ندرك أن الحكم على التونسي النابي مدرب الهلال ما زال مبكراً، وأن المدرب اشترط ثلاثة شهور لوضع بصمته على الفريق إلا أن ما يقدمه الفريق من المباريات وفي شوط المدربين تحديداً وفي مباراة هلال الفاشر أمس الأول يجعلنا نبصم بالعشرة، ونؤكد أن النابي قد وضع بصمته على الفريق، وفرض أسلوبه على اللاعبين، وحولهم الى مجموعة واحدة تهاجم مرمى المنافسين وتدافع عن عرينها، وكأن اللاعبين جنود في خنادق يصطادون خصومهم بالمنظار، فيردونهم القتيل تلو القتيل. حقق الهلال حتى الآن 6 انتصارات متتالية في دوري سوداني الممتاز (اللهم زد وبارك)، ولم تهتز شباكه لا بأقدام المنافسين ولا بالنيران الصديقة، وظل الفريق يقدم من مباراة لأخرى اداءً مقعناً يؤكد أن تيرمومتر الأداء في تصاعد مستمر، وهذا هو المهم، لأن القادم أصعب والفريق أمامه ثلاث مباريات، صعبة ومصيرية أمام ليوبارد والأهلي شندي والمريخ.. وقدر الهلال أن يكون تحت الضغط والتحدي لا يتوقف، ولكن لا يخيب من يراهن على الهلال. ظهر الهلال في مباراته أمس الأول مع هلال الفاشر بثقة يحسد عليها، ولم تحرك محاولات أولاد الفاشر في بداية المباراة اي ساكن.. فجعلهم يتناقلون ويتحركون ويهاجمون ويكسبون ركلة ركنية.. ومن ثم انقلب عليه بصورة لم يتوقعها فاروق جبرة، وأظهر الهلال شخصيته القوية، والقائد عمر بخيت يصيح في زملائه (صفا.. انتباه.. استرح) لغة عساكر (احترام وانضباط).. ونزار والشغيل في حركة لا تهدأ، وبكري يناوش ويطارد، وكوليبالي يضغط ويخزن، وكاريكا يحاول، وفي الدفاع ظهر مالك بجوار مساوي وعلى الأجناب سيسيه وبوي، فكان الهلال في الميعاد، واخرج عمر بخيت ما جناه من تجارب وخبرات ومتابعة ومعاصرة، وسجل هدفين في مرمى هلال الفاشر، الأول على طريقة الايطالي بيرلو لاعب اليوفي والثاني سوداني خالص. زرع النابي في لاعبيه الصبر والثقة والتأني، وجعلهم يقدمون مصلحة الفريق على مصالحهم الشخصية، لدرجة أن مدثر كاريكا الذي كان النجم الأول في الفريق أصبح الآن مثله مثل الباقين، ولكن هناك نجم جديد برز في ثياب التأنق والتألق أنه بكري المدينة الذي استعاد روحه القتالية وودع الأنهزامية، وأصبح يركز كثيراً، ويلعب من أجل الفريق، ويكفي أنه أحد صناع النصر في آخر ثلاث مباريات للهلال.. كان رجل مباراة الملعب المالي ونال نجومية مباراة الرابطة في كوستي، ويستحق جائزة خاصة في مباراة هلال الفاشر على هدفه الجميل وصبره الطويل من أجل أن يسكن الكرة في الشباك ليؤكد أنه رجل (الواقع والمستحيل). يسير النابي بالهلال بالطريقة التي رسمها له في أول يوم بالصورة التي يريدها، فقد أصر على طريقة (4/3/2/1)، وتحمل النقد اللاذع والبارد، ولم يعمل بما يطلبه الجمهور، ولأنه يفكر عكس الطريقة التي يفكر بها المشجعون، فقد أعاد توظيف نزار حامد كلاعب وسط متقدم، بعد أن خذله سيدي بيه وتراجع مستوى مهند الطاهر الذي لم يعد غزالاً كما كان، ولأن تفكيره في ليوبارد اشرك كوليبالي رغم أن أداءه لم يكن مقنعاً في المباريات الأخيرة، لأنه يدرك أن كرة القدم لعبة جماعية قد يسطع فيها نجماً ويصنع الفارق، ولكن النصر يأتي بالجماعية والانسجام وهذا ما يفتقده كوليبالي حتى الآن. الثقة التي يؤدي بها الفريق المباريات تسربت الى قلوب جماهير الهلال، التي تخلت عن المطالبة بفلان واشراك علان، واتجهت الى تشجيع الفريق كمجموعة وأدركت أن النصر يأتي في كسر من الثانية.. الثانية الأولى كانت أم الأخيرة.. وأخيراً اقتنع الأعداء قبل الأصدقاء أن الهلال أًصبح (فريق ثقة) لا يخشى منافسيه والدور على ليوبارد.