أمس لبيّتُ دعوة كريمة لحضور اللقاء التفاكري الذي دعتنا إليه هيئة الإذاعة والتلفزيون في نسختها الجديدة!! «تفاكري» تشير إلى أن صاحب الدعوة يريد أن يستمع أكثر مما يتكلم. وأظن أن هذا ما فعله الأخ السموأل خلف الله والزبير عثمان وبقية أركان الحرب يس إبراهيم وصلاح الدين التوم والأخ «طيب صديق» الذي يقف وراء الستارة بكل مهنيته وشطارته!! أجمل ما في اللقاء وجود الأستاذ ميرغني البكري شيخ النقاد والذي أضفى على المكان ألقاً وسحراً وعبقاً للتاريخ أحسست به بذات الإحساس الذي غمرني وأنا أدلف في الممر الطويل لردهات الإذاعة في طريقي لاستديو الأزهري!!.. تحس «هنا» بتاريخ «هنا أم درمان» وصور المبدعين والرواد الذين مروا من «هنا» وقدموا كل ما عندهم لإسعاد الشعب السوداني ثم ذهبوا بسلام لتبقى ذكراهم وأعمالهم خالدة في الوجدان. «هنا أم درمان» وتلفزيون السودان ملك مسجل على «الشيوع» للشعب السوداني رغم تغول الحكومات عليها باسم الدولة، فالدولة ليست الوزير الذي يرفع السماعة بأمر وينهي ولكنها «المجتمع + الحكومة».. وهنا تكمن سر الكلمة «الغائبة» طيلة مسيرة هذين الجهازين!! هل مهمة السموأل صعبة؟.. لا أعرف ولكن الذي عرفته في لقاء الأمس أنها ليست سهلة.. فهناك ظلم وغبن وقعا على العاملين وهناك أزمة صامتة حيناً ومتفجرة حيناً آخر.. إذن ماذا ستفعل الإدارة الجديدة ما بين مدلولي «الترشيد والتشريد» وهنا تكمن المعضلة ومربط الفرس! لاحظت أن السموأل كتب كثيراً ودون كل المقترحات والتي ربما تجد طريقها للتنفيذ وربما لا تجد.. ولكن الأهم في نظري أن يراجع المدير الأهداف القديمة التي سردها على الصحفيين.. هي أهداف ترجع إلى بدايات أيام المشروع الحضاري مثل التعريف بسياسات الدولة - وهنا تعني الحكومة -وإنجازاتها وإن لم توجد إنجازات مثل هذه الأيام.. فماذا ستفعل الإذاعة وكذلك التلفزيون؟ «الصياغة» الجديدة يجب أن تقترب من عمق الأزمة السودانية وحاجتها لعكس التنوع الثقافي والاجتماعي ومحاربة العصبية والقبلية وتعميق الحوار وفتح كوة من نور الإعلام للكيانات الضعيفة وللشباب. ليس صحيحاً ما قاله بعض الزملاء بأن الناس قد انصرفوا كلياً عن الإذاعة والتلفزيون.. وأستشهد هنا بما قاله أحد المتحدثين بأن الحوش مليان «مجانين إبداع» فقط يحتاجون للمسة «حنان». العلاقة بين «الصحافة والهيئة» لا يجب أن تكون على طريقة «توم آند جيري» ولكنها يجب أن تقوم على «المصالح المشتركة» وأهمية ترسيم الحدود وفتح المعابر والسماح بالحريات الأربع والتنقل بالبطاقة ونزع فتيل الاحتكاكات والذي لا أعرف لماذا تحدث أصلاً؟