أبل الزيادية ام انسان الجزيرة    الفاشر ..المقبرة الجديدة لمليشيات التمرد السريع    وزير الداخلية المكلف يستعرض خلال المنبر الإعلامي التأسيسي لوزارة الداخلية إنجازات وخطط وزارة الداخلية خلال الفترة الماضية وفترة ما بعد الحرب    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    طباخ لجنة التسيير جاب ضقلها بكركب!    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    نائب وزيرالخارجية الروسي نتعامل مع مجلس السيادة كممثل للشعب السوداني    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    وزير الصحة: الجيش الأبيض يخدم بشجاعة في كل ولايات السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروائية النيجيرية شيماماندا نغوزي أديتشي تقاوم النظريات البالية التي تأتي مع اللون الأسود
نشر في الراكوبة يوم 03 - 11 - 2010


أصنع نصف شمس صفراء من حافات الكلمات
ترجمة: علي عبد الأمير صالح
ولدت شيماماندا نغوزي أديتشيي في الخامس عشر من أيلول (سبتمبر) 1977، وهي كاتبة نيجيرية نالت الاستحسان والتقدير. تنتمي إلي (آبا) في ولاية (أنامبرا)، في الجنوب الشرقي من نيجيريا. ولدت شيماماندا في مدينة (إنوجو) لكنها نشأت في مدينة (نسوكّا) الجامعية في الجنوب الشرقي من نيجيريا، حيث تقع (جامعة نيجيريا). خلال مدة نشوئها، كان والدها بروفيسور علم الإحصاء في الجامعة، وكانت أمها كذلك تعمل بوظيفة مسجلة الجامعة. في سن التاسعة عشرة، غادرت شيماماندا نيجيريا متجهةً صوب الولايات المتحدة. بعد أن أكملت دراستها في جامعة دريكيسيل في فيلادلفيا، رحلت إلي جامعة كونكتيكت الشرقية الحكومية كي تقيم قرب شقيقتها؛ التي كانت تمارس مهنة الطب في (كوفنتري) (تقع الآن في مانسفيلد، كونكتيكت)، وكي تكمل دراستها في مجال الاتصالات وعلم السياسة. نالت شهادتها الجامعية من (جامعة كونكتيكت الشرقية الحكومية) حيث تخرجت سنة 2001. أكملت بعدها شهادة الماجستير في الكتابة الإبداعية في جامعة جون هوبكنز في بالتيمور. وفي سنة 2008 أنهت دراسة الماجستير في (الدراسات الأفريقية) بجامعة يالي. نشرت روايتها الأولي (الخبازي الأرجوانية) سنة 2003 وحازت علي جائزة أفضل أول كتاب في سنة 2005 ضمن جوائز كُتّاب الكومنولث. روايتها الثانية (نصف شمس صفراء) (ترجمتها إلي العربية الشاعرة والمترجمة المصرية فاطمة ناعوت، وصدرت عن الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 2010_ م.)، سُميت استناداً إلي علم الأمة البيافرية(1) قصير الأجل، تجري أحداثها قبل الحرب البيافرية وخلالها. نشرت هذه الرواية سنة 2007 ونالت جائزة (الأورنج) للقصة. كتابها الثالث (الشيء الذي حول عنقك)، وهو مجموعة قصصية، نُشر في نيسان (ابريل) 2009.
في الحوار الآتي تتحدث الروائية النيجيرية شيماماندا نغوزي أديتشي مع روبيرت بيرينباوم عن كتابها (نصف شمس صفراء) وعن حرب بيافرا، بصفتها أفريقية تقيم في أمريكا، وكذلك عن صورة أفريقيا التي شوهها الإعلام.
تركت ( نصف شمس صفراء) أثراً بالغاً في نفس الكاتب النيجيري الكبير شينوا أتشيبي، فكال المديح ل أديتشيي قائلاً: " ليس من المألوف أن ترافق الحكمة المبتدئين، إنما هي ذي كاتبة جديدة مُنحتْ موهبة كُتاب القصة الموغلين في القِدم. تعرف شيماماندا نغوزي أديتشيي ماذا تعني المخاطرة، وماذا تفعل بشأنها. إن تجربتها بالتفويض المزدوج بالانجليزية والايجبو في خطاب متواتر هو حالة وثيقة الصلة بالموضوع. الكتاب الجبناء وقليلو الكفاءة يتجنبون التعقيد بكل ما في الكلمة من معني، لكن أديتشي تعانقه لأن قصتها تحتاج إليه. إنها كاتبة جريئة، وإلا ما كان عليها أن تتبني الرعب الهائل للحرب الأهلية النيجيرية. جاءت أديتشي كاملة الصنع نوعاً ما. "
جري الحوار الآتي في مقهي (بامبلونا) في (ساحة هارفرد) في يومٍ بارد من أيام تشرين الأول ( أكتوبر).
الحوار:
û روبيرت بيرينباوم: ما هو أصل اسمكِ أو معناه؟
شيماماندا نغوزي أديتشي: نعم، شيماماندا تعني "إلهي لن يسقط". هذا هو معناه الحرفي. إنه نوعاً ما يشبه قولكَ روحي لا تُقهر. نغوزي يعني بركة. واسمي الأخير لا أعرف معناه إنه شكل مختصر لإسم أطول كثيراً. إنه اسم يتعلق بالأم. شيء ما عن الاستمرارية لستُ متأكدة تماماً ماذا يعني بالضبط. معظم الأسماء الأخيرة، بسبب كونها نسخة مختصرة لأشياء أطول، ضاعتْ معانيها.
û روبيرت: هل تشعرين بأي ضغط بسبب اسمكِ الأول "إلهي لن يسقط"؟ هل تفكرين به؟
شيماماندا: إمْ، لا أعتقد أنني أفكر به بوعي. لكنني مغرمة باسمي كثيراً جداً.
