ü الآن على قمة «جبل الست» بأركويت وجدنا الجبل ولم نجد الست.. سمعنا روايات عديدة.. لا يوجد هنا على هذا الارتفاع الشاهق شيء مكتوب أو موثق.. والثقافة السودانية قائمة على المشافهة والروايات السمعية أقرب لروايات تقول «الست» امرأة إنجليزية كانت تقف على ذات الثغور التي «انتكل» عليها الآن.. يقولون هنا إذا كان الجو صحواً سترى قوائم هذا العلو.. ربما حاولت هذه السيدة الإنجليزية أن تلقي نظرة على ميناء السودان الأول الذي كان اسمه عند الأروبيين «اشبيلية» افريقيا.. سقطت «الست» من هذا المكان ولقيت حتفها. ü المنطقة كانت مقفولة ولا يسمح الإنجليز للأهالي بالاقتراب.. ولم يعرف الناس بقية قصة «الست» التي خلفت وراءها اسماً لن تنساه ذاكرة التاريخ في هذه المنطقة السياحية التي كان من المفترض أن تكون الأولى على مستوى السودان ولكن..!! ü قلت لهذه السيدة المصرية التي كانت ضمن الفوج الذي يتجول الآن ويتأمل في هذا الوادي الساحر السحيق هي المرة أولى التي أزور فيها هذه البقعة من بلادي.. قالت لي مندهشة ومستغربة: معقول وأنت صحفي سوداني كمان؟! قلت لها: لأنها داخل الوطن فدائماً تظل مثل هذه الزيارة لأركويت مؤجلة من يوم إلى يوم. ü أما ما قلته في سري: يا بنت النيل «بلا سياحة بلا نيلة».. أنا وزملائي الصحفيين من جيلي والجيل الذي سبقنا والجيل الذي سبقناه أمضينا معظم عمرنا الصحفي على ظهور «الهيركوليز والانتينوف» وأنواع من الطائرات العسكرية والمركبات الأخرى جرياً وراء تغطية الصراعات والحروب التي أبت أن تنتهي.. سياحة إيه ونحن في معارك وحروب وصراعات عبثية ودمار وشقاق ونفاق.. وبيننا كل هذا الخير والنعيم الذي هيأ الله به هذه الأرض وكفر إنسانها بهذه النعمة. ü أعود إلى حيث الطبيعة الساحرة ويوسف مصطفى التني «صحت الطبيعة فانتبه ما بال عينك ناعسة.. هذه جبيت وقد بدت في فتنة متجانسة ».. نحن في أحضان الطبيعة الخرافية والطقس البديع الذي يبدو الآن قاسياً لمن يأتي من الخرطوم بملابس شبه مدارية.. هنا عليك بملابس شتوية بمقاييس أروبية فإن لم تفعل فأمامك المضادات الحيوية أو «القرض» ولك حق الاختيار. ü وأنا في طريقي إلى هذه الخيارات لم استمع لنصائح الأستاذ مصطفى أبو العزائم جيداً.. يتحدث الناس بحب شديد عن «الأزهري» و«إيلا» الأول وضع اللبنات الأولى لمنطقة أركويت قولاً وفعلاً.. كان يأتي في إجازاته بمعية أسرته مفضلاً السياحة الداخلية على الخارجية.. والثاني جعل الطريق إلى أركويت سهلاً وممكناً بخدمات لوجستية في زمن وجيز. ü قلت لإيلا وهو يحدثني في بهو هذا المكان الرائع عن تفاصيل ما قام به وبيننا «قهوة بجاوية» لماذا لا تصبح أركويت عاصمة السياحة والمؤتمرات في بلادنا.. ولتكن البداية بالمؤتمر الجامع للقوى السياسية للحوار حول القضايا الوطنية.. على الأقل من هذا المكان الجميل سيستلهم الفرقاء عبقرية المكان الذي يقول إن السودان بخيراته يسع الجميع.. ويستلهم الفرقاء من ضريح «عثمان دقنة» الذي يرقد بسلام في هذه الأرض.. إن هذا الجيل «أصغر» من تضحيات قدمها «الكبار» زمان.