في السودان ربما يدوخ الإنسان السبعة دوخات بحثا عن الجهة التي يمكن أن يتصل بها لتزيل عنه الضرر ، لأن هناك جهات كده على عينك يا تاجر تطبق المقولة اللذيذة « حاميها حراميها»، وعلى سبيل الطرافة دعوني أسوق هنا حكاية إمرأة أمريكية مطيورة إتصلت برقم الطواريء التابع للشرطة بعد أن قدم لها مطعم على طريق سريع كعكة « وافل « غير مخبوزة جيدا وفي حينه تعاملت الشرطة مع البلاغ بجدية ، وثمة قصة أخرى لشاب بريطاني إتصل بشرطة النجدة للإبلاغ عن وجود « ضبانه « في قمع إيسكريم إشتراه من أحد المتاجر ، إستعراض هذه السيناريوهات يؤكد أن الإنسان في الدول التي تحترم مواطنيها يجد الجهة التي يتصل بها حتى وإن كانت الشكوى تافهة ومضيعة للوقت ، لكن في السودان فإن الإنسان المظلوم يموت مليون مرة ورغم ذلك لا يجد الجهة التي يتصل بها لتبريد بطنه وأخد حقوقه وتخليصه من بؤرة المذلة لدرجة أن هناك أعدادا كبيرة هربوا بجلدهم من الوطن بعد أن فشلوا في إيجاد الجهة التي تنصفهم من بعض التماسيح الملاعين، ومن هؤلاء الهاربين رجل يمتلك كميات كبيرة من الدماء الحارة ، رجل فشل في إيجاد الجهة التي تنصفه ما جعله يتوكل على الله ويهرب من الوطن ، المهم القصة وما فيها أن الرجل سبق و أن إصطدم بأحد التماسيح، وفي حينه لم يجد الرجل أبو دم حار من ينصفه، وحفيت أقدامه وبح صوته من أجل أرجاع حقوقه الضائعة وترميم جروح المهانة التي تعرض لها ، ولكن الادهى من هذا كله أنه فشل بدرجة إمتياز في معرفة الجهة التي يمكن أن يتصل بها من أجل تقديم شكوى ضد التمساح اللعين ، المهم الرجل الهارب إكتشف أنه كان يعيش في دهليز معتم وأن الإنسان في الكثير من الدول يعرف حقوقه وأن هناك جهات تنصف الغلابا والمظلومين ، فضلا عن وجود هيئات ومنظمات لحقوق الإنسان تتولى قضايا المسحوقين والذي منه، علي فكرة الهروب من الوطن أصبح ظاهرة مؤلمة، الناس لدينا تهرب من الظلم وغلاء المعيشة والعكننة اليومية والعطالة التي أصبحت على قفا من يشيل، واللي مش عايز يشتري يتفرج، لكن السؤال الذي يقف في الحلق مثل شوكة الحوت، متى وكيف يمكن ترويض الظلم في السودان، أقول قولي هذا لأن بعض الذين يرتدون عباءة التدين هم أكثر الذين يتسببون في ظلم عباد الله أقول بعض هؤلاء وليس جميعهم،إنه سؤال مشاكس ولئيم في نفس الوقت ، وأقطع لساني لو أن هذا السؤال سيجد في يوم ما إجابة شافية وابقوا إتصلوا بالعبد لله لو وجدتم إجابة شافية .