ûروبيرت: رائع. إذا كان بمستطاعي أن أتهجاه سوف أشعر أنني بحال أفضل. في ملاحظة المؤلف، تقولين: " هل ينبغي لنا أن نتذكر دوماً. ما الذي يجب أن نتذكره؟ أتريدين منا أن نتذكر دوماً؟
شيماماندا: أريد أن أتذكر الحرب. أريد أن أتذكر الناس الذين لقوا مصرعهم. أريد أن أتذكر (تنهيدة عميقة) أريد أن أتذكر تلك الحقبة الزمنية من تاريخنا. لا أريد أن أفعل ذلك وحدي. أريد أن نتذكر كلنا.
ûروبيرت: لم أكن قد تخرجتْ في الجامعة، يومذاك كنتُ ناشطاً سياسياً نوعاً ما وقد رأيت صدمة حرب (بيافرا) في الولايات المتحدة الأمريكية كانت تشبه إلي حدٍ ما الحروب الدائرة في رواندا، أوغندا، السودان، دارفور لقد تم تسجيلها بصورةٍ قليلةٍ جداً. ربما تشاهدين ملصقات الأطفال الجياع أفريقيا ما تزال تعاني من هذه المشاكل الخطيرة ويبدو أن العالم في الأعم الأغلب غير مبال بذلك.
تغطية أخبار إفريقيا
شيماماندا: هل تعتقد حقاً أن الاستجابات هي ذاتها تجاه الحروب الجارية في مناطق مختلفة من أفريقيا؟
û روبيرت: أغلب الظن كان ثمة مزيد من الاهتمام بالحرب التي جرت في (بيافرا).
شيماماندا: أنا أعتقد ذلك أيضاً. أحسب أن أفريقيا نالت اهتماماً أقل منذ ذلك الحين. ربما كذلك لأنه خلال حرب (بيافرا) ولأول مرة شاهد الناس الأطفال الأفارقة الجياع علي شاشة التلفاز لم يكونوا يقرأون عن هذه الحرب فقط بل شاهدوها بأعينهم. إنه عار كذلك. شعرتُ بالاشمئزاز من الطريقة التي تمت فيها تغطية أخبار أفريقيا في وسائل الإعلام. ويجعلني ذلك أشعر بالغضب والعجز معاً. وإنها أفريقيا دوماً عادةً إنها أفريقيا التي لا يستطيع فيها الأفارقة أنفسهم أن يساعدوا أنفسهم، وهذا في رأيي شيء مقلِق وموجع. في كثير من الأحيان أفكر في نفسي: " لو لم أكن أفريقية ماذا ستكون معتقداتي حول أفريقيا؟ وهل ستستند علي ما أشاهده علي شاشة التلفاز الأمريكي؟ " في ظني أنني سأعتقد بأن الأفارقة مجوعة من الناس الحمقي يقتلون أنفسهم من دون مبرر. û روبيرت: في روايتك (نصف شمس صفراء)، شخصية ريتشارد تشرشل، رجل انجليزي أبيض، هو في الأرجح ترجمة لهذه المعضلة في البدء يريد أن يكتب عن الفن الذي يكتشفه، ومن ثم يريد أن يكتب رواية عن الحرب. وبعد ذلك يدرك أنه لا يستطيع الكتابة عنها وأنه غير مؤهل للكتابة عنها. يعترف بشيء يتعلق بكتابته ذاكراً أنها ستكون غير مناسبة. هل كنتِ تفصحين عن ذاتكِ عبر هذه الشخصية الروائية؟
شيماماندا: (تتنهد) حسن، إنه هو الذي يقول ذلك إنه شخصية من شخصيات الرواية. حالته مختلفة. إنه يكتب عنها بشكلٍ من الأشكال ذلك الأمر يساعد الفكرة. إنه يكتب عن الحرب للصحافة الغربية بطريقةٍ يدرك أنهم سوف يأخذونها بمزيد من الجد. القصة المتعلقة ب أوجوا وهو ينتهي من الكتابة اتخذ ريتشارد القرار الصائب. حقيقةً لا أعتقد أعتقد نعم، أغلب الظن إنها طريقتي الفريدة في التسلل في سياستي بحيث أنه ربما آن الأوان كي يكتب الأفارقة عن أفريقيا. علي مدي زمن طويل كان الكتاب غير الأفارقة هم الذين يكتبون عن أفريقيا الآن هنالك انطباع ما عن ماهية أفريقيا. لهذا السبب أتذكر أنني حين كتبتُ روايتي الأولي قال لي شخص ما: " إنها رواية غير أصلية، لأن الشخصيات مألوفة جداً". الأمر الذي كان يعني
û روبيرت: مألوفة جداً لمن؟
شيماماندا: له هو، الأمريكي لن أقول اسمه. ما أذهلني وقتذاك كان هو يتوقع شيئاً ما من أفريقيا، لذا فالشخصيات ينبغي أن تكون غير مألوفة وغريبة. في لحظاتي الأكثر سخرية فكرتُ أنه ربما كان يريدها (أي شخصيات الرواية م.) أن تتأرجح من شجرة إلي شجرة. (كلاهما يضحك).
