لقد تبنى مثقفُ وسياسُ أبناء دارفور قضية وهمية أطلقوا عليها اسم (التهميش) وطالبوا بتحسين الأوضاع التي وصفوها بالتخلف والاهمال ان ما اثار حفيظتهم هو حال كل ولايات السودان ومن قبل أن ينظر في حل هذه القضية انقسموا إلى عدة مجموعات وفصائل وحركات مسلحة وبدأوا في تنفيذ مخطط رسمته ودعمته دول غربية بالمال والسلاح وبتقصي الحقائق اتضح بأن ما ادعاه هؤلاء لا علاقة له بالتهميش ولا يحمل طابعاً من الوطنية وانما هي خطة لتجزئة وتقسيم السودان إلى دويلات يسهل القضاء عليها والتحكم فيها والاستفادة من مواردها بكل سهولة فالحرب التي تشنها هذه الحركات على صعيد القرى والمدن والأرياف وقتلها للمواطنين الأبرياء لم يتم بحجة التهميش والا فلماذا كل هذا الخراب وهذا الدمار الذي طال كل شيء اليس التهميش كان أرحم..؟! والله إن تمعنتم في ما حدث ويحدث لاغناكم ذلك عن الاف المقالات والخطب ولن تجدوا تعبيراً أصدق من الدموع وهو شعور ينتابنا ويجعلنا نستنكر ونشجب وندين ولكن بأضعف الإيمان.. ونحسب بأن التهميش كان حسنة يشكر عليها هذا النظام. فأين دارفور الآن؟ إنها سُمِّيت بالأرض المحروقة، وتم تدميرها بأيدي أبنائها البررة، روعوا إنسانها، ومن لم يمت بطلق ناري مات بالخوف وبالجوع والمرض... الكل يعاني من ويلات حرب لعينة حاقدة فرضت عليهم، واشعل فتيلها أبناء جلدتهم لتصبح المعسكرات هي الملاذ الآمن لشعب دارفور، وقوات حفظ السلام هي الأحن عليهم ممن حملتهم البطون وأرضعتهم الصدور ولم تكن قضية التهميش زريعة يموت من أجلها الأب والأم والأخ والاخت والشيوخ والأطفال.. حرموا جميعاً من نيل آمال كانوا يحلمون بها، وفقدوا كل معينات الحياة الحرة الكريمة.. فقدوا الأمن والاستقرار.. أرواحاً عزيزة بيعت بأبخس الأثمان.. فهل باستطاعة هؤلاء القتلة أن يعيدوا لدارفور سيرتها الأولى..؟ أليس الجهل والأمية من المؤشرات الخطيرة التي أصابت البنين والبنات بعد تعطيل الدراسة لعدة سنوات..؟ فما فائدة التنمية وما فائدة التعمير دون بنية تحتية..؟ إنها الحرب التجارية التي يقبض ثمنها جواسيس وعملاء مأجورين قست قلوبهم وماتت ضمائرهم، هؤلاء هم من جسلوا في جميع موائد التفاوض قدمت لهم كافة الحلول والتنازلات.. سووا لهم الطريق ورسموا لهم خريطته، فرشوا لهم الأكاليل والورود والزهور.. عطروا لهم الأمكنة ولكنهم لا يسمعون الا ما يقال لهم ولا يرون إلا ما يسمح لهم برؤيته هذا هو قرار الأسياد ولا رجعة فيه فالأهداف مخطط لها ومبرمجة ولا تقبل أي مزايدة. ولهذا تسير الحركات المسلحة على قضبان حديدية هي من صنع امريكا وحلفائها. ان المنفذين لهذا المخطط الجبان يعيشون اليوم في أرقى الفنادق يحتسون خمر «باخوس النقية» يترنمون ويرقصون على أنغام الموسيقى الصاخبة، ويتسامرون مع أجمل النساء واتباعهم هنا في دارفور يتلذذون برائحة شواء جثث ذويهم، وبطعم الدم ورائحة البارود.. إنهم لا يخافون الله في شيء قلوبهم خاوية خالية من مثقال ذرة من الإيمان، فمن هو الذي أشعل هذه الحرب اللعينة..؟ من الذي خرب ودمر وقتل الأبرياء وشرد من شرد..؟ ليتهم يحرصون على من تبقى من هذا الشعب المغلوب عى أمره.. وليتهم أحسوا بالمآسي التي يعيشوها على الحدود..! وفي دول الجوار ليتهم يحكمون عقولهم ويحاسبون ضمائرهم..! ليتهم يقارنون بمن هم في العراء وفي الخيام.. وبمن هم في الفنادق يعيشون في رغد من العيش... إن دعاء المظلوم ليس بينه وبين الله حجاب. فالمسلم على المسلم حرام (دمه ، وماله ، وعرضه) فكيف يكون مصير من يسفك الدماء ويهتك العروض ويقطع الطريق ويسلب الأموال..؟ ليتهم يعلموا بإن الله ليس بغافل عن العباد.. أتمنى من الذين يحملون السلاح أن يضعوه أرضاً اليوم قبل الغد، لأن من وعدوهم بالسلطة والثورة وحرضوهم ليخربوا بيوتهم بأيديهم هم من سيضحكون عليهم كثيراً ويمدون لهم السنتهم وسيبصقون على وجوههم ويركلونهم بالأحذية ولن ينالوا منهم شيء.. لأنهم في نظرهم لا ولاء لهم ولا ذمة فكيف يثقون بهم..؟ كفاكم ما أهدرتم من دماء، مدوا أيديكم بيضاء من غير سوء، ولا تكونوا معبراً ومطية لدول ستنهش لحمكم إن كنتم أحياء أو أموت.. استفيدوا من العبر والدروس ومما يجري اليوم في دولة جنوب السودان الذي يفر شعبها بالآلاف لدولة شمال السودان هرباً من الموت وبرغم مطالبتهم بالانفصال قوبلوا بالترحاب وبالتقدير والاحترام وهم اليوم يعيشون بيننا في حرية وأمن وأمان..! هكذا نحن دائماً نفتح صدورنا، ونحتكم لصوت العقل والضمير، ولن نضل إنشاء الله.