واليوم حديثنا إلى وعن مولانا الجليل الزبير أحمد الحسن.. أمين الحركة الاسلامية.. وحتى أكون دقيقاً الحديث اليوم عن آخر تصريح لمولانا الزبير الذي تصدر كل واجهات الصحف التي صدرت قبل يومين من الآن.. وقبل الابحار في نهر مولانا أو قبل المشي حفاة وفي خشوع على رمل مسيد مولانا دعوني أورد لكم تصريحه نصاً وحتى تكون الاضاءة باهرة وساطعة قال مولانا الزبير وهو يتحدث عن «إخوانه» في الحركة الاسلامية قال وهو يخاطب المؤتمرين «إن المرحلة القادمة هي مرحلة الهجرة إلى الله بعد الأداء المميز لبرنامج البنيان المرصوص». نعم هذه هي كلمات مولانا الزبير.. صحيح إنها كلمات موجهة تماماً لأعضاء الحركة الاسلامية.. والصحيح أيضاً أنها لا تخصني ولا تعنيني من قريب أو بعيد وما كنت لأتوقف عندها لحظة أو لمحة.. ولكنها أيضاً تعنيني حد الغرق.. فقط لأني مواطن كامل المواطنة في هذا الوطن.. ولأن «الجبهة الاسلامية هي من يحكم هذا الوطن منذ خمسة وعشرين سنة وتزيد.. لذا أجد لنفسي مطلق الحرية وكامل الأهلية أن أتناولها بالتعليق والأسئلة والاستفهام والرفض أو القبول.. بالعجب أو الدهشة أو الموافقة والفرح بها أو الحزن والغضب عليها.. أولاً.. أنا لا أعرف اصطلاح «البنيان المرصوص» ولي الحق كل الحق إن سألت ما هو البنيان المرصوص.؟ وكيف انتهت مرحلته..؟ هل البنيان المرصوص هو عودة الدكتور شيخنا وأمين حزبه السياسي إلى ربوع الأحبة القدماء في المؤتمر الوطني؟؟ «طيب» إذا كان الأمر كذلك فإن ركناً من ذاك البنيان المرصوص قد تهدم وأحدث فراغاً كان صغيراً أو كبيراً في البنيان وهو تلك الفجوة التي تركها خروج دكتور غازي ورهطه الميمون رزق واسامة؟؟ أما الهجرة إلى الله.. والحديث عن الهجرة إلى الله فقد ادهشني حدَّ الجنون.. وهتفت في سري هتافاً ناطقاً عاصفاً ومدوياً «طيب» يا مولانا.. إلى أين كانت هجرتكم تلك ولمدى ربع قرن من الزمان؟؟.. مولانا الزبير.. والله لو كانت هذه الكلمات من أي قائد أو مسؤول في الحركة الاسلامية غيرك..! لما أعرنا هذا التصريح التفاتةً حتى للحظة واحدة أو وقفة عابرة، ولكنني أعتقد إنك من الصادقين في الحركة الاسلامية.. بل أحياناً أحس بأنك من الاساتذة الذين يحتلون في قلبي ونفسي مساحة هائلة من الاحترام والتوقير.. بل أقول إنك تذكرني بأستاذي صادق عبد الله عبد الماجد ا لذي أرى فيه الصدق يمشي عندما يمشي.. وأرى فيه الاسلام باهراً وضيئاً ومضيئاً.. لذلك كله ومن أجل ذلك كله أرجو أن يتسع صدرك إلى كلماتنا التي نجد لزاماً علينا أن نكتبها.. ولك نقول.. وبما أن الحركة الاسلامية قد حكمت السودان لمدى ربع قرن من الزمان نتلو عليك أو ننثر بين يديك ثمار حصادها لتعلم أن هذا الشعب تجرع أكواباً من عصير الحنظل وأن القبلية لم تتمدد إلا في عمر حكمها.. و إن هذا الشعب المحتشدة صدوره بالأشواق للإسلام قد شهد حكماً لا يمت للإسلام بصلةٍ أو وشيجةٍ.. وإن بعض «إخوانك» من الإخوان قد اسكرتهم نشوة السلطة فصاروا يعبون من ترفها عباً.. وإن البنيان المرصوص قد تشقق وتصدع.. وإن الحركة الاسلامية قد خسرت كثيراً وفقدت كثيراً من رصيدها في وجدان الشعب.. أما حديثك عن الهجرة إلى الله فهو الأمل الوحيد أو الجزء الوحيد في التصريح الذي أعجبني وها أنا اسأل الله في خضوع ابن الفارض وخشوع العدوية أن يصبح حقيقة، وأن يتجه الإخوان فعلاً في هجرة مصحوبة بتوبة نصوحة إلى الله.. آملاً أن يهجروا الأسواق والأعمال والأموال وأن يهاجروا «زي زمان» إلى المساجد ويتحلقوا جماعات.. جماعات في ظلال «الأسر» عندما كانوا «مساكين» ومسالمين.