(هنا أم درمان) سُمِّع هذا النداء لأول مرة في أبريل من 1940م من حجرة صغيرة بمكتب البوستة والتلغراف.. الآن بنك المزارع التجاري بأم درمانجنوب البوستة .. وكان من المفترض أن تؤدي هذه المحطة خدمات لاذاعة اخبار الحرب العالمية الثانية بين الحلفاء انجلترا وفرنسا وروسيا ثم امريكا والمحور المانياايطاليا واليابان وعند ذلك سمح لمؤتمر الخريجين بالمشاركة وقد تبرع بالعمل بالمحطة مجاناً الأستاذ الكبير عبيد عبدالنور من رجال التعليم الاجلاء.. ويعتبر اول مذيع سوداني.. ثم تغنى الفنان الكبير حسن عطية فنان المثقفين اجمل الأغاني.. وبدأت الاذاعة مرة واحدة في الأسبوع يوم الجمعة.. ثم تطورت الى ثلاث مرات قبل أن تستكمل الشهر الأول.. وبدأت الخطوة الثانية 1942 بايجاد مقر منفصل للاذاعة جنوب مدرسة بيت الأمانة والآن مدرسة ام درالانجليزية و هو منزل اهداه أحد المحسنين ليكون مقرًا للاذاعة.. الآن مدرسة كبيدة العالمية اساس.. مع تخصيص مكتباً لها من مصلحة السكرتير الاداري، وأصبحت الفترة الاذاعية طوال اليوم وأسند الاشراف العام للمستر(ين) لأنه مدير المخابرات وأسند الاشراف الفعلي للمستر (ين) بمساعدة إدوار عطية وميشيل عيساوي، وهما من لبنان كانا يخدمان في المخابرات الانجليزية، ثم تولى الاشراف الأعلى المستر (ادير) ضابط للاتصال العام.. ثم خلف الاستاذ عبيد عبد النور في منصب المذيع الأول الأستاذ صالح عبد القادر الشاعر المعروف ومن مجاهدي ثورة عام(1924) «اللواء الأبيض» وكان يتعاون معه الأساتذة الأجلاء حسين طه زكي ومحمد عبد الرحمن الخانجي، ومتولي عيد، ثم تتابع على ادارة الاذاعة الانجليزي المستر فنش داوسن الذي اختير خصيصاً من انجلترا لأداء هذه المهمة، بينما كان اسلافه ينتدبون من موظفي السلك الاداري لها ولكن استقال المستر فنش داوسن 1949 فعين خلفاً له الأستاذ متولي عيد بعد عودته من فترة تدريبية من انجلترا.. وقد زادت في عهد متولي عيد الفترة الاذاعية، وتوسع في اعمال الاستديو ونظم البرنامج ووضعت تقاليد اذاعية في المنزل الجديد اضافة للاذاعة بمنزل الشيخ حسن الطيب هاشم بدون أجر، خدمة للوطن.. كما ذكر دكتور علي شمو، وقد استعان متولي عيد بخبرته ومعلوماته عن الاذاعات العالمية في بعث حركة تجديد واسعة في الاذاعة.. اذ عمل برغبة صادقة تنبعث من صميم نفسه وليس أدل على هذه الرغبة وقوتها من انه كان يقضي حوالي عشرين ساعة من يومه احياناً في جهد اذاعي متواصل دون كلل أو ملل أو يعتريه الاجهاد والتعب حيث كان يبدأ عمله عادة الساعة الخامسة صباحاً ويقوم بالاشراف والتحضير للاذاعة التي تبدأ الساعة السادسة صباحاً، ويظل متابعاً للعمل الى ما بعد منتصف الليل، وكان متولي عيد يؤمن بضرورة حياد محطة الاذاعة.. وقد نفذ هذا الحياد تنفيذًا دقيقاً حتى رسخ في اذهان الناس.. وكانت الاذاعة في عهده تذيع كل الأنباء من كل الأحزاب والمصادر ومن كل الصحف على اختلاف الوانها بحيث يلم السامع بكل الاتجاهات هذا بالاضافة الى اتفاقه مع محاضرين يمثلون شتى الأحزاب والمعسكرات السياسية لتقديم كلمة دورية يتقيدون فيها بالقانون، وما يوحيه العرف العام.. وكانت محطة الاذاعة السودانية تنفرد بهذه الميزة من دون جميع محطات الاذاعات في الشرق الأوسط، وفي يوليو 1954 نقل الأستاذ متولي عيد الى رئاسة مجلس الوزراء.. وانتدب خلفاً له الأستاذ محمود