ü عندما رزقت بمولود قبل عدة سنوات كانت تهنئة صديقي الصحفي حسين خوجلي لي «مبروك ولادة الشيب للغيب» فقلت له وأين المفر من الغيب؟. ولم تقلل تلك الملاحظة «الحارقة» من حرصي على زيادة ذريتي فالمال والبنون زينة الحياة الدنيا.. والمكاثرة إحدى ثمرات الزواج حضّنا عليه النبي الكريم لكي يباهي بنا الأمم يوم القيامة..أقول هذا الكلام وقد رزقنا الله بمولود اخترنا له اسم «حمزة» تيمناً بسيد الشهداء -حمزة بن عبدالمطلب -رضي الله عنه أسد الله ورسوله. كان حمزة يعرف عظمة أبن أخيه الرسول الكريم وكماله وحقيقة أمره وجوهر خصاله فهو كان أخاه في الرضاعة.. وتربه في الطفولة.. وصديقه في العمر كما كتب خالد محمد خالد في رجال حول الرسول. ü وأمر إسلام حمزة معلوم في السيرة فعندما بلغه ما لقي رسول الله من أبي الحكم بن هشام «أبو جهل» توجه صوب الكعبة وضرب أبا جهل بقوسه حتى شج رأسه وقال «أتشتم محمداً وأنا على دينه أقول ما يقول؟!.. ألا فرد على إن استطعت».. يقول سيدنا حمزة: ثم أدركني الندم على فراق دين آبائي وقومي.. وبتُّ من الشك في أمر عظيم.. لا أكتحل بنوم . ثم أتيتُ الكعبة وتضرّعت إلى الله أن يشرح صدري للحق ويذهب عني الرِّيَب. وغدوتُ إلى رسول الله فأخبرته بما كان من أمري.. فدعا الله أن يثبت قلبي على دينه فأسلم حمزة إسلام اليقين. وخلع النبي الكريم على حمزة لقب أسد الله وأسد رسوله.. فأول سرية خرج فيها المسلمون للقاء عدو كان أميرها حمزة.. وأول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد من المسلمين كانت لحمزة ويوم التقي الجمعان ببدر كان أسد الله ورسوله حمزة يفعل بالمشركين الأفاعيل.. وفي أُحد كانت مهمة اغتياله موكولة لعبد حبشي اسمه وحشي أغراه سيده جبير بن مطعم بالعتق إن هو قتل حمزة.. وأغرته هند بنت عتبة بأقراطها اللؤلؤية وقلائدها الذهبية حين قالت لوحشي كل هذا لك إن قتلت حمزة.. فلم يكن لوحشي أي مهام في المعركة غير اغتيال أسد الله وأسد رسوله حمزة.. وكان له ما أراد.. فقال صلى الله عليه وسلم حين رأى جثمان عمه الشهيد: «لن أصاب بمثلك أبداً.. وما وقفت موقفاً قط أغيط إليَّ من موقفي هذا.. » وقال «لولا تحزن صفية بنت عبدالمطلب ويكون سنة من بعدي لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير..» ولولا أن جاء صلى الله عليه وسلم الوحي بالآيات.. أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة إلى آخر السورة.. إذن لانتقم لمقتل أسد الله ورسوله ومثّل بثلاثين من المشركين.. وصلّى عليه صلى الله عليه وسلم بعدد شهداء أحد فقد صلّى عليه وحده ثم جئ بشهيد تلو شهيد حتى صلى عليه يومئذ سبعين صلاة.. وعندما سمع نساء بني عبدالأشهل يبكين شهداءهن قال «ولكن حمزة لا بواكي له».. وعندما بدأت النساء البكاء على حمزة قال لهن (ص).. إرجعن يرحمكم الله فلا بكاء بعد اليوم.. وقد رثاه شاعر الرسول سيدنا حسّان بن ثابت في قصيدة طويلة ومنها: دع عنك داراً قد عفا رسمها وأبك على حمزة ذي النائل اللابس الخيل اذا أحجمت كالليث في غابته الباسل مال شهيداً بين أسيافكم شلَّت يدا وحشي من قاتل ورثاه عبدالله بن رواحه فقال: بكت عيني وحق لها بكاها وما يغني البكاء ولا العويل على أسد الإله غداة قالوا أحمزة ذاكم الرجل القتيل أصيب المسلمون به جميعاً هناك وقد أصيب به الرسول وقالت صفية بنت عبد المطلب دعاه إله الحق ذو العرش دعوة .. إلى جنة يحيا بها وسرور فذلك ما كنا نُرجي ونرتجي.. لحمزة يوم الحشر خير مصير أقول وقد أغلى النَّعيُ عشيرتي.. جزى الله خيراً من أخ ونصير ü وفي اللغة الحامز والحميز الشديد الذكي.. يقال فلانٌ أحمز أمراً من فلان.. أي أشدّ.. ومنه أشتقّ اسم حمزة والحامز القابض والحميز الظريف.. والحمز في لغة هذيل التحديد يقال: حمز حديدته إذا حدّدها.. وفي حديث بن عباس سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أي الأعمال أفضل؟ فقال أحمزها عليك. يعني أمتنها وأشدَّها.. وقيل أمضّها وأشقّها وحامز الفؤاد أي شديد الفؤاد.. قال الشمَّاخ في رجل باع قوسه. فلما شراها فاضت العين عبرةً وفي الصدر حزّازٌ من الوجد حامز وحمز اللبن يحمز حمزاً اذا حَمِض وكذلك الشيء الحامض اذا لذع اللسان وقرصه فهو حامز.. وأهلاً.. «حمزة» جعله الله من أبناء الإسلام العاملين العالمين. وهذا هو المفروض،،