أوردت صحيفة «آخر لحظة»(العدد2662 بتاريخ السبت 1فبراير2014 م) مقالاً بعنوان «الأهلية الثانوية تدق ناقوس الخطر» لكاتبه الأستاذ الجليل عمر حسن الطيب هاشم تحدث فيه حديث العارف المستبطن عن تاريخ مدرسة أم درمان الأهلية الثانوية المجيد حيث كان أحد أعضاء هيئة التدريس بها (1968- 1982م) .وكان لدفعتنا (أغسطس 1968 يوليو 1972م) شرف التتلمذ عليه كفاحاً والنهل من معين علمه الفياض. نوه الأستاذ عمر حسن الطيب في مقاله بأهمية إرجاع المباني المستضافة فيها جامعة الزعيم الأزهري منذ عام 2002م (المسجد والمعامل) إلى هذه المدرسة الرائدة كيما تستكمل مبانيها سيما وأن هناك حاجة ملح ة لهذه المباني لإستغلالها في التدريس وتنفيذ الخطط المستقبلية للمدرسة. وكخريج لهذه المدرسة العريقة أثارت كلمات الأستاذ عمر حسن الطيب في دواخلى لواعج شتى من الخواطر والذكريات. ومما لاريب فيه أن لكل خريج من المدرسة الأهلية الثانوية ذكريات عطرة يفوح عبقها مسكاً وطيباً على مر السنين وتوالى الأجيال. ولعل أول ما يتبادر إلى الذهن عند ذكر «المدرسة الأهلية» الحركة الوطنية السودانية في نضالها ضد المستعمر البريطاني عندما ضيق الفرص التى يجدها أبناء السودان في المدارس الأميرية، فأنشأت المعاهد التعليمية الوطنية. وكانت الأهلية «الوسطى والثانوية» أحد أبرز البصمات التعليمية لمؤتمر الخريجين (1938م) الذى قاد النضال السياسي حتى كلل باستقلال هذا الوطن العزيز فى غرة يناير 1956م. وإستلهم المؤسسون للمدرسة الأهلية الثانوية الروح الوطنية لقادة الإستقلال فبدأت الدعوة لقيام هذه المؤسسة بمقال نشره البكباشى أحمد عقيل في صحيفة صوت السودان في مارس 1945م. وتكونت لجنة من كبار أعيان مدينة أمدرمان لعرض الأمر على مدير المعارف للتصديق بقيام المدرسة. وأصر مدير المعارف البريطاني آنذاك على عدم السماح بقيام المدرسة الثانوية لسببين كما يرى هما عدم توفر المال اللازم لأن التعليم الثانوى كانت تكلفته كبيرة حينها كما وأن عدد المدرسين غير كافٍ لقيام مدرسة جديدة. وعند إجتماعه بلجنة المدرسة (عمر إسحاق، سيد أحمد سوار الذهب، عثمان صالح، محمد أحمد البرير، الأمين عبد الرحمن، الدرديرى محمد عثمان، إسماعيل الأزهرى الكبير والبكباشى نور. وأحمد حسن عبد المنعم) إنتفض الشيخ أحمد حسن عبد المنعم وكان عن طريق الصدفة يحمل دفتر شيكاته وقدم لمدير المعارف شيكاً بتوقيعه ليكتب المبلغ المطلوب حتى تقام المدرسة. فما كان من مدير المعارف إلا أن رد الشيك ووافق على قيام المدرسة الأهلية دون قيد أو شرط بعد أن أدرك جدية اللجنة وإصرارها على تنفيذ ما قررته (أنظر د.معتصم أحمد الحاج؛ التعليم الأهلي فى أم درمان2009م: 19-20) كما منح المدرسة قطعة أرض (ملكية عين) فى شمال أم درمان إكتملت مبانيها بتبرعات أهالى أم درمان وبدأت الدراسة فيها فى مطلع 1945م.وتم تحويلها إلى مدرسة حكومية بمقرها الحالي عام 1955م. وأصبحت أحدى المدارس الثانوية الكبرى في السودان. وكانت أم درمان الأهلية الثانوية الحكومية في أغلب الأحيان المنافس الأول للمدارس الثلاث الشهيرة بالبلاد(وادي سيدنا،حنتوب وخورطقت).وخلال العقود الثلاثة منذ تأسيسها(1955م) كانت قائمة الشرف للشهادة الثانوية السودانية لاتخلو من طلابها.