قال نائب رئيس الجمهورية الفريق ركن بكري حسن صالح في مستهل حديثه عن الحرب في البلاد، إذا حاربت الناس مائة عام أخيراً سوف يلجأون ويجنحون الى السلم والسلام، فيستحسن أن نكسب الفرصة ولا نضيع الوقت في الحرب ونعمل من أجل سلام يرضي طموحات جميع الأطراف، تلك الكلمة أثلجت صدور الكثيرين من أبناء الوطن الحادبين على السلام والى استتاب الأمن والاستقرار، بل كانت كلمته بمثابة الرجوع للحق لأن الرجوع الى الحق فضيلة أو إذا صح التعبير التشبث بأذيال السلام خير من الدعوة الى الحرب. فليكن لدى علم وفحوى السيد نائب رئيس الجمهورية الفريق بكري حسن صالح إن استدامة الحرب في البلاد حرام كحرمة شرب الخمر في الأديان السماوية، لأنها تعيق التنمية البشرية بفقد الأنفس في المعارك الضارية وتهدم البنية التحتية والمنشآت العامة والمرافق الحيوية، وتكبل الدولة بعدم الصرف على الخدمات الاجتماعية الملحة، وتقلل مروءة الحكومة المركزية في دعم السلع الاستهلاكية والتعليم والصحة.. بل تعمل الحرب عكس روتين العمل الميداني الرشيد المفروض أن يقدم للمواطن، فزادت عليه الجبايات والاتاوات والضرائب لسد نسبة العجز في الميزانية العامة التي بددها بند المجهود الحربي. نفهم من ذلك بند الصرف على المجهود الحربي لتهيئة القوات المسلحة وجهاز الأمن والقوات النظامية الأخرى بالعدة والعتاد أضر بميزان المدفوعات وأفرغ الخزنة العامة من السيولة المالية، فأصبحت الحرب آفة امتصت موارد الدولة الاقتصادية، فأقلق هذا الصرف مضاجع جميع الحكومات المتعاقبة على السلطة بعد الاستقلال. والسبب الرئيسي في خلود الحرب هو عدم تصحيح المفاهيم التي ملكت للشباب المنضمين الى الحركات المسلحة، لأن الدعوة لحمل السلاح لمناوئة الحكومة مبنية بالتجني على التربية الوطنية بأساليب الفرقة والشتات، وتمليك المقاتلين أهداف وشعارات واهية وغير واقعية، فلغياب التوعية الموضوعية كمرجعية للسلام فشلت جميع اتفاقيات السلام الموقعة ما بين الحكومة والحركات المتمردة (لشنو)؟ لأن الاتفاقية لم تضع حيزاً أو اهتماماً في محتوى الاتفاق لتصحيح الأفكار العدائية التي ملكت الى المقاتلين من جانب الحركات المسلحة إبان استنفارهم لمقاتلة القوات الحكومية. تجد الاتفاقية مبينة على الجانب السياسي (تقسيم ثروة وسلطة)، ويتركوا جانب التنوير المعنوي لحملة السلاح لأساليب الاستنفار الأولى، فإذا حصلت أي ردود أفعال في تطبيق الاتفاقية المتفق عليها ترجع الحركة المسلحة الى قاعدتها الجماهيرية، وتجدد الاستنفار بموجب نزاعات الشر القديمة، لأنه أي المقاتلين جاهزين وما خضعوا الى أي برامج في شكل توجيه معنوي مثالاً على ذلك ردة مناوي وعبدالعزيز آدم الحلو. كما أن هناك مثالاً آخر اعتبره قرينة أحوال لتضميد الادعاء بالثوابت والمرجعيات والحجة والمنطق الدكتور رياك مشار لما وقع على اتفاقية الخرطوم للسلام عام 1997م قام بزيارة ميدانية الى جميع مدن وقرى الولايات الشمالية هو وطون أروك طون (ليه)؟ لمعرفة الموجود شنو من تنمية وبنية تحتية ومرافق حيوية ومنشآت عامة، ويشاهدوا ذلك بأنفسهم على أرض الواقع ليطبق نظرية الشاف بعينه ولا الكلمو كلام. الدكتور رياك وطون أروك طون لما شافوا الأرض في الولايات الشمالية يبابا وخرابا.. سألوا المواطنين الشماليين ياخوانا دي الشمالية قالوا نعم !! قالوا ليهم والله انتو مظلومين ما لكم ما دخلتوا الخلا وحملتوا السلاح لأخذ حقوقكم، فقال الموجودون من أبناء الشمالية في تلك اللحظة ما عندنا خلا لكي نذهب إليه، ووضح من خلال زيارة السياسيين الجنوبيين الى الولايات الشمالية ليعيشوا واقع الحال بعد تقصي حقيقة ودراسة جدوى، وذلك لوضع حد للادعاءات التي كانوا يتخذوها في شكل استنفار للم المقاتلين.. طالما هناك سلام يجب تغيير موجة الاستنفار لصالح السلام ورتق النسيج الاجتماعي بتصحيح الفهم المملك الى مقاتليهم في ذاك السياق. عليه لحل القضايا محل الخلاف بطريقة مقننة، لازم نعرف الكلام الذي يقال في الاستنفار للم المقاتلين لمنازلة قوات الحكومة بدون أجرة أوماهية ده كلام شنو !! الحقيقة الجنوبيون في استنفارهم للمواطنين وتحريضهم لحمل السلاح ضد حكومة المركز جعلوا من وضع الولايات الشمالية الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسلطوي أحبولة، فقالوا بصريح العبارة الشماليين (الجلابة) نهبوا ثروات البلاد ونموا بها مدن وقرى الولايات الشمالية وتركوا الجنوب يرزح تحت وطأة الجهل والتخلف، وإنه- أي الشماليين- ممسكين بتلابيب السلطة وخزائن الثروة في البلاد ومنعوا منها الآخرين، فعلى ضوء هذا الاستنفار ناءوا الجنوبيين جميع الحكومات المتعاقبة على السلطة المركزية حكومة تلو الأخرى، ولم يرتح لهم بال أو يغمض لهم جفن الى أن نال الجنوب حق تقرير المصير، وكونوا دولتهم المنفصلة عن الدولة الأم.. إلا أن حق تقرير المصير لم يشفع للدولتين ويحل المشاكل، بل زاد من وتيرة العداء ونكأ على جراحات الماضي، وأصبحت هناك حرب ضارية بين الدولتين، فعلى ضوء المهاترات المتبادلة تمكنت دولة الجنوب من اختراق الجبهة الداخلية لدولة شمال السودان، فحرضت أبناء جبال النوبة والنيل الأزرق واحتوت على الحركات المسلحة الدارفورية وجهزتها بالأسلحة لقلب نظام الحكم في الخرطوم، فالشيء المؤسف عليه الحملة للقضاء على نظام الإنقاذ بنفس الدعايات والشعارات والسيناريوهات القديمة التي استغلاها الجنوبيون في شنهم للحرب ضد الدولة.. وبنفس طريقة الاستنفار الماضية، قالوا الشماليين ماكلين الدولة وبنوا العمارات ومهيمنين على السلطة في البلاد ومهمشين الآخرين، وهكذا من الادعاءات التي جعلت من أبناء الولايات الشمالية شماعة، أو إذا صح التعبير مادة أساسية لكل شخص عاجباه سوف يعزف على وترها ليجد ضالته المنشودة وتبادله الشعور والإحساس، وتحمل السلاح وتحارب الحكومة والشيء الزاد من التمرد أكثر حتى المشاركين في السلطة اليوم من ألوان الطيف الآخر من أبناء مناطق التماس شاعرين بالاستياء وعدم الرضا بالوضع، ويقولون بصريح العبارة حكومة المركز مهمشة دورنا من ناحية اتخاذ القرار في تسيير روتين العمل الميداني في الدولة. وللحديث بقية في مخاطبة نائب رئيس الجمهورية. üمتطوع لنشر مفهوم ثقافة السلام ورتق النسيج الاجتماعى