الحمد لله وكفى وصلاة وسلام على الحبيب المصطفى وعلى آله وسلم وبعد: فمواصلة للمقال السابق وتبيينا لبعض الناس الذين يرفعون لواء التبديع والتفسيق وتارة التكفير لمن يقنت في صلاة الصبح وهم يستدلون بأدلة واهية لا تنهض بها حجة، وقد نكرناها وفندناها في المقال السابق وحتى تكتمل الصورة الفقهية في ثوب العرض والإستدلال نسوق هذه الكلمات لتنتظم مع ما مضى في جيد الوسطية والإعتدال، ولا سيما أن أهل السودان في الفروع مالكية. فعن أبي هريرة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم) رواه ابن خزيمة فيجب حمله إن صح على الشهر الذي دعا فيه للمستضعفين ثم تركه. وهذا الأمر واضح من لفظ دعا على قوم لأن أبا هريرة رضي الله عنه ثبت أنه قنت مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينةالمنورة. وقد ثبت القنوت عن سيدنا عمر رضي الله عنه بلفظ: (اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونخنع لك ونخلع من يتركك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد إن عذابك بالكافرين ملحق) راجع مصنف عبد الرزاق(4968) وابن أبي شيبة (2/200) والبيهقي (2/210) وثبت القنوت في أبي داود(89) وفي الموطأ برواية أبي مصعب والقعنبي عن هشام بن عروة أن أباه كان يقنت في الفجر قبل الركوع وبعده، وراجع كلام العلامة العيني في عمدة القارئ شرح صحيح البخاري وكلام ابن رشد في بداية المجتهد ونهاية المقتصد فصل القنوت وفي المدونة للإمام مالك برواية ابن وهب باسناده إلى خالد بن أبي عمران. والخلاصة جمهور السلف وعمل الصحابة بالمدينة حجة. حكم القنوت: هو مندوب عند الملكية بشروط: 1/أن يكون سراً 2/أن يكون باللفظ الوارد 3/أن يكون في صلاة الصبح 4/أن يكون قبل الركوع 5/ أن يكون بعد القراءة. فمن تركه جاهلا أو عامداً أو ناسياً، لاشيء عليه، ولكن من سجد له بعد السلام صحت صلاته لأنها زيادة خارج الصلاة، ومن سجد له قبل السلام ناسيا فيلزمه سجود سهو بعدي ،لأنه أدخل فيها زيادة، وأما من سجد له قبل السلام عمدا أو جهلاً فصلاته باطلة، لأن المندوب لاسجود في تركه إلا إن اقتدى بمن يرى السجود لذلك في حالة العمد فقط ، وقال بعضهم من تركه فسدت صلاته وهذا شاذ. وفي الختام: لا ترفعوا رايات التبديع والتفسيق بفرعيات فقهية مشروعة؛ والقاعدة (لا إنكار في مسائل الخلاف). وقد قال صلى الله عليه وسلم: (خلاف أمتي رحمة) البيهقي والطبراني، وقال ابن قدامة في المغني في المقدمة :(وجعل في سلف هذه الأمة أئمة أعلام مهد بهم قواعد الإسلام وأو ضح بهم مشكلات الأحكام اتفاقهم حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة. فمنهج الحبيب صلى الله عليه وسلم التبشير لا التنفير والتيسير لا التعسير والجمع لا الفرق، وابن تيمية يمدح مالك ومذهبه كما في مجموع الفتاوى في مبحث البسملة، والذهبي كذلك يمدح كما في سير أعلام النبلاء في ترجمته للإمام مالك، فأفيقوا أيها المنكرون وعليكم بالقواسم المشتركة لرتق هذا البلد. üخادم العلم الشريف بالسودان