البيان الذي ادلى به السيد الدكتور فيصل حسن إبراهيم وزير الثروة الحيوانية والسمكية والمراعي الاسبوع الماضي أمام أعضاء المجلس الوطني، هذا البيان وماصاحبه من تقرير وتوصيات من اللجنة المختصة بالبرلمان، قد هز أركان الاقتصاد السوداني، فهو قد وضع النقاط فوق الحروف حول اداء وزارته للعام 2013م بيان يحتوي على قنابل موقوتة انفجر بعضها والبعض الآخر بدأ في العد التنازلي.. هذا البيان والذي أثار حفيظة الأستاذ / محمد لطيف ليتناوله بالتحليل السياسي في صحيفة (اليوم التالي) بالعدد رقم 473 بتاريخ 12 يونيو 2014م وهو يرسم بقلمه الصريح تحليلاً غيوراً، معلناً فيه فشل الوزارة بقيادة وزيرها عن النهوض بهذا القطاع، وقد يعلم الكاتب أن قطاع الثروة الحيوانية هو عبارة عن (قطيع) لا تملك الدولة اي مشروع انتاجي منه، أو قطعان للإنتاج باستثناء حيوانات للتجارب بمراكز ومحطات البحوث البيطرية.. أرجو أن يتقبل الأستاذ / محمد لطيف شكري وتقديري وهو يسلط الضوء على هذا القطاع الذي ظل مظلماً ومظلوماً، منذ أن كان تحت الولاية الانجليزية.. ففي ذلك العهد لم يكن هناك اهتمام بالثروة الحيوانية ولا توجد بالعاصمة المثلثة أبقار أو ضأن أو جمال كلها كانت (بالمديريات) والاهتمام البيطري بالخرطوم كان مصوبا ًلرفاهية المستعمر من كلاب وقطط وأحصنة. جاء الاستقلال لينقب عن مقدرات ومكنونات السودان، لم تتغير السياسات تجاه القطاع وليس له وحدات وزن كقطاع سياسي أو اقتصادي، فلم يجد الاهتمام اللازم بدليل قيام مشاريع زراعية ليس الحيوان أحد مفرداتها، فمشروع الجزيرة منذ العام 1911م ومروراً بالنفرة البيضاء وحتى قانون المشروع في العام 2005م ظل الحيوان غريباً عنه، هذا المشروع الذي تبلغ مساحته مليونين ومئتي الف فدان، يتمدد بين النيلين الأبيض والأزرق.. وصورة طبق الأصل منه انشئت مشاريع كمشروع الرهد الزراعي، والمشاريع الزراعية الشبيهة الأخرى، ولم يجد الحيوان فيها غير الاهمال وسوء الظن، رغم ماتقدمه هذه الانعام من خدمة للإنسان ألا يجب الاعتذار لهذه الأنعام؟ تعاقب وزراء للنهوض بهذا القطاع، ولكنه ظل كسيحاً ويشكل غياباً كاملاً، فالسياسات الزراعية تتعامل مع الزراعة النباتية- وحتى يومنا هذا - مسؤولو الجمارك يعتبرون الفقاسات ليست مدخلات انتاج زراعي، وعلامات الاذن رفاهية وليست مدخلات زراعية، فلم تدخل مدخلات الإنتاج الحيواني في برمجة الاعفاءات الجمركية، وديوان الزكاة لا يصرف على الحيوان رغم فقهه الواسع في زكاة الانعام، فيوفر الجرارات والتراكتورات للمشاريع الزراعية.. ويحرم الحيوان من الايواء ورحمة التنقل بين الفيافي بحثاً عن الماء.. ألا يجب الاعتذار لهذه المخلوقات التي تسبح لله؟ إن صادراتنا من الثروة الحيوانية مازالت تقف بالمربع الأول، في تصدير المواشي الحية فاقدين بذلك الميزة التفضيلية في تصدير اللحوم المذبوحة.. فالسودان يعتبر سادس أكبر دولة في العالم من حيث حجم الثروة الحيوانية، ولكننا لا نسمع عنها في ميزانية الدولة فهي قطعان هائمة دون آلية لاستغلالها، لسنا في حاجة الى دخول القطاع الخاص في إنشاء مسالخ للصادر، فالمسلخ بنية تحتية كالطرق والكباري، إنشاء المسالخ مربوط بكمية المسحوبات من المواشي الحية من مواقع الإنتاج، وتكلفة إنشاء مسلخ تكلفة عالية يعجز القطاع الخاص عن ولوج هذا المجال.. إن الدولة تحتاج الى زيادة