û وبيرت: مرةً أخري، حين كنت ما أزال طالباً جامعياً بدا لي أنه كانت هنالك هذه الفورة من الولع بالأدب العالمي جري ذلك حين تعرّفتُ إلي شينوا أتشيبي ووول سوينكا وكُتّاب أمريكا اللاتينية. لقد أدهشني أن ثمة ولعاً نامياً بالأدباء الأفارقة ثانيةً. إنني أفكر ب إيويالا أوزودينما وكريس ألباني وهيلين أويييمي، وحتي أن أشخاصاً علي غرار روسل بانكس وبربارة كنغسلوفر وجون لي كاريه يكتبون عن أفريقيا. هل أن خيالي أو سوء إدراكي يجعلني أعتقد أن ثمة نشاطاً أدبياً متزايداً عن أفريقيا؟
صنوف الهلع
شيمماندا: مطبوع خارج أفريقيا، مثلاً؟ أعتقد أنه شيء حقيقي أن الناشرين تواقون أكثر كي يخاطروا مع الكتاب الأفارقة. إنهم واعون أكثر قليلاً فيما يتعلق بأشخاص من مثل جون لي كاريه والكتاب الآخرين غير الأفارقة الذين جعلوا من أفريقيا مسرحاً لوقائع كتبهم، لا أعتقد أن هذا بالشيء الجديد.
û روبيرت: من أين جاء عنوان روايتكِ ( نصف شمس صفراء).
شيماماندا: من العَلَم.
û روبيرت: إنني أتساءل عن الطريقة التي بنيتِ فيها السرد. القصة لا تنمو وتتطور بالتتابع مطلع عقد الستينات، أواخر عقد الستينات من القرن الماضي، ومن ثم مطلع السبعينات لماذا فعلتِ ذلك؟
شيماماندا: حسن، كنت أكتب رواية وليس موضوعاً سياسياً. وقد أردتُ أن تكون لي فرصة كي أتلاعب ببنية السرد. كما وددتُ أن أجعل شخصيات روايتي تحمل صفات بشرية. أن أجعلهم بكامل إنسانيتهم لا أريد أن ينسي قراء روايتي أبداً أن هذه الشخصيات كانت أناساً حقيقيين عاشوا قبل صنوف الهلع الذي وجب عليهم أن يتحملوه. لذا بدأتُ قصتي قبل الحرب بمدة طويلة، كي يتمكن قرائي من معرفة شخصياتي الروائية. لم أشأ أن أزجهم في أتون الحرب فوراً. الفكرة الكلاسيكية عن رواية الحرب هو أن تبدأ الرواية وتُرمي الشخصيات في أحد الحروب ونظل نحن نراقب عذاباتها المريرة.
û روبيرت: لاحظتُ أن الحرب تغدو حقيقيةً تقريباً في ثلث الطريق حينما يكون ريتشارد في المطار ويشاهد هذه المجزرة بخاصة هذا الشخص الذي يعمل في تفتيش جوازات السفر / الكمارك الذي كان يتكلم معه إنه مشهد مُرعب ونابض بالحيوية. وصادم. وبالطبع يهز تشرشل والقارئ بدءاً من تلك النقطة فصاعداً.
شيماماندا: تلك هي أول مرة يتعامل فيها حقيقةً مع
û روبيرت: وأول مرة بالنسبة للقارئ.
شيماماندا: حادثة (أولانا) تجري فعلاً مثل حادثة ريتشارد حيث تري أفراد أسرتها وقد قُتلوا وتكون هي في القطار العائد إلي الشرق û روبيرت: أوه، نعم، نعم، نعم هناك تشاهد هي: الأم التي في القطار مع رأس طفلها. ذلك واحد من همومي فيما يتعلق بالتسلسل الزمني للأحداث، أعود للوراء وأتقدّم للأمام. بدأتُ بإعادة ترتيب التتابع السردي. (تقهقه)
شيماماندا: قال لي أخي حينما كان يقرأها: " هل أغفلتُ شيئاً ما؟ هل أغفلتُ بعض الصفحات؟ "
û روبيرت: عند القسم الثالث كنتُ أعود لأقلّب الصفحات كي أتأكد من أنني عرفتُ أو فهمتُ الزمن وتسلسل الوقائع آسف للمقاطعة.
شيماماندا: بطبيعة الحال لم أشأ أن أربك قارئي. واصلتُ الرجوع، آملةً أنني استخدمتُ تفصيلاً دقيقاً كي أذكّر القارئ أنكَ حين تتحرك إلي الأمام وترجع إلي الوراء تمنيتُ أنه كانت هنالك مؤشرات قليلة يعرف فيها القارئ " أوه، حسن، عُدنا ". وكذلك في القسم الثاني حين نقفز إلي أواخر عقد الستينات، ثمة أشياء لا يعرفها المرء. " من أين جاء (بابي) وماذا جري؟ " بالنسبة لي، ثانيةً، إنها ببساطة تقنية رواية أردتُ أن أبقي القارئ مستغرقاً في مطالعة النص.
û وبيرت: كنتِ واضحةً جداً في أن هذا الكتاب رواية فبينما تقدمين قائمةً طويلةً من الكتب بوصفها مراجع ذُهلتُ لدي رؤيتي كتاباً من تأليف فردريك فورسيث عن حرب بيافرا.
شيماماندا: أوه ياللطيبة، كان نصيراً مخلصاً ل بيافرا. ألف كتاباً عن جكويميكا أو ديوميغوو أوجوكوو أيضاً. الواقع لقد أقام معه ردحاً من الزمن. بشكل من الأشكال فكرة ريتشارد أتت من فردريك فورسيث. ريتشارد لا يشبهه علي الاطلاق، بالطبع، إنما مجرد إحساس رجل بريطاني أصبح بيافرياً أكثر من البيافريين أنفسهم. الواقع كانت فكرة أتت إليّ منه، أي من نورسيث.
û روبيرت: لقد تساءلتُ لماذا لم تضعي خرائط، أغلب الظن في الصفحات الأخيرة من الرواية.
شيماماندا: لم أشأ أن أفعل هذا لأن ذلك سيجعل منها (أي الرواية) جد واقعية. وجاء الإيحاء مرات قليلة فقط في عملية التحرير لكنني شعرتُ فقط بأنه سيجعل منها بعيدةً عن القصة المتخيّلة. أنا شخصياً، لا أحب الروايات التي لها خرائط. (كلاهما يضحك) لسبب واحد، هو أنني لا أنظر إليها.
