لا شك أن جهاز المغتربين من الأجهزة المهمة لأولئك الذين فرضت عليهم الظروف امتشاق عصا الترحال شرقاً وغرباً، إذ هم في أمس الحاجة إلى من يرعى ويهتم بشؤونهم ويقف على أوضاعهم ويتحسس آمالهم وآلامهم، محللاً لمشاكلهم متلمساً لها سبل الحل لدى جهات الاختصاص، من خلال ما يتوفر له من امكانات وقدرات. ولكن هل تمكن الجهاز من تسخير هذه الامكانات والطاقات لتحقيق أهدافه وغاياته؟ وهل تمكن من الغوص في أعماق شؤون المغتربين؟ وإلى أي مدى تمددت مساحات الرضا والتباعد بين الطرفين؟، وهل بالإمكان إصلاح ما أفسده الدهر وعبثت به يد ذاك الإنسان الذي لم يحسن قيادة الدفة؟. هذه الأسئلة وغيرها تحتاج إلى تبصر ووقفة متأنية لاكتشاف أسباب التكلس والرتابة التي انتابت عمل هذا الجهاز، في وقت بدأت فيه تزداد هموم المغتربين الخارجية والداخلية دون أن تجد أذناً صاغية لها. في خضم هذه القضايا المتشعبة برزت بعض الإشراقات على صعيد الخدمة داخل الجهاز من حيث التوسع التدريجي في استخدام التقنية الحديثة، رغم أنه ما زال دون الطموح في ظل التقدم والتطور التقني، في حين غابت خدمة الشباك الواحد، بالإضافة إلى الانتشار والتمدد الأفقي في المدن المختلفة مما ساهم في تخفيف الضغط على المركز في العاصمة، وأزاح عن كاهل سكان الأقاليم وتلك المدن عناء السفر إلى الخرطوم، بجانب توفر العديد من الخدمات الأخرى كمكاتب الأراضي داخل الجهاز، والتي تحتاج أيضاً إلى أن تنتشر بتوسع أكبر في السفارات والقنصليات، رغم الملاحظات ذات الصلة بإرتفاع الأسعار، وهامشية أماكن التوزيع وبعدها عن المركز الحضري في الغالب الأعم، وانعدام الخدمات. هذه الإشراقات لا تكفي وليست هي نهاية المطاف، بل الضرورة تحتم على المسؤول الجديد المزيد من التبصر في القضايا الأهم التي أصبحت عصية على من سبقوه، وذلك لن يتأتى ما لم يتم البدء في المراجعة الشاملة لأدوات وآليات الجهاز، مع وضع الخطط الإسعافية والعاجلة للقضايا التي لا تحتمل التأجيل. كما يقف ملف بناء الثقة المفقودة بين الطرفين حجر عثرة أمام أي نجاح لخطط وبرامج الجهاز، مع أهمية العمل على دراسة الملفات الشائكة والمتشابكة بشفافية وحيدة بعيداً عن أهواء التصنيف الذي نخر في جسد الجاليات. ينتظر المغتربون الكثير والكثير من الأستاذ حاج ماجد سوار، منها الحرص على أن يبدأ خطواته في أرضية صلبة أمام مشواره الطويل في بحر المغتربين حتى يتمكن من اجتياز العديد من العقبات، مع مغايرة النهج السابق الذي اتخذ من الإعلام وسيلة للظهور والضجيج وسط الضوضاء، دون أن يثمر عن ذلك ما يشفي الغليل، فالعمل بصمتٍ سيساعد الرجل على اجتيازه لحواجز عديدة. غداً سنبدأ بإذن الله بتناول أم القضايا التي تؤرق بال المغتربين ألا وهي تعليم الأبناء. فاصلة:تغربْ عن الأوطانِ في طلبِ العُلا وسافر، ففي الأسفارِ خمسُ فوائدِ: تفرجُ همٍ واكتسابُ معيشةٍ وعلمٌ وأدابٌ وصحبةُ ماجدِ. الشافعي