أصبع على الزناد وأخرى في الطرف الآخر على زناد آخر، أصبع توقع عمداً للعمالة وبيع الوطن بثمن بخس.. وأصبع أخرى توقع من صكوك السلطان ما يرى فيه صاحب العمالة مسوغاً ومبرراً لعمالته، أصبع تسود صفحات الصحف السيارة بالوجهين، وجه لا يرى حسنة واحدة للمعارضة ووجه آخر لا يرى إنجازاً واحداً للحكومة. ü والوطن يتسرب من بين أصابعنا ليس عندما تجد الحركات المسلحة نفسها مضطرة للاستمرار في الحرب اللعينة نزولاً عند رغبة أرباب نعمتها وحسب، لكنه يتسرب من بين أصابعنا أيضاً عندما تجد الحكومة نفسها مضطرة أن تكون إحدى أدوات تنفيذ المخطط الخبيث. يتسرب الوطن من بين أصابعنا ليس عندما يستمريء بعض أبنائه التآمر ع عليه كيداً في الحكام وحسب، لكنه يتسرب من بين أصابعنا عندما يتنازل الحكام عن جوهر الأشياء والموضوعات ويصرون على الاحتفاظ بأشكالها. ü يتسرب الوطن من بين أصابعنا ليس عندما يتعنت عرمان في مفاوضات أديس فتصدر المحكمة حكم الإعدام عليه بدماء أهل النيل الأزرق، ولكنه يتسرب من بين أيدينا وعرمان كان بين ظهرانينا ولم يسأله أحد عن دم الشهيد «الأقرع». ü يتسرب الوطن من بين أصابعنا ليس عندما يكذب مستشار في وزارة العدل و يدعي أنه في جلسة واحدة حضرها في قضية الطالب «مهند» استطاع إنقاذه أمام القضاء الماليزي وهو يواجه تهمة القتل وليس عندما تشكك الجالية السودانية بماليزيا في مصداقيته وحسب، ولكن يتسرب الوطن من بين أصابعنا عندما يمر الأمر مرور الكرام وكأن ربطة «الكرافتة» والركوب في عربة السفارة منفرداً لأنه موظف دولة كبير «قوي» والوقوف في الموضوع المخصص للمحامي الماليزي لمدة خمس سنوات هي عمر القضية، كأن هذه الشكليات هي أهم من شرف المهنة والأخلاق التي تلزم صاحبها بإعطاء كل ذي حق حقه. ü لو كنت وزيراً للعدل لما تركت مثل هذا الأمر يمر دون تحقيق ومحاسبة، فإما أن يفصل مثل هذا المستشار إذا ثبت كذبه أو أن يقدم رئيس الجالية السودانية بماليزيا للمحاكمة ولك الله يا سودان.. نلتقي.