û روبيرت: هل الانجليزية هي لغة نيجيريا الأولي؟ شيماماندا: إنها اللغة الرسمية.
ûروبيرت: لا قلق فيما يتعلق بترجمتها هل نُشرتْ في نيجيريا؟
شيماماندا: سوف (تطلع) في نهاية هذا الشهر.
û روبيرت: ماذا تعتقدين بشأن نشرها؟
شيماماندا: إنني أتطلع بشوق كبير إلي نشرها في نيجيريا. سوف أرجع في كانون الأول كي أشجع ذلك. الواقع أتمني أن يبدأ النقاش بشأنها. بيافرا ما تزال موضوعاً ضخماً إنها شيء نستمتع بتجنبه. نحن لا نعترف رسمياً بأن حرب بيافرا قد حدثتْ.
û روبيرت: حقاً؟
شيماماندا: في سبيل المثال، لم يدّرسونا عنها في المدرسة. ومن ثم فإن الحديث عنها _
û روبيرت: ماذا عن أولئك الناجين منها؟
شيماماندا: بصورةٍ ممتعة، عدد من الأشخاص كتبوا لي فعلاً قائلين: " أوه، كتابك فرصة كي تحدثني أمي عن الحرب." لأنهم لم يحكوا لأولادهم عنها. أخمن أن الشيء الحي الباقي بعد الكارثة عندما تفقد أفراد أسرتك
û روبيرت: النكران؟
شيماماندا: أجل، أنتَ تريد المسير قُدُماً، المسير قُدُماً كما أن هنالك أشياء كثيرة جداً غير محلولة، غير مقررة. الطريقة التي انتهتْ بها الحرب بدا كما لو أن الحرب قد وضعتْ أوزارها، متمردوكم مُنيوا بالهزيمة، لنتقدم إلي أمام.
û روبيرت: ختمتِ روايتكِ بالجنود النيجيريين وهم يواصلون ترويع سكان الايجبو ومضايقتهم باستمرار.
شيماماندا: يجيء ذلك مع النصر لو أن بيافرا كسبتْ الحرب، ربما كانوا سيفعلون ذلك.
û روبيرت: أما تزال العداوة موجودة هناك؟
شيماماندا: إنها لا تظهر نفسها بتلك الطريقة. لن يضربك الجنود لأنك (إيجبو)، إنما هنالك موضوع مجاور.
û روبيرت: هل سيضربونكِ لأنكِ ترتدين النظارات؟
شيماماندا: لا، لا، بالتأكيد لا. ثمة موضوع مجاور في الطريقة التي يقيم فيها أحدنا صلةً بالآخر. سوف تسمع الناس في نيجيريا يقولون شيئاً ما من مثل: " أوه، سوف لن يكون لنا أبداً رئيس جمهورية من (الايجبو). نقول هذا اليوم. وفي خطابنا السياسي الأكثر رسميةً، نتكلم عن التناوب السياسي الجغرافي. لذا نريد رئيس جمهورية من الجنوب الشرقي ومن ثم يجب أن ينحدر الرئيس التالي من منطقة أخري. إنه شيء ذو مغزي حينما تعرف تاريخنا كان لنا تاريخ طويل من الإقصاء والتهميش. لكنه شيء يقلقني: إنني أجده شيئاً جد غير ديمقراطي. ربما لأنني مثالية. إنما بأي حالٍ من الأحوال، هذا هو نوع السياسة الذي عندنا.
û روبيرت: النيجيريون الطموحون يغادرون بلادهم ويذهبون إلي بريطانيا والولايات المتحدة، أليس كذلك؟
شيماماندا: حالما يحصلون علي تأشيرة دخول يغادر النيجيرون بلادهم. إنهم يذهبون إلي غانا كي يتلقوا تعليمهم.
û وبيرت: هل لديهم مدارس جيدة؟
شيماماندا: مدارس غانا ليست في وضع سيء كحال المدارس النيجيرية.
û روبيرت: هل ثمة رقم دقيق عن عدد النيجيريين المغتربين في شتي أصقاع العالم؟
شيماماندا: لا أعرف إنهم ينتمون إلي الطبقة الوسطي، هدف الطبقة الوسطي أن يغادر فرد واحد من العائلة نيجيريا.
û روبيرت: إنني أسأل عن العدد لأنه هل تنظرين إليه بوصفه شتاتاً معاكساً أو هجرةً جماعيةً معاكسة حين يعود النيجيريون المغتربون؟ هل أنتِ وطنية؟
شيماماندا: عليّ أن أطلب منكَ أن تعرّف لي ذلك.
û روبيرت: أنتِ تحبين بلدكِ وتثقين به. سوف يكرّسين طاقاتكِ واهتماماتكِ كي تحّسني الأوضاع هناك.
شيماماندا: فيما يتعلق بالأخيرة نعم. لا أثق بنيجيريا كما هي موجودة الآن. إنني أثق بإمكانات نيجيريا. يقيناً لا أثق بالحال التي عليها راهناً.
û وبيرت: صادفتُ اقتباساً من صحفي جنوب أفريقي: " الوطني هو الشخص الذي ينقذ بلده من حكومته. " بصورة مشابهة قال الكاتب الأمريكي ادوارد أبي: " يجب أن يكون الوطني مستعداً للدفاع عن بلده ضد حكومته."
شيماماندا: (تقهقه) ذلك تعريف جيد فهمت، نحتاج فعلاً إنني أهتم به لأنه الوطن وإنه الوطن الوحيد الذي أملكه.
