ي مشهد من المشاهد التي مثلت الدهشة والاستغراب والتي لا تنسى في ذاكرة الايام هو ما يسمع ويرى في مجلس الدعوة بولاية الخرطوم التي ظلت تتقلب وتتنقل لسنوات طويلة بين أسماء وألقاب وكُنى الوزارات حيث كان المجلس منذ إنشائه الأول يتبع لوزارة الشئون الاجتماعية والثقافية ليأتى بعدها فكرة تبلورت في إنشاء وزارة مستقلة باسم الدعوة والتوجيه.. إلا أنه سرعان ما أضمحلت هذه الفكرة وتبخرت في ستة عشر شهراً ليقوم القائمون على أمر السياسة مرة أخرى بتولي وجه هذا المجلس بوزارته الأولى التي ارتضها الإنقاذ باسم التوجيه والتنمية الاجتماعية، إلا أن هذه الأطروحات والأفكار أصبحت في غياهب الجب ليخرج للناس في ثوب جديد باسم المجلس الأعلى للدعوة والإرشاد، ويومها كنا حضوراً في المؤتمر الصحفي الذي عقده والي الخرطوم عن تشكيل حكومته، والذي سمى فيه الوزاء والمتعمدين باسمائهم وبيّن عزمه إنشاء مجلس لهذا القطاع يتبع مباشرة له، وأرجأ تسمية الأمين العام والمدير التنفيذي لوقت لاحق، والسؤال هنا لماذا تراجع الوالي عن رئاسته لهذا المجلس لشخص آخر، وكأن هنالك وساطات تقدمت بغرض تعين الدكتور بدرالدين طه رئيسا لهذا المجلس بعد شهرين من إعلان تشكيل حكومة ولاية الخرطوم، فالغالبية الصامتة من الأئمة والدعاه أبدوا استغرابهم من هذا التعيين، لا سيما في ظل ترجل الاستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية والدكتور الحاج آدم يوسف نائب الرئيس والدكتور مندور المهدي نائب رئيس المؤتمر الوطني واللواء عبدالكريم عبدالله المعتمد برئاسة الولاية لإفساح المجال للشباب، يفاجئنا والي الخرطوم بتعيين الرجل الثمانيني، لقد انعكست صورة التغيير في ولاية الخرطوم رأساً على عقب خاصة بعد أن كان في رئاستها خطيب الشباب الاستاذ بدرالدين أبو البراء أميناً عاماً مكلفاً خلفاً للبروفيسور صلاح عوض، ولكن تبدل ذلك الفرح والارتياح هماً وحزناً على ترجل الشباب..! . فالسؤال الذي يطرح نفسه هل من الضرورة بمكان تعيين من تجاوز الثمانين في موقعٍ يجب أن تسود فيه روح الشباب عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم ( نصرني الشباب حين خذلني الشيوخ)، وحالة السيد طه.. لا أرى فيها من الحكمة بشيء حيث بدأ الرجال وكل قراراته متخبطة وارتجالية، من أجل هذا جاءت رسالتنا للسيد والي الخرطوم عن الخطر المحدق بهذا المجلس وأقصد هنا تعيينه رئيساً دون قانون أو مساق مبلوع.. ليأتي الرجل ويصدر قرارات ولوائح كلها ضد القانون، والخطأ الجوهري كيف يتم تكوين مجلس يا سعادة والي الخرطوم من رجل رئيس إشرافي وتنفيذي في آن واحد!! نريد بيان ذلك وليجمع بين توقيعات القلمين (الأحمر والأخضر؟) وكيف يحق له أن يصدر قرارات مالية وإدارية يوقف بها حسابات ويدمج بها إدارات دون قانون وهيكلة لهذا المجلس، والجدير ذكره أن المجلس التشريعي الآن في إجازة فصلية.. مما يكرس لهذا الرئيس التغول على هذه الصلاحيات، ولا أظن ولا أتوقع البته أن يفوضه والي الخرطوم للقيام بهذه الصلاحيات إلى حين إنعقاد