إنشاء الحدائق وتأهيل الميادين العامة هو محمدة يستحق عليها المسؤولون الثناء.. ولكن تلاحظ أن دور هؤلاء المسؤولين يتوقف تماماً بعد عملية الافتتاح مباشرة، باعتبار أن ما تم هو إنجاز تم تدوينه في دفاتر الإنجازات وبعدها لا يهم.. وقطعاً هذا خطأ كبير، فدور المسؤولين في المحليات يجب أن يتواصل خاصة إذا علمنا أن بعض تلك الحدائق تصاب بأمراض الشيخوخة المبكرة، وسرعان ما تطالها الأيادي العابثة التي لا يرى أصحابها في الوجود شيئاً جميلاً.. وكمثال نجد أن حديقة أم درمان أو البحيرة التي لم تتعدى سنوات إنشائها العامين، تحولت بفعل الظلام شبه الدامس إلى شيء آخر لا علاقة له بالترويح أو التنزه، ومظهر هذه الحديقة ليلاً لا يليق أبداً بحديقة عامة كانت تتباهى بها محلية أم درمان حتى الأمس القريب.. ولأننا لا نتهم الناس بالباطل ولا نتعامل بسوء الظن فلن نتحدث عن ممارسات يتيحها هذا الظلام.. ولكننا نرى أن التعامل بالمثل القائل «الباب البجيب الريح سدو واستريح» واجب في ظل المشهد الآن.. ولا نظن أنه يكلف محلية أم درمان شيئاً إن أعادت البصر لعيون الحديقة العمياء حتى تصبح كما أرادت المحلية.. متنزهاً للمواطنين يغسلون عنده رهق السعي وراء لقمة العيش ومشاكل الحياة التي لا حصر لها ولا عد.. والحقيقة أن البحيرة الآن هي نقطة سوداء في جبين محلية أم درمان، وربما تصبح في يوم من الأيام أكبر من ذلك وتفشل كل المساعي في إزالتها من وجه المحلية.. كما أن صمت وتجاهل مسؤولي المحلية يمثل قبولاً بالحال الذي هي عليه، وبالتالي غض الطرف عن ما يحدث وسيحدث مستقبلاً، كما يمثل تشجيعاً لضعاف النفوس وفاقدي الضمير والذين هم بلا وازع ديني ولا أخلاقي. على محلية أم درمان أن تعمل على وجه السرعة لإعادة أمور حديقة البحيرة لوضعها الصحيح وجعلها مكاناً آمناً للأسر.. عليها أن تعمل اليوم قبل الغد على معالجة خلل الإضاءة وأن تعيد الكهرباء للأعمدة المعتمة.. لأن الإنجاز الذي يتباهون به والذي حفظه لهم المواطن سيتحول إلى وصفهم بالعجز، وسيتحول دعاء المواطن لهم إلى دعاء عليهم. المشكلة صغيرة نعم ولكن آثارها كبيرة.. وحل المشكلة لا نظنه يعجز إخواننا في المحلية إن هم أخذوا الأمر مأخذ الجد، ولم يتعاملوا معه بالقاعدة الثابتة عند الكثير من المسؤولين «أضان الحامل طرشاء»، وهي القاعدة التي أقعدتنا كثيراً عن التطور وعن مواكبة ما يجري في العالم من حولنا. إن الحدائق العامة في كل بلاد الدنيا هي عنوان تحضر الشعوب وعنوان اهتمامات الحكومات بشعوبها. فنتمنى ألا نندم على الأيام التي لم تكن فيها حدائق إلا حدائق أبريل.