ûروبيرت: ما هو إحساسكِ حين تؤوبين إلي بلدكِ هل ثمة إحساس طيب لا يُوصف.
شيماماندا: نعم، تتخلله لحظات من الغضب الشديد. والعجز. هنالك أشياء كثيرة جداً تجعلني أتميز غيظاً بشأن نيجيريا. إنما نعم، الإحساس بأنني أملك أسرةً هناك، إنه الوطن، هو المكان الذي قلما يتم فيه استجواب أسرتي، علي ما أعتقد. كما إنه الإحساس بامتلاك ذكريات مدهشة جمة عن حقبة نشوئي. كنتُ محظوظةً جداً في أن أنعم بطفولةٍ سعيدةٍ حقاً. وثمة جزء من كياني يحن بيأس وأعتقد أن ذلك هو السبب في الأرجح أن حبي لطفولتي يغدو حبي لوطني وأسرتي.
ûروبيرت: إني أتساءل عن مزج " الحنين " ب " اليأس " شيماماندا: (تضحك)
û روبيرت: ما هو شعوركِ بالطريقة التي تتم فيها معاملتكِ في الولايات المتحدة؟
شيماماندا: أشعر بأنني أفريقية.
û روبيرت: ما السبب؟
قصة خيالية أدبية
شيماماندا: قبل تخرجي في الجامعة حين يتم ذكر أفريقيا، يلتفت إليَّ الجميع. كانوا يتوقعون مني أن أشرح لهم أنني من مصر وهلم جراً. صرتُ أحب أمريكا. في البدء لم أكن كذلك. وإنه حب يلزمني في كثير من الأحيان أن أخففه. (تقهقه)
û روبيرت: ما السبب؟
شيماماندا: حسن. (تضحك) بعد مجيئي إلي هنا بشهور قليلة، عرفتُ أول مرة أنني سوداء. أصبحتُ سوداء في أمريكا. لم أكن واعيةً بعِرقي إلي أن أتيتُ إلي الولايات المتحدة. الواقع جري ذلك في مخزنٍ للكتب. أقبلتْ إليّ امرأة وقالت بصوتٍ قصير وحاد: " ألم تري القسم الأفريقي الأمريكي؟ " أعتقد أنني كنتُ أتطلع إلي قصة خيالية أدبية ربما ظنت أنها كانت مهمةً جداً بالنسبة لي. كانت واحدة من تلك اللحظات، ولا أملك الكثير من تلك اللحظات حيث يدهشك شيء ما وتفكر: " أوه نعم، إذاً هذا هو ما " ومنذ ذلك الحين أصبحتُ واعيةً أكثر من اللازم بهذا الأمر.
û وبيرت: ألم تكن هنالك حركة أدبية أفريقية سُميتْ ب (الزنوجة)؟
شيماماندا: أجل. في المقام الأول، كانت بالأخص فرانكوفونية، وفي اعتقادي الطريقة التي عملت بها الكولونيالية في أفريقيا الناطقة بالفرنسية كانت مختلفةً كل الاختلاف عما عملت بها في أفريقيا الناطقة بالانجليزية. قيل أن وول سوينكا قال عن (الزنوجة) بأن النمر لا يحتاج إلي الإعلان عن (نمريته) (كلاهما يضحك).
û روبيرت: مثال جيد.
شيماماندا: كذلك ما هو مقلِق بالنسبة ل (الزنوجة) هو ليوبولد سيدار سنغور، الذي بدأها هو فعلاً، أنها ذات آراء مقلقِة قال شيئاً ما عن السواد كونه حدسي عاطفياً وأن البياض يكاد يكون إنني أعيد الصياغة وأضيعها من بالي (الاقتباس مترجَم: " التحليل، النظام، والمنطق كلها تنتمي للعِرق الأبيض" و" العاطفة، الحدس، الحسية، والروحانية تنتمي للعِرق الأسود"). الواقع بالنسبة لي، أتذكر أنني قرأتُ هذا وحقيقةً قلقتُ وانزعجتُ منه. بدا أن سينغور رفع حقيقةً اللغة الفرنسية والعقل الأوربي ومن ثم يبدو أنه كانت لديه مشكلة كونه فخور كلياً بأفريقيته السوداء. الاستعمار الفرنسي ترك أثراً طيباً في سينغور وفي كثير من زملائه السنغاليين. في رأيي الزنوجة شيء لست مولعةً به ولعاً كبيراً.