المجلس وإجازة القانون والهيكلة.. وإلا فإن والي الخرطوم يكون قد ساهم في تكريس هذه الأخطاء المتعاقبة والمتلاحقة بهذا المجلس، والقرار الذي أصدره والي الخرطوم فيه عيوب ونقصان يجب أن يستكمل. أولاً : القرار لم يوجه وزارة المالية بتكوين لجنة لتوفيق الأوضاع المالية! ثانياً : لم يعطي القرار فترة إنتقالية لهيئة الحج والعمرة لتسيير مهامها والوفاء بالتزاماتها مع شركائها إلى حين توفيق أوضاعها المالية والإدارية وحسب ما سمعته من حديث السيد الوالي في مؤتمره الصحفي أن إدارة الحج والعمرة ستظل إدارة بذات أختصاصاتها وإداراتها بما يناسب خدمة الحجاج وإدارة أموالهم!!؟. ثالثاً : القرار لم يوجه بضرورة أن ألا يُشرد العاملين والموظفين.. وهذا ما أكده الوالي أيضاً.. ولكن حسب ما نراه ونشاهده من اللجنة التي شكلها رئيس المجلس بحصر العاملين لتحليل الاحتياج الفعلي يشير إلى تبيت النية لأخلاء سبيل بعض الموظفين. ومما يجدر الإشارة ذكره هل يخفي على السيد والي الخرطوم النجاحات التي حققتها هيئة الحج والعمرة والتي أصبحت تجربتها المثل الأعلى في أستلهام تجربتها في ولايات السودان وإحرز السودان المركز الأول بفضلٍ نجاحاتها وإستغلالية إدرتها وقراراتها ولكن يبقى الخطر المحدق الذي نشير له التخبط والتصرف غير الرشيد من هذا الرئيس بإيقاف حسابات الحج والعمرة ودمج إداراتها والبحث عن فائض أموالها، علماً بأنه لا يجوز شرعاً ولا قانوناً إستغلالية أموال الحجاج في أي أمر أخر إلا بإذن أهله وهي كذلك لا يجوز للحكومة المساس بها فهو كالزكاة مال مخصوص لأمر مخصوص وفي ظل هذا الحماس الفائق والبحث عن الأدوار المصطنعه لا أستغرب أن يقوم رئيس المجلس برئاسة وفد التفاوض لخدمات الحج مع السلطات السعوية، وهذا هو مربط الفرس للخطر المحدق بالنسبة لولاية الخرطوم بل والولايات الأخرى التي كانت ستحذو حذو ولاية الخرطوم لما حققت من نجاحات في العام السابق وقد أشرنا لها في حينها. ثم نخلص إلى الاستفهام الكبير الذي أثارته التعديلات الاخيرة لحكومة ولاية الخرطوم حيث كان من المقرر وحسب المرسوم أن يتم إدماج هيئة الحج والعمرة والاوقاف بهذا المجلس كما كان في عهد السيد الكباشي ، علماً بأن الاوقاف لم تدمج حتى الآن، فالدكتور أبو كساوي سرعان ما غسل يديه من هذا المجلس وقام بإستغلالية هيئة الاوقاف تنفيذاً لشرط الواقف، إذن فإن هيئة الحج والعمره هي المسكوت على ما يحدث فيها فلمصلحة من يتم هذا على مرأى ومسمع يا سيدي الوالي. فرسالتنا إليكم هي النظر في أمر يخص توظيف كوادر الشباب بقطع الطريق أمام رئيس المجلس بتعيين المعاشيين من أمثاله وعدم وصول الشباب للمواقع القيادية في مجلس الدعوة..!!! وقد بدأ هذا الرئيس بالفعل تعيين بعض المعاشيين كمدراء للدعوة في بعض المحليات ولا أدري أين ذهبت قيادات مجلس الدعوة وعلمائها وسبعين من حملة الماجستير والدكتوراة من شبابها الأئمة والدعاة؟؟. فحين يعين من استحق المعاش لا شك إطلاقاً انه سيأتي برفاقه المعاشيين ليشكلوا مجلس المسنين والشيوخ.. نواصل..