كثير من التعليقات تحمل تندراً على السياسيين جراء تصريحاتهم التي لا تتطابق مع مواقفهم وأعمالهم، ولذلك راجت مقولات كثيرة تحمل السخرية ومن أطرف مايقال عن السياسيين : ثلاثة لا تثق فيهم عيون النساء وشمس الشتاء والسياسي لو نزل من السماء üü ولعل السياسيين أنفسهم سيوقنون أيما يقين بهذا القول الطريف والذي فيه انتقاد للمرأة أيضاً ولكن لنتجاوزه، حيث ستقل درجات الثقة وسط السياسيين وهذه المرة ليس في شكل علاقتهم مع الصحافة مثلاً ولكن فيما بينهم، حيث أكدت تصريحاتهم أن (الفولة مابتتبل في خشمهم)، كان آخرها ما ساقه رئيس تحالف أحزاب المعارضة فاروق ابو عيسى الذي قال إن النائب الأول للرئيس السابق علي عثمان قال له إن المؤتمر الوطني له الرغبة في تسريع الحوار وأنه اتفق معه على تفكيك النظام عندما كشف عن لقاء جمعه بطه الاسبوع الفائت استمر زهاء الساعة والنصف، وسارع علي عثمان الى تكذيب أبو عيسى وقال في تعميم صحفي إنه لم يناقش شروطاً لتفكيك النظام، ولا تشكيل حكومة انتقالية معه، وكان طه عاود فاروق عقب عودة الأخير من رحلة علاجية. ولعل (قالوا وقلنا) ليست بجديدة في المشهد السياسي كان أبرزها مانشرته صحافة الخرطوم في ديسمبر 2012 على لسان رئيس حزب الأمة الصادق المهدي بشأن حديث قال إنه دار بينه ومدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني السابق صلاح عبد الله (قوش) إذ قال : قوش قال لي «النظام بلا رأس تعال قودنا» بل أن المهدي كشف عن توقيت ذلك القول بالإشارة الى زيارة قوش له في منزله وتناوله طعام الغداء معه في ذات اليوم الذي تم إعفاؤه من مستشارية الأمن.. وقد أحدث ذلك الحديث ردود أفعال عنيفة خاصة وأن المهدي أطلقه في لقاء تفاكري مع مجموعة من الصحفيين السودانيين بمقر إقامته بالقاهرة، وذلك عقب المحاولة الإنقلابية الشهيرة التي أتهم فيها قوش بالمشاركة في تدبيرها وقد (فش) المهدي (غبينته) في صلاح عندما أكد أن قوشاً كان أحد أسباب خروجه من السودان في عملية ( تهتدون) الشهيرة عندما قال إنه سيجعل منه رهينة. والواضح أن نقل سياسي لحديث سياسي آخر كثيراً مايحدث نوعاً من البلبلة وحالة من الإرتباك، ودونكم إعلان ابو عيسى أن طه اتفق معه على تفكيك النظام خاصة إذا مانظرت الى واقع طه الآن، حيث غادر منصبه مايوحي لك وكأن تحالفاً سرياً سينشأ بين الطرفين ضد حكومة الرئيس البشير، وقد حملت صحف أمس إفشاء رئيس حزب المؤتمر السوداني ابراهيم الشيخ لأحاديث دارت بينه ورئيس حزب الأمة القومي إذ قال :« المهدي أبلغنا أن الوطني يسعى لعقد اتفاقيات ثنائية مع الشعبي والإتحادي والأمة القومي واللافت في حديث الشيخ الثقة الكبيرة التي بدت عليه وهو يقول مايقول عندما أعلن مسؤوليته عن هذا الحديث غير أبه أنه سيسبب إحراجاً للمهدي بكشفه لما دار بينهما، وكأنما ذاكرة ابراهيم الشيخ تحفظ قول المهدي (قوش قال لي). (قالوا وقلنا).. فالسياسة لا تخلو من المكر والدهاء والضرب تحت الحزام أحياناً، تجاوزاً لمحطة الإحراج، ولذلك كان طبيعياً أن يسارع علي عثمان لتكذيب أبو عيسى بل