û روبيرت: أَلَمْ تجعلكِ إقامتكِ في نيجيريا واعيةً عِرقياً؟
شيماماندا: لم أكنْ حتي أعرف عن هذا الأمر إلي أن بدأتُ بالقراءة بعد ذلك بمدة طويلة. ترعرعتُ في مدينة جامعية كوزموبوليتية باعتدال ومن هنا كان لي عدد كبير من الصديقات كان آباؤهن ينحدرون من مكانٍ آخر. إذاً كان الناس من جيل والدي قد مضوا إلي المدارس الأوروبية وعادوا مصطحبين معهم زوجات. كانت ثمة امرأة من غانا لها زوج أبيض وقد استحسنتُ هذا. دنت من التكافؤ علي أساس الجنوسة بصورةٍ رديئة النوع إنما في أغلب الأحيان كان الرجال هم الذين يتزوجون من البيضاوات وإنني أتذكر ذلك الآن وأفكر به إنه شيء يدهشني الآن أنني لم أكن أعيه وقتذاك. كانت صديقاتي ذوات بشرة أفتح وشعرهن مختلف ويسافرن إلي خارج البلاد مراراً، الشيء الذي يجعلني أغار منهن أحياناً. كان بوسعهن أن يسافرن إلي ما وراء البحار ويعدن بالشوكولاته لم أكن أعرف حقيقةً، كان العِرِق شيئاً تجريدياً جداً. قرأتُ (الجذور) (رواية شهيرة ل أليكس هيلي، تحولت إلي مسلسل ذائع الصيت في سبعينات القرن الماضي م.) حين كنتُ أصغر سناً. أحببتُ الرواية، كتبتُ بعض الأشعار السيئة عن العبودية، لكنها لم تكنْ شيئاً واعياً. إلي أن أتيت إلي الولايات المتحدة، وقتذاك فكرتُ قائلة: " أوه، حسن ". وبعدها بدأتُ أتعلّم، طالما أنني أسكن هنا، ليس لمجرد كوني سوداء، كان ذلك اللون الأسود قد عني أشياءً كثيرةً وهذا هو الذي ما أزال أقاومه النظريات البالية التي تأتي مع اللون الأسود. وكذلك كانت هنالك أشياء جيدة. حين أقبلتُ أتذكر أن شخصاً ما قال لي، رجل أسود خاطبني قائلاً: " أيتها الأخت ". فكرتُ: " هل أنتَ مجنون؟ لستُ أختك. لديّ أختان. كف عن هذا. " لكنني الآن، الآن أنا مزهوة جداً وأتكلم عن هذا الأخ وتلك الأخت. إذا كانت هنالك أشياء جيدة تتعلق باللون الأسود، أحب الإحساس ب (انتمائنا لجماعةٍ واحدة). ثمة أشياء تتعلق بالولايات المتحدة لا أعتقد أنها موجودة في أي مكان آخر، بسببها أجد نفسي أشعر بالعرفان بالجميل. وإنه شيء ذو معني أنكَ تستطيع في سبيل المثال، لقد نشرتُ هنا بطريقة لا أعتقد أنه بوسعي أن أفعلها حتي في بريطانيا، حيث هنالك كثير من الأعمال. وإنه شيء مسلٍ بالنسبة لي أن تقول صديقاتي الانجليزيات: " أوه، أمريكا، ثمة عنصرية كثيرة جداً في أمريكا. ". إنني أفكر (تقهقه) " أغلب الظن مشاكلكم أسوأ " لا أدري ما إذا بوسعنا أن نعقد مقارنات مباشرة.
û روبيرت: أنا وأنتِ عشنا خارج البلد إنه شيء مذهل بالنسبة لي حتي أكثر الأمريكان فقراً وعوزاً هم مادياً أفضل حالاً من كثير من الفقراء في بقية أنحاء العالم. ثمة أناس يعيشون علي مستودعات القمامة في ريو دي جانيرو ومانيلا ومكسيكو. الفقر هنا ليس كما هو في بقية بلدان العالم.
شيماماندا: لا، ليس مثلها. لكن بعدها يلزمنا أن نتساءل كيف نعرّف الفقر. الشخص الفقير في نيجيريا ما يزال يحمل الإحساس
û روبيرت: بالكرامة؟
شيماماندا: ربما.
û وبيرت: لاحظتُ في الأمكنة الفقيرة التي زرتها أن الناس ما يزالون عطوفين مع أحدهم الآخر وكرماء، ولم يتحولوا إلي قوارض ينشب أحدهم مخالبه في لحم الآخر.
شيماماندا: نعم، هذا ما أعنيه علي وجه الدقة. ما يزال يقلقني ما يتعلق بالكرامة في نيجيريا. لدينا هوّة شاسعة بين الأثرياء والفقراء وإني أراقب الطريقة التي يعامل بها نيجيريو الطبقة الوسطي مستخدميهم المنزليين بصورة مروَّعة. لكنني أفضّل أن أكون فقيرةً في نيجيريا علي أن أكون فقيرةً في الولايات المتحدة.
û روبيرت: في الرواية (ماستر) يعامل غلام المنزل خاصته (أوجوو) كما لو كان ابنه _
شيماماندا: نعم، وذلك شيء نادر حقيقةً.
û روبيرت: الأختان التوأم مختلفتان جداً ويبدو أنهما تؤطران التناقض الكامل للرواية.
شيماماندا: صحيح لكنهما ليستا مختلفتين كما تبدوان ظاهرياً علينا أن ندرك ذلك. أردتُ الواقع أنا مولعة بالأسرة وكيف يكون حال الأُسر. وكيف نحب ولا نحب وأشياءً من هذا القبيل. الحقيقة، أردتُ أن أظهر الحرب بوصفها زمناً يتوّحد فيه الشعب، وليست فقط زمناً للموت. ولد شقيقي إبان سنوات الحرب. في كثير من الأحيان أفكر في الظرف العسير الذي عاشه والداي الذي فقدا فيه كل ما يملكانه. لكن مع ذلك ولد أخي.
û روبيرت: اختفاء (كايينين) أحد الأشياء المرعبة في الحرب لديكِ أحبة لا تعرفين ماذا جري لهم خلال أهوال الحرب. جزء من مآسي الحرب أننا نضيع الأعزاء والأحبة.
شيماماندا: الإختفاء أسوأ من معرفة أن شخصاً ما مات. عدد غفير من الناس ممن تحدثت إليهم حينما كنتُ أؤلف روايتي هذه لا يعرفون مطلقاً. وما حطم فؤادي أكثر هو ذلك الإحساس الذي أخذته من هذا الرجل تحديداً، الرجل الذي تحدثتُ معه الواقع جاءت منه قصة مراقبة الجسد الذي يركض من دون رأس. كان والده قد غادر ليمارس مهنة التجارة أو ما شاكل، ذهب في واحدة من الرحلات التجارية الضرورية التي تجري خلال الحرب. ولم يعد أبداً وأخذتُ هذا الإحساس من هذا الرجل الذي ظل يعتقد أن والده ربما مرت علي ذلك سنوات طويلة. وما زالت هذه الواقعة تقّطع نياط قلبي.
