الأسرة المرتبطة المتماسكة هي أول اللبنات في بناء المجتمع السليم، فالأبناء قرة أعين الآباء، وبهذه المحبة لا يرضون لهم منزلة أدنى من إمامة المتقين والسير في موكب الصالحين. وقال تعالى: «وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا» الفرقان. والتربية الناجحة استشراق للأحسن وبناء لغد أفضل، لذا يجب علينا الحفاظ على هذه الأمانة قال الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ» من سورة الأنفال.. وعن تحمل هذه المسؤولية كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.. الإمام راع ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية ومسؤولة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، والرجل راع ومسؤول في أهله وأبنائه ومسؤول عن رعيته. وبعض الآباء لو سألته متى قبلت أولادك أو ضممتهم بين أحضانك؟ ربما لا يتذكر، وهذه من إمارات نزع الرحمة من قلبه. وإن بعض الآباء لا يعرف إلا معاني القسوة والغلظة في معاملته مع أبنائه فإذا دخل بيته قام الجالس واعتدل الضاحك وقطب الباسم، فمثل هذا الأب لا ينتظر من أولاده سواء الجفاء والعقوق. مال رجل إلى عمر بن الخطاب شكو عقوق ولده. فأمر عمر باحضار الولد وأتب عمر الولد لعقوقه لأبيه، فقال الولد يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: أن ينتقي- أي تثار- أمه ويحسن اسمه ويعلمه الكتاب- أي القرآن- قال الولد يا أمير المؤمنين أن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك، أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوس وقد سماني جعلا ولم يعلمني الكتاب ولا حرفاً واحداً، فالتفت عمر إلى الأب وقال له: جئت تشكو عقوق ابنك وقد عققته من قبل أن يعقك وأسأت إليه من قبل أن يسيئ اليك. وأيها الآباء أنتم القدوة الحسنة لأبنائكم علموهم الصدق والأمانة ومكارم الأخلاق، والصلاة والإحسان إلى الكبير واحترامه، وصلة الأرحام، أيها الأب لا تأمر أبنائك بالصدق وأنت تكذب، فلا تنتهي عن شيء وتأتي بمثله. إلى الآباء: قبل أن يفلت الزمام: الأبناء هم ثمار قلوبكم وعماد ظهوركم كونوا لهم الأرض الذليلة، والسماء الظليلة، فإذا غضبوا فأرضوهم، وإن طلبوا فأعطوهم وأن خافوا فأمنوهم وطمنوهم، وبكتاب الله وسنة حبيبنا المصطفى علموهم، يمنحوك ودهم وحبهم وجهدهم أيها الآباء لا تكن عليهم ثقيلاً فيكرهوا قربكم ويتمنوا بعدكم أجعلوهم: يحبوا قربكم وبقائكم ويكرهوا ويملوا فراقكم وبعادكم. أتمنى أن يسود الحب والود والعطف والحنان بينكم وبين أبنائكم. فاطمة الشهاب