنه يضم آثاراً قديمة جداً وقيمة، ترجع ل (900) سنة قبل الميلاد ويجسد عمق وتاريخ الحضارة بالمنطقة بل بالسودان عموماً.. وأشار الأستاذ عبد المجيد محمد عبد المجيد رئيس اتحاد حلفا السكوت والمحس إلى أن هذا المتحف قام بعد بحث كبير من قبل مجموعة من العلماء بقيادة البروفيسور (شارلس بونيه) واستمر لأكثر من (40) عاماً تم خلالها اكتشاف كنوز ضخمة بالحفريات التي تمت تشير لعمق وأصالة حضارة كرمة الضاربة في جذور التاريخ، واجتهدت اللجنة العليا لحضارة كرمة وبدعم الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع الوطني والنوبيين الحادبين على حفظ التراث تم تشييد هذا الصرح الضخم . إكتشاف التماثيل: تم في (11) يناير 2003م الكشف في معبد (دوكي قيل) عن مخبأ قطرة ثلاثة أمتار كان يحوي سبعة أجزاء من تماثيل هائلة مصنوعة من الجرانيت، تمثل هذه التماثيل آخر إثنين من ملوك الأسرة الخامسة والعشرين المصرية وهما (طهارقا- تانوت أمون)، بالإضافة لأول ثلاثة ملوك من مملكة نبته وهم (سينكاما نيكسن- وأنلا ماني- اسبيلتا) الذين كانوا على رأس مملكة تمتد في ذلك الوقت من الشلال الثاني وحتى الشلال السادس، وقد أكدت عدد من التحاليل المختلفة إثبات أن تلك التماثيل قد كسرت عمداً بتلقيها ضربات بأزميل من البرونز، ومن المرجح أن يكون ذلك إبان الحملة العسكرية التي قادها الفرعون (بساميتيك الثاني) حوالي العام (591) قبل الميلاد.. تؤكد حالة الاحتفاظ بسطح حجر الجرانيت الذي صنعت منه التماثيل ظلت كاملة تقريباً لمدة زمنية انقضت ما بين التدمير والطمر كانت وجيزة وتشير النقوش والدراسات الى أن الملك (اسبيلتا) قد حكم حوالي (20) عاماً بعد هذه المواجهة، ويرجح بأنه قام بدفن التماثيل داخل حفرة وفي تربة مخصصة لذلك. المخبأ: تم حفر المخبأ ما بين المعبدين الرئيسيين لمدينة (بنوبس) العتيقة، هذه المسافة تمثل دون شك (قصر الذهب) وهو المكان المخصص قديماً لصناعة الأدوات المقدسة وصيانتها وتكريسها من خلال اتباع طقوس معينة.. حيث تم وضع أجزاء التماثيل باحتراس في الحفرة بسبب احترام الصور المنحوتة للفراعنة الأسلاف، وهكذا وضعت الرؤوس في العمق تحت الجسد، بينما الأرجل كانت قريبة من سطح الأرض، وجمع داخل الحفرة العديد من أجزاء الجبص وعليها أوراق ذهبية ولوائح من (العوهق) أو من الزجاج كانت تستخدم لتزين التماثيل. موقع دوكي قيل: على بعد كيلو متر واحد شمال العاصمة النوبية شيد المصريون مدينة محصنة هي بنوس العتيقة، ومن المحتمل أن يكون ذلك قد تم في عهد (تحتمس الأول)، وتوجد اليوم بقايا هذه المدينة مطموره في معظمها تحت أراضي مزروعة ما عدا قطاع من حوالي (150) متراً واسم هذه المدينة الحالي هو (دوكي قيل)، ويعني حرفياً (التل ا لأحمر)، وتشير الدراسات إلى أن التراكمات الهائلة للرماد وقوالب الفخار الأحمر وبقايا المعابد، التي كان جلبها مكرس (للإله أمون)، وخلال فترة حكم مملكتي نبتة ومروي عرف هذا الموقع ازدهاراً وتطوراً ارتبط بالإنجازات المعمارية الفرعونية العديدة. ويضم مجمع حضارات كرمة العديد من التماثيل والقطع الأثرية لبعض ملوك مملكة نبتة من القرن السابع والسادس قبل الميلاد، وتشتمل على تماثيل الملوك (تهارقا- تانوت أمون- سنكاما نسكن- أنلا ماني- اسبيلتا)، وبعض هؤلاء الملوك حكموا السودان ومصر.