û روبيرت: يبدو أن متابعات جيدة جداً كُتبتْ عن (نصف شمس صفراء) والكتاب صدر خلال الشهر المنصرم أو نحو ذلك. ما هو رأيك بهذه الاستجابة؟
شيماماندا: لا أقرأ عروض الكتب والمتابعات. لكنني حقيقةً مسرورة ومندهشة بكل معني الكلمة أن الولايات المتحدة، أن الأمريكان والصحافة الأمريكية يعاملون هذا الكتاب باحترام. ولا أكترث إذا تم عرضه بصورةٍ سيئة إذا ما تم عرضه. ذلك بالنسبة لي حقيقةً والقراء منشغلون به. ولا أدري ما هي التوقعات. حقيقةً لا أدري.
û روبيرت: هل تم عرض روايتك (الخبازي البنفسجية) بصورة جيدة؟
شيماماندا: لا، حقيقةً. لا في الولايات لمتحدة ولا في بريطانيا، روايتي الأولي لم يُنظر إليها بجدٍ كبير، في الولايات المتحدة لم ينظروا إليها بجدٍ حقيقةً. ثمة نظريات بالية تأتي مع كونك كاتباً أفريقياً كنتُ قلقةً منها مع روايتي الثانية (نصف شمس صفراء م.) لذا فإنني جد مسرورة، مسرورة حقيقةً. ومندهشة ونعم
û وبيرت: هل تشعرين بالحاجة إلي اكتساب مجموعة من المعارف؟
في منزل أتشيبي
شيماماندا: أود أن أدرس أفريقيا رسمياً (أي في مؤسسة رسمية: جامعة أو معهد الخ م.). أريد أن أقرأ أشياءً ربما لن أقرأها بنفسي. أريد أن أكون عضوة في جمعية يُطلق عليها اسم (جمعية العاملين بالثقافات الأفريقية)، وهو مصطلح أعدّهُ مسلياً. أبغي العثور علي أجوبة. ثمة أجوبة كثيرة جداً غير متوفرة لديَّ وربما لن أملكها لكنني أريد أن أحاول الحصول عليها وأعتقد أن دراسة أفريقيا هي أحد السبل التي بواسطتها أنال بغيتي.
û روبيرت: هل كنتِ تطمحين دوماً أن تصبحي كاتبة؟ شيماماندا: أعتقد أنني كنتُ كاتبة منذ نعومة أظفاري. أعتقد أنني ترعرعتُ في مكانٍ لم تكنْ فيه مهنة الكتابة مبجلة بصورة متميزة. لذا ظننتُ أنني كنتُ كاتبة لذا حين يسألني الناس متي بدأتِ بالكتابة، أعتقد أنني بدأتها حين كنتُ في الرابعة. (تضحك) وكان ذلك في مدينةٍ جامعية لكنها أيضاً مكان يضم الناس المحترمين والمبجلين فمنهم علماء الفيزياء وعلماء الرياضيات والأطباء والمحامون. لذا فإن كاتبةً، هممم
û روبيرت: العُرف الأدبي في نيجيريا، أليس هو ناشئاً؟ نامياً؟
شيماماندا: كلا ليس بالضرورة ناشئاً. كان العُرف موجوداً هناك وثمة تسكن أسرتي في منزل أتشيبي. نشأتُ في ذلك المنزل، حيث أقام فيه أتشيبي فعلاً وكان هنالك عدد من الكتاب الآخرين يسكنون في (نسوكّا). ثمة تقليد كتابة رائع يأتي من تلك المدينة الجامعية. إنما ثانيةً، الكتب كانت محبوبة وكان الناس يحترمونها، إنما لم يحدثْ الآباء لا يقولون لأبنائهم: " أنتَ ستصبح كاتباً ".
û روبيرت: إنهم لا يقولون ذلك في أي مكان. أين يقولون ذلك؟
شيماماندا: ثمة شيء من الاحترام فيما يتعلق بمهنة الكتابة.
û روبيرت: يقيناً، إنما ما من أب (أو أم) يقول لابنته أنتِ ستصبحين كاتبة. بخاصة الآباء المهاجرون.
شيماماندا: نعم هذا ما نويتُ أن أقوله. نعم، الآباء المهاجرون. ما من ريب.
û روبيرت: بالمناسبة، لا تسعفني الذاكرة ما إذا كان ذلك تعريفاً بالكتاب أم أنني قرأتُ أن أتشيبي قال هذا الشيء الرائع عنكِ. ماذا حدث حين قرأتِ ذلك؟
شيماماندا: بقيت أسفح الدمع طوال اليوم. û روبيرت: ( يضحك).
شيماماندا: لا، كنتُ مرتبكة. كنتُ أطمح علي مدي زمن طويل أن يقول هو شيئاً ما عن كتابي. وقيل لي إنه قرأ (الخبازي البنفسجية) وإنه أحبها. إنما هذا جاء من إبنه ولستُ متأكدةً تماماً ما إذا كان ابنه عطوفاً معي. وحين أرسل محرري هذا الكتاب له، لم أشأ لم أشأ أن أطمح بالمزيد. كنتُ أعتقد أنني لا أريد تعريفاً بالكتاب، بل مجرد أن يقرأه. ولن أنسي أن دريسر روبن اتصلت بي قائلةً: " اتصل أتشيبي تواً ويريد أن يقدّم تعريفاً للرواية "، وحين قرأت التعريف لي، إنه هذا الشيء فقط ولأنه مهم جداً بالنسبة لي، لأنني حقيقةً أحترم عمله كنتُ قد شرعتُ بالبكاء. لم أكن أعرف ماذا يمكنني أن أفعل غير ذلك. وبعدها بطبيعة الحال حين نزلتُ من تلك العلياء، فكرتُ في نفسي: " أوه، يا إلهي، الآن ثمة هذا الأمل الهائل، إذا كان هو يظنني هكذا، هل سأقضي عمري هكذا، وما شاكل. لكن ذلك كان غايةً في
ولع كبير بالموسيقي
û روبيرت: إنه مسح بالزيت. (كلاهما يقهقه)
شيماماندا: إنه أمل مخيف لكنه جعلني سعيدةً جداً أيضاً.
