ويأتي نوفمبر.. وتبدأ أوراق التقويم في التساقط.. ويأتي اليوم السابع عشر منه وتنفجر الصحف.. بالتغني بأمجاد نوفمبر.. باعجاز العسكر.. بطيبة وانسانية «عبود» بعهد الرفاء والطمأنينة.. بأسعار السلع والتي هي في رخص التراب.. وتنحدر أقلام إلى الدرك الأسفل من التدليس.. والكذب.. والنفاق وتصور أقلام كيف كان عهد حكومة نوفمبر هو جنة الله في الأرض.. وكيف كانت زاهية ملونة.. يحفها الزهر.. ويدثرها الطرب.. وتبالغ بعض الأقلام في الصفاقة.. والبصق على التاريخ.. وكيف إن ثورة اكتوبر.. اكذوبة من سلسلة أكاذيب التاريخ.. وتتصنع بعض الأقلام الأنصاف والوقار لتدين ثورة اكتوبر وكيف أنها غلطة عمر الشعب.. بالله عليكم أليست هذه الذكرى ذكرى انقلاب نوفمبر والاحتفاء بها بل وتمجيدها من عجائب الدنيا الألف.. أليس إهانة لشعب خرج إلى الشوارع.. ليطيح بذاك الحكم الشمولي الدكتاتوري البغيض.. وهل مواطن واحد من أي حزب من أي اتجاه.. من أي مجموعة لم يساهم أو يشارك أو حتى يتمنى.. أو يحكم أو يسعد بزوال ذاك الحكم وإلى أبد الآبدين.. وهل هناك فصيل أو حزب أو حتى جماعة رفضت ابان ثورة الشعب المجيدة ثورة أكتوبر ودافعت عن ذاك الحكم الدكتاتوري الشمولي البغيض.. يحدث كل ذلك عندما تأتي ذكرى نوفمبر.. أما عندما يأتي أكتوبر يأتي معه الصمت الرهيب.. يأتي معه النسيان البليد.. يأتي معه التجاهل الغريب.. وكأن الناس والاذاعة والصحف والقنوات يشعرون بالخجل والعار.. بالله عليكم كيف للناس أن يدفنون في التراب أمجادهم كيف للناس أن يتنكرون لرائع ومجد وعظمة أفعالهم.. يأتي أكتوبر ولا كلمة واحدة عن ملحمة الشعب.. يأتي اكتوبر وفي الحادي والعشرون منه وكأن شيئاً لم يكن أو يحدث في ذاك اليوم التاريخي المجيد.. يأتي أكتوبر وفي يوم ذكراه العطرة تحكم الاذاعة السودانية وهي الشاهدة أو يجب أن تكون علي تاريخ الأمة.. الراصد لإشراقات الوطن.. تحكم الحراسة والأقفال والرتاج على أكتوبريات وردي التي كتبها ود المكي.. وتلك التي صاغها من عصبه ودمه ودموعه وروحه «علي عبد القيوم.. وأصدقاءه صلاح ومبارك بشير».. ودعوني أسألكم منذ «كم» سنة.. بل منذ كم عقد من الزمان بثت الاذاعة ملحمة هاشم صديق التي ابدع فيها ود اللمين وبهاء الدين أبو شله.. وأم بلينة السنوسي ورفاقهم البواسل الصوادح.. وطني نحن سيوف امجادك ونحن مواكب تفدي ترابك ولسه الشارع يشهد لينا يوم الغضبة حصاد ماضينا مشينا نعطر حقل الثوره بدم نفديبو بلادنا الحرة وكان أكتوبر فجر الغضبة كسرنا قيود الماضي الصعبه ولما مشينا مواكب صامدة بتغلي وتهتف راعده الرصاص لن يثنينا وسال الدم بأرض الوادي عجيبة من عجائب الدنيا الألف.. أن يحتفي الناس بالذي ثاروا ضده وأن يهيل الناس التراب عن أيام مجدهم وفخارهم وتاريخهم..