ما كنت أريد أن أعلن فراقي للغالية العزيزة (صحيفة الوطن) وفي قلبي جروح لا يمحو براءتها الزمن، ولكني لمست وعانيت دون رعاية لما أحمله في مجال الصحافة والإعلام وأنا عندما جئت الى الوطن كان فوق رأسي المرحوم (سيد أحمد خليفة) صاحب الوطن والذي كان يعاملني- رحمه الله- برفق، ولقد شعرت ذلك وأنا في الأردن وكان وقتها قد قام بفحوصات عديدة ولم يمكث بعدها طويلاً وكان على أحسن حال، وسافر بعدها الى القاهرة ولم يمكث بها أياماً معدودات وتوفاه الله، ولا أخفي أنه دفعني لأمكث المزيد في الوطن، بل أنه يشهد الله أنه قرر رد حقوقي كاملة بعد رجوعه السودان، وأعلن لي ميعاد اللقاء بدار الوطن بتاريخ معين، وما شاء الله أن نلتقي بل كانت آخر وقفة أمام الفندق الذي يجاور المستشفى، ولا زلت أذكر لفت نظر سائق التاكسي لي وله وودعته وداعاً كان يشعر فيه بكثير من الحزن، وما كنت أنسى وقفته مع زوجتي وزيارتها بالمستشفى مراراً ويعطيها الكثير من الوصايا، عندما رجعت السودان قابلت ابنه العزيز عادل سيد احمد وقد سمع مني وكان متمسكاً بوصايا والده عني ولم يترك شيئاً، وأخبرته بذهابي الى أمريكا واستمر ينشر لي بتواصل عن الذي سلمته اليه بعد السفر، بل وأشاد بالصفحة الأخيرة على عودتي لعمود كل الزوايا، وذكر أن عبد الرحمن دقش صحفي لا مثيل له وهو أهل التكريم ووعدت عادل سيد احمد بالتواصل من امريكا، ولكن بكل أسف أن العديد من الكتابات والتي سلمت لمدير التحرير ضاعت وراحت في الهواء، لا بل أصبح النشر بالمزاج رغم أن ما ارسلت لمدير التحرير كان يمكن أن تتقاتل فيه الصحف السودانية، وكنت على اتصال هاتفي به ولم أجد كل الزوايا في النت كما كانت ووجدت مرة واحدة (رد) الأخت الفضلى سعاد عبد الرازق وزيرة التربية والتعليم الاتحادية، ولكن المئات لم أجدها أبداً وجئت عقب حضوري واتفق معي مدير التحرير بتجهيز (كل الزوايا) التي تم نشرها ولم أستلم، وبالمناسبة وجدت في (الفيسبوك) للأخت هنادي سليمان من قناة السودان العمود كاملاً الذي كتبته عنها وبصورته، وقد شكرتني وعددت ما تقوم به وقد وجدت ترحاباً شاملاً من معظم السودانيين في أمريكا، وهذا ما حدث بالتمام والكمال وأقول لمدير التحرير أنا انتظر الأعداد التي أمرت بها وسوف أبذل أقصى جهدي للحصول على ما تركت بالوطن، ولكن وأنا الذي عملت 22 سنة بأفخم صحيفة في العالم العربي (الخليج) لا استحق هذا الذل والإهانة الذي مارسته (الوطن)، وقد أخطرت الأخ عادل سيد أحمد والله خير من يستعان به وخلال كل هذه السنوات فأنا مرغوب في غير (الوطن)، وقد وضعت وصايا المرحوم سيد أحمد خليفة في جيبي ونبارك للوطن بما شاهدت من وجوه جديدة بها لم أرها من قبل، وهي تسعى بالتحرك هنا وهناك على صفحات الوطن، وهذا ما كنا نمارسه أبداً وحقاً فقدت الغالي العزيز أحمد الشريف الذي شاهدت قلمه في الانتباهة، ولكن ونقولها لأصحاب الوطن إن النيران قد اشتعلت بها ولا يمكن القضاء عليها إلا بالتريث والحكمة، وكفانا ما نقرأ ونشاهد بالوطن من صغار الأقلام والشائبة منها التي علاها الشيب ووداعاً أيها (الوطن)!! ما كنت أود أن أعلن فراقي (للوطن) لولا ما لمسته من تعفف التقدير رغم ما بذلته من جهد لرفع مكانتها، وليس ذلك غريباً من عمل بأعظم واضخم صحيفة في العالم العربي ألا وهي (الخليج) بالامارات وكان أبرز ما قرأته عن سمعتي في الصفحة الأخيرة بصحيفة (ألوان) التي قالها الأخ العزيز حسين خوجلي رئيس التحرير وصاحبها عندما حللت بالسودان بدأت عملي بالوطن، وكنت أجد الاحترام والتقدير في حياة صاحب الوطن سيد أحمد خليفة رحمه الله، ولا أنكر مواصلة ابنه عادل سيد أحمد ولكن لن تطول ضربات الآخرين وقد بدأت تنهش جسمي عندما جئت من أمريكا وكنت اتوقع التمجيد والترحيب ولم يحدث هذا ولا ذاك، فلا أملك إلا أن أقول وداعاً أيها الوطن.. وبشهادة تقدير من مفوضية استفتاء جنوب السودان (S.S.R.C.) والتي كنت اعمل فيها مسؤولاً عن الإعلام بوظيفة محرر أول ذكرت المفوضية أن تلك الشهادة منحت لي تقديراً وعرفاناً للجهد المميز، وبالصورة المثلى التي نالت الإشادة من الجميع، هذا لم انشره ولم أعرضه لمن يعمل في الوطن، ولكن في امريكا كانت الإشادة عندي بالعربية والانجليزية، وقد أشادوا بها كثيراً وفتحوا لي كل الأبواب، وهذا يكفي أيها (الوطن) وسوف اتمسك بما قالوه عني في أمريكا من إشادة وكلها ستكون لمصلحة (آخر لحظة السودانية) وهي بحق (منبر كل السودانيين).