û وبيرت: إذاً حياتكِ زاخرة بالدراسة، القراءة، والكتابة.
شيماماندا: لسوء الحظ، نعم. في كثير من الأحيان يقول لي الناس: " هل تقومين بشيء آخر؟ " أفكر: " لماذا يتعين عليّ أن أفعل شيئاً آخر؟ "
ûروبيرت: لماذا قلتِ إذاً " لسوء الحظ "؟
شيماماندا: أقولها بوقاحة. أتمني أحياناً، في سبيل المثال، أن يكون لديّ ولع كبير بالموسيقي. أعزف علي القيثارة، كما أنني مولعة بالتزلج علي الجليد والتجديف بالكياك (زورق جلدي من زوارق الاسكيمو م.) وغالباً أتمني يبدو أن هذا مفيد للمرء كي يولع به. إنما لسوء الطالع، إنني مولعة فقط بالكتب. (تضحك) وهذا الشيء حقيقي. أستيقظ باستمرار وأفكر أن ثمة أشياءً كثيرةً أجهلها (تضحك).
û روبيرت: هل أن المجتمع الإنساني الذي تتصلين به وتتحدثين إليه معظمه أدبي؟ مع مَنْ تتكلمين؟
شيماماندا: أفراد عائلتي.
û روبيرت: أمضيتِ مدةً قصيرةً في (برينستون)؟
شيماماندا: كانت لديّ زمالة وتلقيت دراسات في الكتابة الإبداعية. أحببت ذلك.
û روبيرت: مَنْ كان هناك خلال وجودك هناك؟
شيماماندا: جانج ري لي. بول مولدون كان قد غادر تواً. جويس كارول أوتس.
û روبيرت: توني موريسون ما تزال موجودة هناك، صحيح؟
شيماماندا: ثمة شيء كانت تفعله لم يكنْ واضحاً لي تماماً لكنني رأيتها مرةً واحدة كنتُ هناك مدة سنة واحدة.
û روبيرت: وماذا عن أدمون وايت؟
شيماماندا: نعم، نعم، نعم. كان في إجازة للبحث حيث يقوم بشيء ما في (مكتبة نيويورك العامة).
û روبيرت: زميل مكتبة نيويورك العامة.
شيماماندا: قال إنه أحبها، هناك الغرفة وهذا الدخول الرائع لهذه الكتب كلها. إنه حقيقةً رجل محبوب. حقيقةً، استمتعتُ بحياتي في برنسيتون. أحببتُ الناس هناك. أتذكر أنني حين ذهبتُ إلي هناك، لم أكن متيقنةً مما سأتوقعه
û روبيرت: لا بد أن برنسيتون جنة بالنسبة للكاتب.
شيماماندا: هكذا كانت بالنسبة لي.
ûروبيرت: برنامج تخرجك إذاً استغرق سنةً أم سنتين؟
شيماماندا: سنتين. أتمني أن أبقي سنتين أخريين. وبعدها لا أدري ماذا سأفعل حقيقةً. û روبيرت: هل تريدين أن تدّرسي؟
شيماماندا: أعتقد أنه يلزمني أن أدّرس. الشيء المحزن في ما يتعلق بتدوين رواية تجري أحداثها في أفريقيا والشخصيات الرئيسة أفارقة سود هو أنه ما من أحد سيصنع فيلماً منهم.
û روبيرت: ربما. شيء بعيد الاحتمال، لكنكِ لا تعرفين بالضبط.
شيماماندا: حسن ينبغي لكَ أن تكون واقعياً فيما يتعلق بذلك. لذا أطمح أن أدّرس فصلاً دراسياً واحداً في مكانٍ ما ومن ثم أعود إلي نيجيريا لأقضي بقية الوقت هناك.
û روبيرت: هل تقسمين وقتكِ الآن؟
شيماماندا: أود أن افعل هذا. أفعل هذا الآن. سأرجع في كانون الأول وأبقي طوال شهر كانون الثاني. لكن عندما تكون لي سطوة أكبر علي وقتي حينما لا أكون منشغلة ببرنامج تخرج، فبالتأكيد سوف أرجع إلي الوطن حتماً.
û روبيرت: هل لديكِ موعد لروايتكِ القادمة؟
شيماماندا: لا، لا، لا، لا. لأنني لا أكتب بتلك الطريقة. أكتب حين تأتي الأفكار والشخصيات والأحداث.
û روبيرت: شكراً جزيلاً.
شيماماندا: (تضحك) شكراً.
المصدر: The Morning News ، شبكة الانترنت.
نُشر الحوار في 23 تشرين الأول ( أكتوبر) 2006.
ملاحظة: اختصرنا الحوار، واكتفينا بما هو أكثر متعةً وفائدة م.
(1) بيافرا Biafra: ولاية انفصالية في الجنوب الشرقي من نيجيريا. أغلب سكانها من (الايجبو). هذه الولاية وجدتْ للمدة بين 30 آيار (مايو) 1967 و 15 كانون الثاني (يناير) 1970. الايجبو هم الذين قادوا الانفصال بسبب ضغوطات اقتصادية، عرقية، ثقافية ودينية ضمن الفئات المتنوعة لسكن نيجياريا. بسبب هذا الانفصال جرت الحرب الأهلية النيجيرية التي سميتْ ب الحرب النيجيرية البيافرية م.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.