وكان لدفعتنا التاريخية شرف التميز على مستوى القطر إذ أن ثاني الشهادة السودانية عام(1972م) هو إبن دفعتنا وصديقنا الدكتور(مهندس كيميائي) زهير كمال سعيد. وثمة إشارة هنا، وهى أن خريجى المدرسة الأهلية بأم درمان شديدو الإعتزاز بإنتمائهم إليها ولا يعتبرونها مجرد أبنية يقبع بداخلها السجل التاريخى لماضى تعليمهم فى زمن الصبا وألق الشباب الباكر، بل ينظرون إليها في المقام الأول بإعتبارها صرحاً وطنياً تاريخياً يرمز لنضال أهل السودان بعامة ومواطني أم درمان على وجه الخصوص فى مجال التعليم الأهلى والذي تماهى مع الحركة الوطنية السودانية (1938-1956م) من أجل تنمية الوعى القومى وتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى وأبرزها إستقلال البلاد من ربقة الإستعمار البريطاني. لهذا فهم حريصون أيما حرص على هذا الرمز التاريخي إستمرارية وتطويراً لأنه يمثل ذاكرة الأمة فى حقل التربية والتعليم. وإستلهاماً لهذه المجاهدات العظيمة لأسلافنا الأماجد فى كل الميادين وبخاصة فى مجال التعليم، فقد تداعى نفر من خريجي مدرسة أم درمان الأهلية الثانوية إلى تشكيل رابطة للخريجين ظهرت إلى حيز الوجود فى (26/11/2011م) برئاسة الدكتور سيف الإسلام سعد عمر (رحمه الله) وعبد الرحيم محمد خبير سكرتيراً، ومنتصر أبارو أميناً للمال وعضوية (15) خريجاً آخرين. وأبرز أهداف هذه الرابطة الإهتمام بالمدرسة وتوفير إحتياجاتها وإسترداد حقوقها بالوسائل القانونية والعمل على خلق وتقوية الروابط الإجتماعية والثقافية بين الخريجين مع تنفيذ المشروعات المقدمة من المجلس التربوى لتأهيل البنية التحتية وتهيئة الأجواء الأكاديمية المعافاة. وأستطاعت الرابطة -برغم عمرها القصير تنفيذ بعض المشروعات أهمها فتح حساب بنكي، تأهيل المكتبة العامة والإلكترونية والمسرح المدرسي وتوفير ماكينة تصوير ناسخة وصهريج مياه مع تنسيق مدخل المدرسة «تشجيراً وتزييناً» وانشاء موقع الكتروني «Web- Site" بغرض تمتين التواصل بين الخريجين وبينهم وإدارة المدرسة والمجلس التربوي. ومما لاريب فيه أن واحداً من أهم أهداف رابطة الخريجين إعادة مبانى المدرسة التى تشغلها حالياً جامعة الزعيم الأزهرى (كلية التربية) بعقد إستضافة إنتهى أجله منذ عدة سنوات. ولم تقم الجامعة بتسليم المبانى لوزارة التربية والتعليم برغم صدور قرار من لجنة التحكيم بوزارة العدل بأن تخلى الجامعة مباني المدرسة الأهلية الثانوية في (7/1/2011م) .وعقدت عدة إجتماعات بين وزارة التربية بولاية الخرطوم ورابطة الخريجين من جهة والجامعة من الجهة الأخرى، بعد قرار التحكيم للإتفاق على مواعيد لإخلاء المبانى بالصوره التى لا تؤثر على طلاب الجامعة ولا تعطل سياسات الوزارة فى إستيعاب الطلاب بالمدارس الثانوية بالولاية بالإضافة إلى حاجتها لأي مبانى تملكها لتنفيذ سياستها ورفع النزاع إلى وزراء التربية السابقين لولاية الخرطوم ( محمد أحمد حميدة ودكتور يحي مكوار) ولكن دون جدوى فلم تحرك الجامعة ساكناً ولم تخل المبانى .و فى يونيو 2013م أوفدت رابطة الخريجين كل من الدكتور عبدالرحيم محمد خبير(سكرتير الرابطة) والدكتور أحمد قاسم «الوزير الولائى للتخطيط للبني التحتية بولاية الخرطوم (عضو الرابطة) »ومحمد صديق عمر الإمام المحامي المستشار القانوني للرابطة والمشرف الإجتماعي للرابطة صديق حسن عبدالله الترابي لمقابلة الدكتور المعتصم عبد الرحيم وزير التربية والتعليم السابق بولاية الخرطوم (12/6/2013م) والذى وعد بدراسة موضوع مبانى مدرسة أم درمان الأهلية الثانوية وعودة الأمور إلى وضعها الطبيعي. ولكن لم تخطرنا وزارة التربية والتعليم منذ ذلك الحين وحتى عهد وزيرها الجديد بما تم في هذا الموضوع حتى اللحظة حتى نتمكن من إرجاع مبانى المدرسة المستضافة فيها جامعة الزعيم الأزهري والإستفادة منها بشكل متكامل فى تنفيذ الخطط الآنية والمستقبلية لهذه المؤسسة الأنموذج مع تذليل كافة الصعاب التى تقعد بها عن أداء رسالتها على الوجه الأكمل بإعتبارها منارة تربوية ترتكز على إرث مؤثل يمثل جزءً هاماً من تاريخ التعليم الثانوي الرائد في السودان. نأمل ذلك والله المستعان. بروفيسور