ما أن صرح الدكتور كمال عبيد كأحد القياديين بالمؤتمر الوطني وأحد وزراء هذه الحكومة المنتخبة بأنه في حال الإنفصال، لن تكون في الشمال المواطنة لأبناء الجنوب من الدرجة الأولى.. وكذلك بالنسبة لأبناء الشمال في الجنوب، وليس في هذا التصريح أي أمر يستغرب له أن تهال بسببه التراب على الرؤوس، أو أن نلطم جباهنا بكاء على الوحدة.. وقادة الحركة ابتداء من المشاركين في حكومة الوحدة الوطنية أو الذين يحتلون مقاعد في المجلس الوطني تنازلاً من المؤتمر يقولون مالم يقله الأوائل.. في حق أبناء الشمال الذين ظلوا يخدمون في الجنوب في مختلف المهن، على رأسها التجارة التي هي أساس المعاملات التي تربط الناس ببعضها بصورة مباشرة وكذا التدريس والتعليم. الحزب الشيوعي بكامل منسوبيه بدلاً من مناقشة قضية الوحدة إن كان حريصاً بالفعل عليها.. صب جام غضبه وصوب أقلامه تجاه الدكتور كمال عبيد الوزير المنتخب من القاعدة الشعبية ليمثل قطاعات كبيرة من الشعب السوداني عبر دائرته، ويعبر عن روح كل الجماهير السودانية شماليين وجنوبيين، داعياً لهم للتصويت لصالح الوحدة، حتى لا يتجولوا في بلدهم الذي يساق صوب المذبح عنوة بفضل غلاة المعارضين للمؤتمر الوطني في الحركة الشعبية، أو قبيلة اليسار على مر التاريخ، حتى لا يتحولوا إلى مواطنين لا يستطيعون التواجد في إحدى الدولتين حال التصويت للإنفصال إلى مواطنين من الدرجة الثانية.. وهذا أمر بديهي وطبيعي أن يدخل مواطن دولة لدولة أخرى بالأوراق والوثائق الثبوتية، ويصبح بفضل الإنفصال مواطناً من الدرجة الثانية، حركته محدودة بالدساتير والقوانين.. إقامته محدودة زمنياً.. عمله وكسبه محكوم بالقوانين واللوائح..ولتأكيد ذلك نشير إلى انفصال السودان عن مصر.. هل كان كل الناس راضين عن ذلك الذي أسميناه استقلالاً لأننا في ذلك الوقت كنا تحت ما يعرف بالحكم الثنائي(الإنجليزي المصري)، وعندما كان الخيار لنا في ذهاب المستعمر فضلنا أن نعلن استقلالنا عمن كان يستعمرنا، وإن كان ذلك العمل مفروضاً عليه لتبرير عملية الاستعمار الإنجليزي، لأن في تلك المرحلة من نهايات القرن الثامن عشر بدأت مسألة تجميع المحاربين من مختلف الدول الأوروبية والعربية لإعادة استعمار القارة.. وعقب ذلك صار السودان دولة مستقلة قائمة بذاتها لديها دستورها وقوانينها ومواطنيها.. وكذا مصر وفاروق ملك مصر والسودان والعملة الواحدة التي شهدنا المرحلة الأخيرة منها.. وصار على كل مواطن في مصر والسودان أن يدخل الدولة الأخرى، وفق إجراءات قانونية ويقيم وفق مقتضيات الدستور والقانون.. ولا يمكن تغيير هذا السلوك المعروف إلا إذا تم توقيع إتفاقيات جديدة بين البلدين لمعالجة بعض الأمور.. ولكن كيف ينظر الآن دعاة الإنفصال والقابضين على مقاليد السلطة بالحديد والنار، وهم يعتقلون الصحفيين والمصورين ودعاة الوحدة من أبناء السودان، الذين يجيز لهم الدستور حق التواجد في أي مكان.. كيف يفسر المتباكون من تصريح د. كمال عبيد اعتقال منسوبي المؤتمر الوطني وتعذيبهم ليس من بين أبناء الشمال، وإنما من أبناء جنوب السودان والتصويت لم يقع بعد، والاستفتاء لم يبت في أمر تقرير المصير! كيف يرى الحزب الشيوعي الذي يطالب عبر تصريحات التجاني الطيب والمحامي المعروف بعدائه للإسلام والمسلمين وفاروق أبو عيسى، الذي نعرف مواقفه من مايو 69.. واتحاد المحامين العرب وحتى بعد ما عاد إلى البلد التي احتل منها حلايب ومثلث اليمر في أقصى جنوب شرق الجنوب!؟ لم كل هذا الصراخ والبكاء الكاذب.. هل هؤلاء حريصون على وحدة واستقرار وسلام السودان.. وهم يتحالفون ليس مع غلاة الإنفصاليين، وإنما مع الشيطان في سبيل المعارضة العمياء الصماء ليس للمؤتمر الوطني وحكومة الوحدة الوطنية، وإنما لدولة السودان الواحد الآمن المستقر الديمقراطي.. الدولة التي تتمتع بالحريات الكاملة وليس مثل حرية التأميم والمصادرة والديمقراطية الأسمية، التي لا تعترف بالآخر، ولا تعترف بحرية التعبير، ولا تؤمن بالشورى وتبادل الرأي وتداول السلطة.. والتاريخ يختزن الكثير من الأحداث والمعلومات والحقائق والمآسي والمخازي.. والذي يقول بأعلى صوته أن قطعة من أرض الأحرار ليس سودانية(حلايب) هذا لا يحق له وطنياً أن يتوشح بثوب الوطنية أنه منافق، والشعب بذكائه وحسه الشفيف يعرف من هو الذي يمشي بينه بالكذب والإفك والنفاق، ومن هو ابنه الصادق الحر الحريص على حقوقه وأمنه ووحدته وسلامة أرضه.. سؤال أخير للرفاق: لماذا لا ينبري أحدهم للرد على فاقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية، الذي توعد الحكومة والشعب السوداني بحرب من نوع جديد في أعقاب تسلمه لعشر طائرات مقاتلة من روسيا.. باخرة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة عبر ميناء ممبسا أم أن التصريحات الخرقاء من الحركة مسكوت عنها!؟.. اتمنى أن يكون جنوب السودان وطناً أولاً والرفاق مواطنين درجة أولى في دولة الجنوب.