د. توفيق الطيب البشير هو استاذ مساعد بقسم التمويل والاستثمار كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وخبير اقتصادي في عدد من المكاتب الاستشارية والمشرف العام على موسوعة التوثيق الشامل وهو ايضاً اديب وشاعر، التقته النافذة في سانحة سريعة ليستعرض لنا اسباب هجرته ومسبباتها، كما تطرقنا لعدة محاور متعلقة بالسياسة الخارجية للمغترب والعديد من القضايا الحية ذات الصلة المباشرة باوضاع المغتربين في الخارج والداخل فالى مضامين الحوار.. كيف بدأت الاغتراب وهل خططت له؟ هاجرت في شهر رمضان المعظم من العام 1409ه الموافق مايو 1989م ولم يكن بتخطيط مني بل كان قدراً مقدوراً إذ تم قبولي بمصرف الراجحي بعد اجتياز الاختبار والمقابلة الشخصية في السودان مع مجموعة من المصرفيين السودانيين تم اختيارهم للعمل المصرفي بالمملكة العربية السعودية. ما هو تقييمك لسياسة الدولة تجاه المغتربين؟ لا استبعد أن تكون هناك جهود طيبة مبذولة هنا وهناك من أجل خدمة المغتربين ومؤتمرات تُعقد وتوصيات تُرفع، ولكن ما أستبعده هو تحقيق شيء من ذلك على الأرض حتى الآن، فالمغترب ظل يعطي الدولة بصبر وجلد وتضحيات بل ويدفع على كل شيء تقريبًا حتى على أورنيك التأشيرة الذي يوزع مجاناً في كل دول العالم، وما قدمته الدولة حتى الآن في أكثره توصيات ومحاضر مؤتمرات وعواطف ووعود. ونتمنى أن يجد المغترب حقه المشروع في السكن والتأمين الصحي وتعليم أبنائه أسوة بالمواطنين السودانيين في بلدهم، وإن كان هناك فرق بين المواطن والمغترب في نظر القائمين على الأمر فنأمل أن يعالج بعيداً عن المساس بالمساواة في الحقوق والواجبات. كيف يمكن للدولة التخفيف من معاناة المغتربين؟ المعاناة متعددة الأشكال أكبرها المعاناة النفسية الناتجة من كون المهاجر بعيداً عن أهله ووطنه وأقاربه وأصحابه ويضاف إليها الالتزامات التي تفرضها الدولة على كاهله من ضرائب وجمارك باهظة.. وقد سعت الدولة في فترات سابقة أن تخفف كثيراً من هذه الجبايات ولكن لا تزال هناك مفارقات كبيرة في الرسوم الجمركية وخاصة في المقتنيات الشخصية واللوازم الضرورية التي يحملها المغترب لتصحيح وضعه في بلده. ماهي مقومات الاستفادة من الخبرات المهاجرة؟ يمكن للدولة الاستفادة منها إذا استطاعت أن توفر لهذه الخبرات ما يكفي حاجتها اليومية من متطلبات الحياة الضرورية التي هاجرت من أجل تحقيقها ووفرتها لها البلدان التي هاجرت إليها بكل سهولة ويسر. الا تعتقد ان لجهاز المغتربين دورًا ملموسًا في معالجة قضاياكم؟ بالطبع جهاز المغتربين مر بمراحل تطويرية عديدة وهناك جهود ملموسة في بعض النواحي ولا ننكر ذلك، ولكن الأمر لا يزال ينتظره الكثير للوصول إلى المبتغى أو شيء منه. هل للتحولات الاقتصادية في السودان اي تأثير على المغتربين؟ المغترب البسيط ربما يظن أنه مستفيد، لأن ما في يده من العملات الصعبة في ارتفاع مستمر نتيجة انخفاض الجنيه المستمر، ولكن سرعان ما يكتشف أن التضخم في السودان داء عضال يقضي على الأخضر واليابس، وما يجنيه في الحقيقة من ارتفاع إنما هو في الواقع داخل في إطار ما يسمى بالوهم النقدي ليس غير. هل حقيقة استفاد المغتربون من الخطط السكنية المحددة لهم؟ لم أسمع بأراضٍ سلمت للمغتربين حتى الآن بشكل موثوق.. وشريحة المغتربين هي الشريحة الوحيدة التي تقدم لها الأراضي في السفارات بأسعار استثمارية ولم يكن لهم نصيب حتى الآن في الخطة الإسكانية ولا أدري ما الحكمة في ذلك. برأيك ماهي معوقات استثمار المغتربين بالداخل؟ هذه قصة يطول التفصيل فيها، ولكن اختصاراً نقول إن الاجراءات وارتفاع تكاليف التراخيص والجبايات المتعددة وجهل كثير من المغتربين المستثمرين بالتطورات السريعة في السودان وبشكل الحياة هناك، من أكبر المعوقات التي كثيراً ما تؤدي إلى الإفلاس وإلى محاولة الهجرة مرة أخرى. لماذا ينقلب اغتراب البعض الى هجرة؟ هذه ليست ظاهرة، ولكن من يقعون فيها ربما يقعون بسبب تأثير الأبناء الذين عاشوا في الخارج جل أعمارهم وتأقلموا على حياة الغربة، وربما لظروف سياسية أو اجتماعية، ولكن معظم الإخوة المغتربين يحلمون بالعودة ويخططون لها بشكل دائم وملحوظ.