الفكي، وتم تعيين الأستاذ محمد عبد الرحمن الخانجي في منصب المراقب العام للاذاعة، ثم التحق في وظيفة المذيع في أزمنة مختلفة الأساتذة خاطر أبو بكر وأبو عاقلة يوسف صاحب الحنجرة الذهبية، والمبارك إبراهيم صاحب برنامج حقيبة الفن الشهير، والأستاذ محمد صالح فهمي صاحب الصوت الجهوري، والأستاذ عبد الرحمن الياس، والأستاذ صلاح أحمد محمد صالح، ويس معني، والدكتور علي شمو وكان أصغر مذيع، وكانت افتتاحية الاذاعة القرآن الكريم ومن المقرئين الشيخ عوض عمر الامام، والشيخ محمد بابكر، والمصري الشيخ محمود خفاجة، ومن أشهر الفنانين حسب التصنيف في الدرجة الأولى الفنان الكبير حسن عطية، وأحمد المصطفى، وإبراهيم الكاشف، وعبد الحميد يوسف، والتاج مصطفى، وعثمان الشفيع، وعبد العزيز محمد داؤود، وعثمان حسين ومن الدرجة الثانية الفنان محجوب عثمان، وحسن سليمان الهاوي، وعبيد الطيب، ورمضان حسن، والعاقب محمد حسن، ومن الدرجة الثالثة عمر أحمد، وإبراهيم عوض، وصلاح محمد عيسى، ومحمد عثمان وردي هذا النظام خلق جوًا من التنافس والابداع حتى يترقى الفنان للدرجة الأعلى حسب انتاجه..! ومن أشهر العازفين الماحي إسماعيل، وحسن الخواض، وبدر التهامي، والسر وفرح الجيش، وخميس جوهر، ومن أشهر الممثلين والمخرجين ميسرة السراج، ومحمود الصباغ، وعبد الكريم داؤود، (بلبل) وعثمان حيمدة «تور الجر» وإبراهيم خان - اصبح من ممثلي السينما المصرية، ومحمود سراج(ود أبو قبورة) عثمان أحمد حمد(أبو دليبة).. وكانت الاذاعة تقيم حفلاً غنائياً ساهرًا مجاناً عند مطلع كل شهر لمتابعة اداء الفنانين، وبالتالي متابعة الترقية من درجة الى درجة اعلى «زمن يا فن» كما شاركت الاذاعة في نقل النشاط الرياضي في مباريات من دار الرياضة بأم درمان ومن أشهر المذيعين «أبارو، وطه حمدتو» البارع في وصف المباراة ثم علي الحسن مالك، وعيساوي ومن أهم المباريات نهائي كأس الحاكم العام السير «روبرت هاو» ثم كأس همفري واهم مباراة كانت المباراة الخالدة الهونفيد المجري من اللاعبين بوشكاكش وبوجيك ضد الهلال والمريخ من اللاعبين منزول، والسد العالي، وبرعي، ومن حراس المرمى سبت، مصطفى ود العازة، ومصطفى حمد(زمن يا كرة) وقد شهدت الاذاعة في هذا المبنى الخالد اعلان استقلال السودان 1/يناير 1956م السودان الحر المستقل وكانت عربة الاذاعة الخارجية تنقل الاحتفال من الميدان امام القصر الجمهوري وكان المذيع الرائع الذي يقوم بنقل ووصف الحفل زبو عاقلة يوسف ومعه المذيع المبدع علي شمو، وقد تغنى الفنان الكبير أحمد المصطفى بنشيده الخالد(اليوم عيدك يا وطن) والفنان المبدع عثمان الشفيع (أحرار أحرار في بلاد حرة).. كما شهد مبنى الاذاعة الخالد مولد اول انقلاب عسكري في السودان بقيادة الفريق العظيم إبراهيم عبود يوم 17 نوفمبر 1958م.. وفي عهد ثورة نوفمبر تولى اللواء الشجاع محمد طلعت فريد وزارة الاستعلامات والعمل، وقام بتشييد دار حديثة للاذاعة والتي تحولت الى مقرها الجديد في اوائل الستينيات بصور نهائية وكان مديرها الصاغ (رائد) التاج حمد، وقد قاد الركب من بعده كوكبة منهم محمد خوجلي صالحي،ن والأستاذ الفذ المبدع محمود أبو العزائم الذي خلد نفسه في برنامجه(كتاب الفن).. واتمنى أن يطبع للأجيال القادمة، ونرجو من المدير معتصم فضل زن يقيم احتفالاً يليق بالاذاعة السودانية العظيمة في عيدها الماسي.