من الواضح جلياً أن الحكومة اتجهت للمكاشفة في جميع اللقاءات والاجتماعات التي حدثت بين قياداتها ومشهود بدرين الخبير المستقل لحقوق الإنسان بالسودان المفوض من الأممالمتحدة والذي وصل البلاد الاسبوع الماضي في زيارة استغرقت (10) أيام، ووضعته أمام ميزان بكفتين، طرحت له جميع مجهوداتها التي بذلتها مؤخراً لتعزيز أوضاع حقوق الإنسان بالبلاد، وفي المقابل طالبته بافادات قاطعة وواضحة عما قدمه المجتمع الدولي للسودان لتعزيز أوضاع حقوق الإنسان وفقاً لاختصاصاته، وفتحت في الوقت ذاته الباب أمامه واسعاً لزيارة اي مكان ينوي وصوله وأخذ المعلومات التي يريدها في مجاله. ويبدو أن شفافية الحكومة طرقت أبواب الإعلام عندما طلب من الزملاء حضور الاجتماع بين وزير العدل والخبير المستقل ببرج العدل بالخرطوم بطلب من الوزير، وقد ترددوا بادئ الأمر- إن لم يكذب بعضهم الدعوة- وذلك لأنها المرة الأولى التي يكون فيها الاجتماع مفتوحاً للصحفيين وبقية الأجهزه الأعلامية في خطوة عمدت منها الحكومة أن يكون وضع النقاط على الحروف مع (مشهود) هذه المرة على المكشوف، ولتصل رسالتها بصورة مباشرة للمجتمع الدولي الذي مازال الكثيرون فيه ناقمون على الحكومة في هذا المجال.. وأول سؤال وجهه مولانا محمد بشارة دوسه وزير العدل للخبير المستقل بعد أن أكد على تعاون السودان معه فيما يلي مهامه حول ما قدمه المجتمع الدولي للسودان في مجال تعزيز أوضاع حقوق الإنسان، وربط دوسة إجابة الخبير على سؤاله بأن يبين ذلك منذ توليه مهامه في العام2011م، وعكس ما قدمته المؤسسة الدولية وما يتردد منها عند مثوله أمامها، وأكد أن السودان اجتهد خلال الفترة الفائتة لتعزيز أوضاع حقوق الإنسان بالبلاد، وسعى في انفاذ الخطة العشرية لتعزيز حقوق الإنسان بالبلاد، والتي أشار الى أنها تحتاج الى دعم فني من المجتمع الدولي الذي نصب الخبير المستقل في السودان لهذا الجانب، وأحاط دوسة الخبير المستقل رسمياً بما احتوت عليه وثيقة الإصلاح التي قدمها رئيس الجمهورية في خطابه الأخير، مشيراً الى ارتباطها بتعزيز أوضاع حقوق الإنسان في السودان لاشتمالها على أربعة محاور هي السلام لأجل إنهاء النزاعات، باعتبار أن السودان من الدول التي ابتليت بالحروب بحسب وزير العدل وبذل مجهوداً لترميم النزاعات باتفاقيات السلام والحوار مع حملة السلاح. وشن وزير العدل هجوماً لاذعاً على المجتمع الدولي في هذا الجانب، ووصف دوره بالخجول في المراحل الماضية حيال حملة السلاح وإحلال السلام بالسودان، وفيما يلي المحور الثاني المتعلق بالحريات والعمل السياسي، ذكر دوسه أن الدولة عازمة على بسط الحريات المنضبطة، وأن هناك استعداداً لعمل دستور جديد متضمن للحريات، وحول المحور الثالت المتعلق بالفقر ومحاولة اصلاح الاقتصاد حمل الوزير المجتمع الدولي المسئولية في إدخال المواطن السوداني في نفق مظلم بفرض عقوبات اقتصادية على البلاد، وطلب من الخبير المستقل أن يسعى المجتمع الدولي لرفع العقوبات والقرارات الظالمة لينهض السودان اقتصادياً، وكان المحور الأخير حول الهوية، حيث شدد دوسة على عدم وجود مشكلة في الثقافات أو الديانات ولكن طرح هذا المحور لمزيد من الشفافية. أما ضيف البلاد مشهود بدرين دافع عن الدور الذي قام به منذ توليه مهامه مبيناً أنه التقى بعدد من المسئولين الدوليين، وبحث معهم المعوقات التي تواجه حقوق الإنسان بالسودان، وأوضح أنهم ارجعوا التباطؤ في دعم السودان ورفع العقوبات عنه لطرد موظفين أمميين من البلاد، الى جانب إحداث أخرى، فيما بررله وزير العدل طرد مسؤولين بالأممالمتحدةبالخرطوم لتصرفات شخصية، وأن أي انتهاكات ومعاكسات لحقوق الإنسان بالبلا د التي يتم الحديث ليست ممارسات متأصلة أولها حالات فردية تحدث حتى في المجتمعات الغربية.. وأقر بدرين بوجود معوقات أمام تعزيز أوضاع حقوق الإنسان في السودان على رأسها العقوبات الأحادية المفروضة على الخرطوم، وذلك خلال اجتماعه مع مفوضية حقوق الإنسان والتي أكدت للخبير على وجود تحديات في الوضع الإنساني بمعسكرات النازحين واللاجئين. زيارة الخبيرالمستقل الحالية للبلاد ولقاءاته المتعددة بمسئولين بالخرطوم وتوجهه الى ولايات دارفور وجنوب كردفان، أبرز اتجاهاً غير مسبوق لمعرفة الاحتياجات الأساسية لدعم أوضاع حقوق الإنسان بالسودان، خاصة وأنه تم تجديد ولايته لعامين آخرين، وقطع نقيب المحامين الطيب هارون في حديثه ل (آخرلحظه) بأن دور الحكومة ومنظمات المجتمع المدني عكس احتياجات السودان في الجانب الفني لتعزيز أوضاع حقوق الإنسان بصورة واضحة حتى يتسنى له طرحها على المجتمع الدولي في جانب بناء القدرات وورش العمل، واعتبر هارون أن المساعدات التي قدمت خلال الفترة الفائتة من قبل المجتمع الدولي مازالت دون الطموح وضعيفة. واتهم الأخير بالتسبب في انهاك المواطن السوداني جراء العقوبات الاقتصادية المفروضة، والتي صعبت استيراد كثير من مدخلات الإنتاج في مجالات مختلفة وقطع غيار، وكشف نقيب المحامين عن لقاء طويل جمعهم بمشهود استفسرهم عن المواد المتعلقة بالزي الفاضح وجرائم الاغتصاب والدستور.. ومهما يكن من أمر فإن زيارة مشهود التي تعاملت معها الحكومة على المكشوف اختلفت عن أي زيارة لمسؤول أممي، مما يعني أن الحكومة غيرت من طريقة تعاملها مع المجتمع الدولي، لكن تبقي العبرة بخواتيم فهم الأخير للأوضاع في السودان.