حتى الإشارة الى أن اللقاء بينهما كانت مدته (45) دقيقة فقط، والدقائق لم تفت على رئيس تحرير الغراء (الإنتباهة) الصادق الرزيقي الذي كتب أمس : إذا خصمنا من اللقاء دقائق الترحيب وعبارات السلام، وعيادة المريض، والسؤال عن الصحة، ورحلة العلاج، يكون الوقت المتبقي ضئيلاً جداً للغوص في موضوعات الحوار الوطني وشروطه وآلياته.. وكان الأطرف علي (قال لي) المنسوبة لابي عيسى تعليق رئيس تحرير الصيحة ياسر محجوب الذي كتب: فاروق ابوعيسى يحول زيارة اجتماعية الى اتفاق لتفكيك النظام، آه يامفتري.. من يفكنا من خطرفات أبوعيسى. لكن هناك (أبو عيسي) آخرون- لا أقصد في الخطرفة طبعا- لكن في باب ما نحن بصدده في هذه المادة ما حملته الزميلة (الصيحة) عندما نقلت عن مصادر لم تفصح عن هويتها قالت لها إن قوش قال للرئيس أطيح بالنائب الأول وقتها علي عثمان ومساعد رئيس الجمهورية وقتها الدكتور نافع علي نافع.. وحتى قوش نفسه كشف عقب إطلاق سراحه من المعتقل في يوليو العام الماضي أن البعض- لم يسمهم- لفقوا التقارير وقالوا للرئيس ماقالوا في حقه ووصف ما حدث له ب«المسرحية سيئة الاخراج مضحكة ومبكية في نفس الوقت»، فيما هاجم من وصفهم بالمتآمرين وقال إن هؤلاء وقعوا في مستنقع الانحطاط في القيم، وأشار الى أنهم سعوا بالنميمة الى الحكام. في كثير من الأحيان يستعصي تحديد اي طرف صادق فيما ساقه من حديث بشأن آخر، لكن الأمر المتفق حوله أن المعادلات في السياسة تقبل القسمة، والسياسة هي فن الممكن والمستحيل، وبالتالي فالصدق والكذب يتساويان فيها، ويمكن أن يفسرا أنها مناورة وتكتيك سياسي.. ولذلك مساحة المناورة والتراجع عن أي قول رحبة وأذكر سبق وأن أجريت حواراً مع الناطق الرسمي السابق باسم القوات المسلحة محمد بشير سليمان، كشف من خلاله أن جهات وعلى رأسها قوش حاولت أن تلصق به تهمة الضلوع في محاولة انقلابية وقعت قبل سنوات خلون.. وأشار الى أن الوالي الحالي أحمد هارون نقل له تنوير قدمه قوش لهم بذات الخصوص وجاء هارون وكذب بشير. وما يذكر أيضاً ما نقلته وثائق ويكليكس خلال إحدى تسريباتها الدبلوماسية بنقل الحكومة السودانية الى الولاياتالمتحدة رغبتها في العام 2008 في تطبيع العلاقات مع اسرائيل.. وطبقاً للوثيقة التي تم الافراج عنها مؤخراً فإن مستشار رئيس الجمهورية مصطفى عثمان اسماعيل قال للقائم بالأعمال الأمريكي بالخرطوم وقتها البرتو فرنانديز إن الخرطوم تعكف على صياغة استراتيجية للتعامل مع الولاياتالمتحدة للتعامل مع الأهداف الآنية والطويلة الأجل.. وقال إن من بين هذه الاستراتيجية تطبيع علاقات الخرطوم مع تل أبيب ونفي مصطفي ذلك خلال حوار أجرته معه صحيفة «الرأى العام» وقال «أنا لا أتذكر أصلاً إني ألتقيت القائم بالأعمال الأمريكي وغير متأكد أن فيرنانديز كان موجوداً في 2008 أو ذهب، وقال مافي تطبيع مع إسرائيل ومافي أية إتصالات معها».. ومهما يكن من أمر ففيما يبدو أن السياسيين سيقللون من مسائل التطبيع فيما بينهم خاصة لو كانوا في أحزاب مختلفة هذا إن لم يكن سيقطعون التواصل فيما بينهم. }}