بعد خطاب الرئيس البشير الأخير لدى لقائه بالقوى السياسية عبر الطاولة المستديرة الجامعة، بدأ الحراك السياسي السوداني وسط تداعيات المواقف المختلفة مابين الأحزاب التي فضلت الجلوس والحوار، والأخرى بقوى تألف المعارضة التي اشترطت وطالبت باستحقاقات ماقبل الحوار وعلى كل مابين الموقفين يتجلى المشهد السياسي السوداني نحو أفق توافق إن لم تكن قريبة فهي ليست ببعيدة.. آخر لحظة في هذا الإطار وضعت أسئلة الحوار أمام طاولات قيادات الأحزاب السودانية، وفي هذا الحوار استنطقت القيادي بحزب الاتحادي الديمقراطي محمد يوسف الدقير رئيس الحزب بولاية الخرطوم حول ما يدور في الساحة السياسية السودانية، وموقفه في الحزب ورؤيتهم.. فالى مضابط الحوار: ü كيف تقرأون الحراك السياسي الآن تحت دعوة الرئيس البشير للحوار الوطني؟ - نحن في الحزب الاتحادي الديمقراطي أصحاب مبادرات وطنية ومن دعاة الحوار قبل أن يعلن الأخ الرئيس مبادرته الحالية، ومعلوم الأستاذ المقيم الراحل الشريف زين العابدين الهندي جاء بمبادرة للحوارالوطني الشامل في تسعينيات القرن الماضي، وما يحدث الآن تماماً مثل ما جاء به الشريف، والذي اطلق مبادرته التي خاطب بها أكثر من 150 شخصاً من رموز المجتمع في السياسة وفي الإدارة الأهلية وفي الطرق الصوفية وفي منظمات المجتمع المدني، لم يستثنى أحد ولم يطلب محاصصة لا في ثروة ولا في سلطة.. وإنما طلب أن هذا البلد بلد غني بموروثه القيمي والحضاري وموارده البشرية والطبيعية، وكان ينظر للمستقبل الذي نعيشه الآن.. ولذلك رؤيته الأساسية ببساطة شديدة جداً تختصر في كلمات معدودة وهي نحن نريد أن نرى كيف نحكم وليس بمن نحكم، وهو السؤال الحقيقي ü مقاطعاً.. إذن لماذا لم تنجح مبادرته وتجد حظها في وقتها؟ - الجميع نظر الى هذه المبادرة نظرة متعجلة في الحكم عليها.... بعض قيادات الأحزاب وصفها بأنها صلاة بعد فوات الوقت، والبعض الآخر وصفها بأنها مبادرة ولدت ميتة.. وحينها كان ردنا أن الصلاة بعد فوات الوقت خير من تركها... وهاهو الآن التاريخ يعيد نفسه، ونفس الأشخاص الذين وصفوها بالمبادرة الميتة هم الآن يلتفون حولها وهي في ثوبها الجديد الذي طرحه الأخ الرئيس بذات المعاني التي تحدث عنها الشريف زين العابدين، وعلى كل نحن الآن أسعد الناس بالمبادرة الرئاسية، كما قلت نحن مع الحوار ولابد من صنعاء الحوار وإن طال اليها السفر. ü لكن رغم طرحكم السابق للحوار وطرح الرئيس الآن مازالت بعض القوى تمانع والوقت يمضي والمشكل لم تحل؟ - هي تعقيدات السياسة وأعتقد أن تنفق وقتاً أطول في الحوار والنقاش خيراً من أن تنفق ساعة في الحرب أو القتال... واعتقد أنه رغم المكايدات الحزبية الموجودة، وعدم الثقة، وحالة التمترس للكسب هي ممارسات سياسية موجودة، وكذلك لا يوجد أحد يرفض الحوار ونحن في قيادة الحزب تحدثنا وقلنا آن الاوان أن يلبس الجميع جبة الوطن الواسعة، وينزعواا عنهم القمصان الضيقة، ويتركوا أجندتهم الحزبية، وما لم يدخل الجميع بنية صادقة لا اعتقد أن الحوار سينجح. ü مقاطعاً.. لكن هؤلاء المعارضون لديهم اشتراطات واضحة ومطلوبات؟ - نعم من حقهم ذلك لكن هذه الاشتراطات قد تحقق بعضها الآن، وأيضاً البعض من المعارضة رضى بالحوار بدون اشتراطات، وقال إنها سوف تكون أثناء الحوار، وعلى كل أعتقد أن الاشتراطات نوع من التلكك السياسي لمن هم يتحدثون عنه،ا فيقبلون بالحوار ويقولون رأيهم بغير مطالبة بتفكيك الحكومة، لأنه ليس هناك حكومة أو حزب حاكم يسعى الى تفكيك نفسها.. وليس المقصود بالحوار تفكيك المؤتمر الوطني، ونحن كحزب فهمنا هو أن الحوار معني بتأسيس بيئة سياسية توافقية للجميع تقود الى الحكم... أنتم تقولون ذلك لأنكم شركاء مع المؤتمر الوطني ولديكم تمثيلكم الوزاري وربما تناورون من أجل تمثيلكم مع توقع دخول أحزاب جديدة للحكومة بعد الحوار؟ - لا.. هذا ليس السبب لقد قدمنا خطاباً واضحاً في لقاء المائدة المستديرة وقبلها موقفنا في الشراكة كان واضحاً لمصلحة وحدة البلاد وليس من أجل السلطة، فنحن حزب سياسي عريق- كما قلت- ولدينا رؤيتنا الواضحة التي تدعو لوحدة البلاد والسلام، وأيضاً لا نناور أو نداهن أو نتملق حزبا أو نخاف من منافسة، فنحن كاتحاديين لدينا قواعدنا وأعضائنا ورؤيتنا السياسية، وسننافس الآخرين ديمقراطياً. لكن الأحزاب كثيرة قياساً بعددها الذي فاق 70 أليس هذا مجال استقطاب وتنافس سياسي كبير؟ - هذا صحيح وهو تشرزم كبير للقوى السياسية وهي ظاهرة غير محمودة لكن فى النهاية لا يصح إلا الصحيح، لأن الأمر سيكون لدى أحزاب معينة لها وزنها السياسي، وتاريخها العميق، وأدبياتها المعروفة لدى الشعب السوداني، الذي يراقب ويعرف ويدرك وأعتقد أن لديهم الرأي أيضاً فيما يحدث، وكذلك قوى المجتمع المدني الواقفة على الخط تراقب وتسجل، وهي معنية بالعملية السياسية أيضاً ككيانات تدير المجتمع وتحرص على تمتينه سياسياً واجتماعياً، والأهم المواطن الذي له رأي، ولهذا المسألة كما طرحتها لا تخيفنا سواء كنا شركاء في الحكم أو خارجه، فنحن حزب مؤسس وله قواعد وله رؤية. بالجانب الآخر هناك القوى المسلحة غير المعارضة غير المسلحة كيف يمكن اقناعها بالحوار؟ - الحقيقية الحركات المسلحة في ظروف معينة حملت السلاح وحاربت الحكومة... نتفق أو نختلف معها هي لديها رسالة أوصلتها وأصاب السودان ما أصابه من دمار وفتق للنسيج الاجتماعي، والناس أصابها الإعياء وحتى الجهات التي تدعمهم أصابها الإعياء، وأعتقد الآن بعد خطاب الرئيس وإعلانه لهم بالمجيء لطاولة الحوار هي دعوة واضحة وصادقة لوقف نزيف الحرب، وعليهم اتخاذ القرار الصحيح من مصلحتهم ومصلحة البلد، لأن الحرب أثبتت عدم جدواها بغير ما ذكرناه من آثار سالبة على المجتمعات التي عاشت أهوال الحرب في مناطق دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق. مقاطعاً هم يعتقدون بأن الحكومة مخادعة وناقضة للعهود وأن لا ضمانات إن أتوا ويريدون منبراً خارجياً للحوار؟ - من حقهم أن يوفروا لهم ضمانات سواء كانت خارجية أو داخلية للحضور والحوار، ومسألة الثقة والخداع هي تصريحات إعلامية الشيء العملي هو ما يكون على الطاولة، ونحن في حزب الاتحادي الديمقراطي ضد هذا المبدأ لا نقبل بالحوار الخارجي، فكفانا حوارات خارجية ورعاية دولية، فالأجدر بنا حل مشاكلنا داخلياً مع بعضنا وجهاً لوجه، فمن أراد أن يقولها فليلقها من داخل أرض الوطن على رؤوس الأشهاد، لأن المعني بكل هذا الحوار هو المواطن السوداني الذي ينبغي أن يكون شاهداً وحاضراً وليس مهمشاً بعيداً. على ذكر المواطن والتنوير وتعريفه بما يجري الآن بدأت الندوات السياسية تنتظم البلاد أين حزبكم منها؟ - نحن أول من عقد الندوات السياسية، ونحن مستعدون لها وحراكنا مستمر، وهذه المسألة بالنسبة الينا قضية عادية في إطار توعية المواطن والحديث عن ما يهمه، واعتقد بعد عشر ندوات أو قل خمس ندوات سياسية سيكون الحديث عادياً جداً لممارسة سياسية قد خضناها في انتخابات السودان الماضية، والتي جبنا فيها كل ولايات السودان وأقمنا ندواتنا السياسية.. رغم ذلك بعض قوى المعارضة تحفظت على القرار 158 الرئاسي المعني بضوابط إقامة الندوات السياسية، البعض يراه مقيداً للحرية التي تحدث عنها الرئيس بمعنى ما أُعطي باليمين سحب بالشمال؟ - لا.. غير صحيح وهذا تهويل للقرار واعتقد أنه منظم للندوات لأنه ليس هناك حرية مطلقة وهي ضوابط إذا التزم بها اي حزب تخرج ندوته بطريقة صحيحة واعية منظمة، والميادين الآن مشرعة للجميع، والسلطات المختصة هي لحماية المتحدثين وأنا في رأي (كل ما كان في الأنفس صعباً هيناً فيها اذا هو كان)، إذن فالحديث والندوات ليس للأبد فالحديث إذا لم يجده المواطن فعال ينصرف عنهم... خاصة إذا كان مثيراً أو دعائياً أو عدائياً، فالمواطن يريد المعيشة والأمن.. لذلك اعتقد أن الحوار والتداول السلمي للسلطة وترك النزاعات هذا ما ينبغي التركيز عليه والتوعية به.. البعض يقول إن الدعوة للحوار هي عودة للإسلاميين تحت مظلة واحدة في ظل الظروف الضاغطة الآن؟ - وماذا إذا عادت أحزاب الإسلاميين الى بعضها، ليس في الأمر خوف وأيضاً لماذا لا تعود الأحزاب الأخرى خاصة وأنها انقسمت.. المسألة ليست بهذا الفهم.. السياسة هي تحالفات وتكتلات، خاصة وأن الفوارق بين الأحزاب ليست كبيرة، وأنا لا أتخوف إذا اتحد الإسلاميون أو الحركة الاتحادية أو حزب الأمة أو اليساريين فهي أحزاب لها وزنها تعيد به اصطفافات الأحزاب السياسية في معادلة الوطن. على ذكر الاتحاديين أنتم الآن في حزبكم هنالك مذكرة من شباب الحزب تنتقدكم كقيادة ويقولون إن آل الدقير مسيطرين على الحزب ويريدون التغيير؟ - هذا حديث إعلامي وغير صحيح، ورغم ذلك أنا أرحب باي شباب يستطيع أن يقود الحزب ويغير القيادات، وأنا من أول المرحبين بهم وهذا تاريخنا في الحزب، لأن مسألة المجايلة هي الأساس وليس صحيحاً تسمية الحزب بجناح الدقير... هذا الحزب هو الحزب الاتحادي الديمقراطي فقط.. أما المذكرة للشباب هذا حديث إعلامي فقط للترويج. لكن ثمة حديث عن فتور مابينكم ومابين أسرة الشريف الهندي التاريخية على مستوى الحزب والمشاركة؟ هذا أيضاً في سياق الحملة على الحزب، فنحن علاقتنا مع أسرة الشريف الهندي أسرية بالمقام الأول، وليس هناك فتور على كافة المستويات، وزى مابقولوا علاقتنا سمن على عسل، ومن يروجون لهذه الأخبار يحاولون الصيد في الماء العكر لأغراض شخصية، وأحب أن أؤكد عبركم وأكرر ليس هناك خلافات بينا، وأعتقد أن الدعاية في هذا الشأن هي محض افتراء، يستغلها البعض للتكسب المادي أخيراً مع الانفتاح للحوار واحتمال تشكيل حكومة جديدة ألا تخشون من دخول أحزاب كبيرة بحجم الأمة والشعبي وتغيير في نسب المشاركة؟ - ضحك أيضاً وهو يقول... نحن أيضاً حزب كبير ويخشى منا الآخرون ولن نخشى إلا الله ...!!