صادراتها من اللحوم وهي ليست بالأمر السهل، فالمستورد ينظر اليها كسلسلة من الإنتاج والتسمين والتأكد من سلامتها وتفتيش المسالخ والمعامل المرجعية الخاصة بمتبقيات الأدوية البيطرية والمبيدات والهرمونات في اللحوم.. إن ايلولة مسلخ الكدرو للقطاع الخاص لا نضمن تشغيله بالطاقة المطلوبة، ولا يلبي احتياجات السوق المحلي.. والدولة لديها تجربة في خصخصة هذا المسلخ ورغم قناعتنا التامة بسياسة الخصخصة، ولكن لابد من وقفه أمام هذا المرفق الهام . إن الزلزال الذي ضرب الثروة الحيوانية بحل مؤسسة تسويق الماشية واللحوم ليقوم على انقاضها ما يسمى (ببنك الثروة الحيوانية) قد ترك تصدعاً كبيراً فيه، لقد كانت تمتلك هذه المؤسسة أكبر وأقوى شبكة اتصال في زمن عزّ فيه التواصل، وتمتلك أكبر خط للسكك الحديد ناقل للثروة الحيوانية، وتمتلك أطول خط بري للماشية مزود (بالدوانكي) وتدير أكبر أسواق للماشية وجيئ ببنك يحدد سياسة المساهمين ولا مجال للثروة الحيوانية للصرف عليها منه.. إن بيع المسلخ كمسلخ زلزال آخر للثروة الحيوانية إذا لم يعوض بمسلخ آخر !!! البيان أوضح المجهودات التي بذلتها الوزارة بقيادة وزيريها الدكتور فيصل حسن ووزير الدولة مبارك مبروك سليم، الذي من خلال موقعه كالأمين العام لجبهة الشرق ورئيس لحزب الأسود الحرة، فقد كان تفاوضه مع المفاوض الحكومي لحكومة السودان بضرورة التفاكر وتطوير صندوق إعمار الشرق في مجال الثروة الحيوانية لإيجاد شراكات ناجحة فيه . اذكر العبارات التي قالها الدكتور فيصل حسن- وقد جاء للوزارة وكان استقباله كاستقبال الفاتحين- وقد علت الحناجر وهي تهتف فيصل.. فيصل.. انت الفيصل، قال كما قال حينما ضاقت ساحة النصر بالأبيض بالحضور من أرياف الابيض لاستقباله والياً لولاية شمال كردفان يومها قال: لن تحتويني شرذمة ولن تكون لى ثلة من دون الآخرين، ولن نبذل جهودنا لارضاء قبيلة أو جهة أو فئة، القيادة فيه لإصحاب الكفاءة، ولن يتقدم الصفوف حزبية ولا قبلية. لقد سررنا أن الافادة التي أوردتها الصحفية اللامعة سلمى قد نقلت بالدقة والتمحيص، وقد صدر من السيد الوزير شخصياً، وليتها لو نقلت بنفس الدقة والتمحيص ماقاله النواب عن اداء الوزارة وعن تميزها ويكفينا فخرا انه قد حافظ على سمعة لحوم الماشية السودانية، رغم الحصار المضروب على البلاد، فلم نستورد لحوم بيضاء أو حمراء، لم نستورد لقاحات رغم شح الدعم، استقطبت الوزارة ملايين الدولارات من أجل تطوير قطاع الأسماك، ترقية قدرات الكوادر لم يسبق له مثيل منذ زمن بعيد، تحسين السلالات و...و...الكثير المفيد للبلد وللقطاع البيطري. نحن كأطباء بيطريين فخورون بالدكتور فيصل وهو يقود هذا القطاع، ونشهد له بتجربته فرحلته العلمية كباحث واستاذ ومنسق لمكافحة الأمراض الوبائية، تجعل منه متخصصاً في مجال الثروة الحيوانية وعالماً باحوالها الصحية.. إننا فخورون بسيرته السياسية وزيراً ووالياً وأميناً لأمانة الرعاة والزراع ومواقعه في الاتصال التنظيمي كنشاط حزبي تجعل منه شخصية ذات تجربة في البحث عن دعم هذا القطاع وتنميته. إن البيان يوضح الجهود التي بذلت والمحطات التي يقف فيها، لقد كان السرد واضحاً، وتحديد المشكلات أمام السلطة التشريعية ضرورة قصوى وهي من اختصاص المجلس الوطني الاطلاع على اداء الجهاز التنفيذي فصدق السيد الوزير وذكر الأرقام كما هي وهذا دليل عافية.