البروف والعالم الجليل.. محمد عثمان صالح- الأمين العام لهيئة علماء السودان قبل التحايا والسلام لك التوقير والاحترام.. ونكتب لك بأبهى الحروف نظافة.. وأنبل الكلمات وقاراً.. ونحن نحترم ونجل ونوقر علماءنا.. فهم أبداً المصابيح الباهرة والمبهرة التي تضيء الطريق لخطواتنا حتى لا تزل ولا تتنكب الطريق.. قرأنا تصريحك القاطع.. أو الغاضب وأنت تتحدث عن الغناء مطلقاً وفي الشهر الكريم رمضان تخصيصاً.. لا اعتراض لنا على تصريحك وإن كان لنا فيه بعض الملحوظات.. بل بعض التحفظات التي تتصاعد وترقى إلى حواف الإختلاف.. قال سيادتكم إن القنوات السودانية المحتشدة بالغناء قد هزمت المشروع الإسلامي للدولة.. ونقول لك في ثقة لا يزعزعها ظن ويقين لا يخلخله شك إن القنوات المحلية لم تهزم المشروع الإسلامي والذي إلتف عليه صناعه لست أدري تمويهاً أو تلويناً بأن اطلقوا عليه المشروع الحضاري.. نقول إن هذه القنوات بريئة من دم المشروع الإسلامي براءة الذئب من دم يوسف بن يعقوب.. ويقيننا يا مولانا.. إنك ومعك كل علماء بلادي يعرفون في يقين مَن الذي هزم المشروع الإسلامي ومن خلخل هيكله صامولة.. صامولة.. ومن طوى راياته التي رفرفت في سماء الوطن وأودعها المخازن.. هذا أولاً.. أما ثانياً إنك أفتيت أو حتى طلبت من القائمين على الأمر أن يوقفوا الغناء في شهر رمضان، ونسألك يا بروف وماذا بعد شهر رمضان؟؟ على أي حال.. أنا سعيد لأنك لم تطالب بنحره جملة وتفصيلاً.. أو إيقافه «مرة واحدة» ولي أمل كبير أن تكون من مدرسة أو من المقتدين بالإمام أبو حامد الغزالي الذي قال «من لم يهزه العود وأوتاره والربيع وأزهاره والروض وأطياره فاسد المزاج يحتاج إلى علاج». بالمناسبة يا بروف فقد حدثنا التاريخ إن فتوحات هائلة وانتصارات مدوية قد حدثت في عهدي الأمويين والعباسيين.. وكانت قصور خلفائهم تحفل بالمغنين والمغنيات، ويتردد في قاعاتها الغناء البهيج والصدح الأنيق والمزمار الرشيق. مولانا البروف.. لست هنا لأخوض في الغناء حلال أم حرام.. وبعد إذنك دعني أنفذ مباشرة إلى لب الموضوع وأتربع في سويداء قلب الأمر.. أولاً اطمئنك بأن «عضم» إسلام الشعب السوداني سليم ومتين، بل هو في صلابة الفولاذ.. وأرجوك «ما تخاف» على إيمان شعب يصوم رجاله ونساؤه وشيوخه وحتى أطفاله سنوات وسنوات، وهم تحت درجة حرارة تتعدى الثماني وأربعين، وهي تذيب حتى الأسفلت.. شعب يرى في الإفطار في نهار رمضان ضرباً من «العيب».. حتى الذين يملكون رخصاً تجدهم يصرون على الصوم، رغم أن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قد قال فيما معناه.. إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه.. وهل تعلم يا مولانا إن كثيراً من المسافرين سفراً يبيح الأفطار يصرون على الصوم رغم مشقة السفر والطريق؟.. وإن كبار السن من رجال ونساء ورغم الشيخوخة والكبر وتقدم السن يرفضون في عناد الإفطار.. وأنه حتى المرضى يتحاملون على أمراضهم ويصومون رمضان مثل هؤلاء.. وشعب بهذا الإيمان هل يمكن أن تشغله «أغنية» أو«كورة» أو دراما عن الانصياع الكامل لمستحبات وأحكام رمضان.. الآن يا بروف.. نبدأ معك بالأمر الذي جعلنا نخاطبكم.. وكل ذلك من وحي تصريحكم عن رمضان والفضائيات والغناء.. أولاً ليست هناك أمة مسلمة على الأرض وليس لها هيئة علماء.. فقط لأنهم النجوم التي تهدي الطريق وتبين السبيل في حلوكة الليل البهيم.. نحن لا نعرف كثيراً عن هيئة علماء السودان.. وكيف تكونت وما هي شروط الانضمام إليها واكتساب عضويتها، بل لا نعرف ما هي صلاحياتها، وهل الفتاوى الصادرة منها ملزمة للناس وللحكومة؟؟ كل ذلك نجهله ولكننا نتجاوز كل تلك الأسئلة ودعنا نعترف بهذه الهيئة ونعتبرها الهيئة الوحيدة المنوط بها الافتاء وحدها لا غيرها.. وبكرة نواصل لنقدم لها طلباتنا..