وما زلنا في حدائق النادي الكاثوليكي.. الذي كانت لنا فيه ذكريات وتذكارات في ذاك الزمن البهي والزاهي عندما كانت الخرطوم تستحم بأضواء النيون وعندما كانت عيوننا تدمن سهر الشوق في العيون الجميلة.. وعندما كان النادي يتنسم في وجوه الهابطين من الطائرات من مدن مغسولة شوارعها بالجليد وأخرى مغروسة عماراتها ومدنها في بحور من الرمال.. كان كل ذلك قبل أن يقتلعه عنوة ورجالة وحمرة عين «الإخوان».. نعم نحن الآن داخل أسوار النادي الكاثوليكي.. نجلس بين يدي البروف المهذب جداً غندور.. ونواصل معه الحكاوى عن الوطن.. بل عن مركب الوطن التي لا نعرف ولا حتى غندور نفسه يعلم أين ترسو.. وأين ترمى القلاع.. وأين تطوى الشراع.. وأين يعلن القبطان عن ميناء الوصول.. ونواصل مع البروف وله نقول.. بالأمس تحدثنا طويلاً عن أجهزة الدولة المسخرة بالكامل للأحبة في المؤتمر الوطني.. وكيف أن إذاعة الوطن تنقل لنا أي همسة أي نسمة تصدر من المؤتمر الوطني.. واليوم ندخل إلى جنة أو جحيم الانتخابات والتي هي مواسم فرح.. وليالي عيد.. وأماسي كرنفالات في كل عواصم «الكفار» وبلاد اليانكي حيث يربض الشيطان الأكبر.. هؤلاء الكفار يتدافعون بالمناكب وتتلوى عندهم الصفوف وهم ينشدون إن هذا اليوم فينا يوم عيد كيف لا وهم يحملون أوطانهم بين ضلوعهم ويؤشرون على بطاقات الاقتراع قبل الدفع بها في الصناديق الانتخابية الشفافة واللامعة كما الكرستال لتعلن في صدق ونزاهة ونظافة من هو الفائز ومن هو الخاسر.. و«حكمة الله» أن الأحبة في الإنقاذ ما بروحوا يهددون المعارضة بالانتخابات وكأن الانتخابات غول أو حيوان أسطوري مفترس.. فجأة أمد يدي مهنئاً البروف غندور باكتساح الأحبة في المؤتمر الوطني أي انتخابات جرت وتجرى وسوف تجرى في البلاد طالما كانت في ظل وظلال حكومة «الإخوان» وتحت سنابك خيول المؤتمر الوطني.. وأواصل للبروف قائلاً.. واهم من ظن مجرد الظن أن حزب الأمة القومي سيفوز بدائرة واحدة في عموم أرجاء الوطن.. بل سيفوز بدائرة واحدة حتى وإن ترشح في أي دائرة من نخلات حلفا والمساحات حتى «جودة» وواهم بل معتوه إذا فاز حزب «أبو هاشم» بأكثر من ثلاث أو أربع دوائر وحتى تلك إلا إذا تنازل له عنها المؤتمر الوطني.. أو أخلاها له المؤتمر الوطني.. أما المؤلفة قلوبهم من الذين يحبون ذهب المعز حباً جماً.. فهؤلاء ليسوا طماعين ويرضون بأي فتات ينثره لهم المؤتمر الوطني.. وإذا سألني أو حاصرني البروف غندور بالسؤال من أين لي تلك المعلومات أو الجرأة أو النبوءة.. أحيله فوراً إلى مقولة ساخرة نطق بها مولانا أبو هاشم في آخر انتخابات جرت في هذا الوطن النبيل.. فقد ذهب مولانا «أبو هاشم» إلى كسلا وكسلا تشهد حتى سواقيها أنها معقل أنصار أبو هاشم الذين يغطون ليس عين الشمس.. بل يغطون حتى آخر حجر في «التاكا».. قابل مولانا أبو هاشم في رحلته تلك مئات الآلاف من المحبين والمريدين وجاءت الانتخابات وتوقع مولانا أبو هاشم أن المؤتمر الوطني سوف يندحر في كسلا.. وتمخض جبل الانتخابات وولد خسراناً مذلاً لحزب مولانا الذي تساءل مندهشاً أو مستغرباً أو غاضباً أو ساخراً وقال أين جماهير حزبنا هل جرفها «القاش». البروف غندور.. والله «بختكم» سوف تكتسحون أي انتخابات قادمة.. بل انتخابات تجرى وحتى صافرة «عزرائيل» كما قال الدكتور نافع ما دامت الإنقاذ باقية بقاء الجبال الرواسي. } بكرة نتلاقى