كدأبه في صناعة الابتسامة وإشاعة جو مشحون بالراحة والطمأنينة، وبعد أن أمضي يوم الأحد عادياً وكان من ضمن برامجه التي تابعها الصحافيون تأدية عبد الرحمن ضرار القسم أمامه وزير للدولة بالمالية، تبادل الرئيس المشير عمر البشير حديثاً ودياً وضاحكاً مع فريق طبي سوداني قبل خضوعه لعمليه جراحية تكللت بالنجاح على يد ذلك الطاقم تم فيها تغيير مفصل الركبة بمستشفى رويال كير بالخرطوم أمس الأول والذي دخله مثله مثل أي عمر حسن من عامة الناس، وهي المرة الأولى التي يجري فيها الرئيس مثل هذه العملية، وإن كان قد سبق له وأجرى معالجات في إحدى ركبتيه في زيارة رسمية له للمملكة السعودية.. وقد استغرقت العملية نحو ثلاث ساعات، مساء الأحد وصل البشير للمستشفى عند الساعة السابعة والنصف وأجرى فحوصات، ثم أجرى العملية على يد اختصاصي اسمه شرف الجزولي، وقام بالتحضير للعملية د.هند العتباني من مستشفى شرق النيل. ** علمت أن شرف يعمل بمستشفى شرق النيل ولم أوفق في الاتصال به فهاتفت المسؤول عن المستشفى وكيل الصحة السابق د. كمال عبد القادر مدير إدارة الصحة بالجهاز الاستثماري الذي يتبع له مستشفى شرق النيل، والذي كان من المتابعين للحالة الصحية للرئيس، وقال كمال ل «آخر لحظة» إن شرف يرأس قسم العظام بالمستشفى وهو اختصاصي جراحة عظام ومفاصل خريج جامعة الخرطوم في العام 1979 عمل لسنوات بآيرلندا وأجرى ومعه آخرون أكثر من ألف عملية، وامتدح كمال خطوة الرئيس ما يعني ثقة الرئاسة في الطب بالبلاد، وأشار إلى اأن كثيرين يجرون عمليات عظام بالخارج يعاودون مستشفى شرق النيل. وكشف كمال مقابلة الرئيس لشرف قبل عدة أشهر وقد تقررت العملية الثلاثاء الفائته. آلام الركب التي ألمت بالرئيس مما استدعى خضوعه لعملية تعود إلى عمله في المؤسسة العسكرية وهو ابن مدرسة المظلات، فقد كان الرئيس مظلياً بارعاً - بحسب أبناء دفعته -ومعلوم أن العمل بوحدة المظلات يحدث تمزق في أربطة الركب ويؤثر تأثيراً مباشراً عليها، خاصة وأن البشير كان متفانياً في عمله بصورة لافته حتى أنه من المؤسسين للقوات المسلحة بدولة الإمارات، وقبل قيادته لثورة يونيو قام بعمل كبير ومرهق حيث كان قائد اللواء الثامن غرب النوير وآخر العمليات العسكرية التي قادها كانت في ميوم، وللمتابعين لمسارح العمليات التي كانت تقوم بها القوات المسلحة يستحضر تحرير ميوم حيث دخلها البشير على ظهور الجرارات «تراكتورات» في عز الخريف حيث استكان المتمردون الذين كان يقودهم د.رياك مشار، ولم يتوقعوا قدوم الجيش ومفاجأته، وأذكر أن وزيراً سابقاً كان مرافقاً للبشير في إحدى رحلاته للعاصمة الأثيوبية أديس أبابا، وقد اجتر الرئيس الذكريات مع مشار وقال له: مرقت مني بشوية»، وأقر رياك للرئيس بأنه فاجأهم وقال له: قلنا مندكورات ديل ما بجو، وإنت قائد ولا مزارع تجي بتراكتر». رغم حب الرئيس للمظلات وإخلاصه فيها، إلا أنها لم تكن رغبته الأولى في الجيش بحسب شقيقه محمد البشير حيث كان المشير يُمني نفسه بدراسة الطيران، وكان يعتزم المغادرة إلى روسيا لذلك الغرض ووصل القاهرة إلا أن سوء علاقات السودان بموسكو عجلت بعودته فاختار المظلات باعتبارها الأقرب للطيران. المهم أن الحركة الدؤوبة للرئيس وجهده الذي بذله في العمل العسكري وإدارته لشؤون الدولة لربع قرن مسألة شاقة ومرهقه، ومن الطبيعي أن تنعكس على صحته. ولعل مسألة «الرُكب» هي وحدها التي يعاني منها البشير، رغم ترحاله وتنقله المتكرر بين الولايات وإشرافه المباشر على العمل العسكري وغيرها من تصاريف أمور الدولة.. ويعزو السكرتير الصحفي السابق للرئيس محجوب فضل بدري ذلك لثلاثة أسباب: اهتمامه بالرياضة والتزامه في الأكل وصيامه يومي الاثنين والخميس، وقال فضل ل«آخر لحظة» عصر أمس إن الرئيس ظل يجري تدريباته الرياضية بشكل منتظم «يومين في الأسبوع» بفرع الرياضة العسكري ويمارس رياضة المشي وعدداً من الرياضات منها الجمباز وكرة الريشة التي تتطلب السرعة. قبل أن تؤسس صالة رياضية ببيت الضيافة يواصل فيها تدريباته حتى الآن. وبشأن الأكل يؤكد محجوب فضل أن البشير لا يكثر من الأكل ويفضل الخضروات والفول و«أم رقيقه» والقراصه بالدمعه، ويركز على تناول الزبادي ولا يأكل العسل ولا يتناول الشاي السادة إطلاقاً فقط الشاي الأخضر والقهوة، بينما يقول شقيقه علي البشير في حديث سابق له معي إن بِر عمر بوالدتهم الحاجة «هديه» وحرصه على توديعها عند كل رحلة وإلقاء التحية عليها فور عودته هي قمه الراحة النفسيه وقتذاك. سألت محجوب فضل عن رجل صيني تعرفه كثير من مجالس الخرطوم يتردد أنه يتدرب مع الرئيس، قال إن الصيني هو مدرب رياضي وقد أشهر إسلامه وسمي نفسه «محمد عمر» وهو مقيم بالسودان ويقوم بإجراء التدريبات للرئيس. اختصاصي عظام - فضل حجب اسمه- نوه في حديثه معي على أن عملية تغيير المفصل تستدعي الراحة خمسة أيام، لكن يتوقع أن يغادر الرئيس والذي يقيم في «سويت» خاص، يتوقع أن يغادر غداً في هدوء تام، بعد أن أغلقت الرئاسة أبواب الشائعات والتكهنات وهي تعلن رسمياً نبأ العملية.