رأي: صلاح محمد عبد الدائم (شكوكو) كتبنا كثيراً حول الرياضة وما يتصل بها من قضايا وممارسات.. ولأن الحديث في مجال معين, ولمدة طويلة يحدث قدراً من الملل في النفس.. لذا فقد إرتأينا أن نخرج هذه المرة من الدائرة الرياضية الى مشاهدات من واقع الحياة, فيها قدر من الإندهاش.. فقد حدث ذات مرة بينما كنت أسير في الطريق العام وأنا حينئذ بدولة الإمارات, أن وجدت رجلاً آسيوياً يبيع ساعات وأشياء أخرى صغيرة، متمركزاً في زاوية من زوايا الشارع العام الذي كنت أسكن فيه.. مررت به بعد إلقاء نظرة عابرة على المعروض, لكن الرجل وبصوت هامس دعاني إليه.. فعدت إليه كي استطلع الأمر.. ودون أن يتفوه بكلمة ناولني نظارة يمكن أن أصفها من خلال شكلها الظاهري أنها عادية.. فتجاهلت النظارة لأرى الأشياء الأخرى، لكنه كان مصراً على مشاهدة النظارة.. مد ليّ الرجل النظارة.. وهو يدعوني لوضعها.. وبالفعل وضعتها.. فشاهدت صورة بديعة للحرم المكي الشريف، ثم حولها الرجل الى صورة أخرى للحرم النبوي.. كما أنه دمج الصورتين لتتداخلان بصورة بديعة وكأنني أمام مخرج سينمائي بديع. النظارة في تشريحها العام مكونة من (زوجين من العدسات بمجموع أربع عدسات), لكنها للمستطلع تبدو وكأنها عدستين سميكتين.. لكن ما يلاحظه الفرد أن بها بعض أدوات وأزرار تدلل على التعقيد الذي فيها.. وحينما رأى الرجل انصرافي عنها.. حرك فيها مزلاقاً صغيراً جداً لا تكاد تراه العين, وبمجرد تحريكه وجدتني أراه أمامي كما ولدته أمه.. مما يعني أنك تستطيع أن ترى الناس في الطريق العام دونما ملابس تواري أجسادهم.. نعم تراهم مجردين من ملابسهم في مشهد لا يمكن تصوره.. نعم خلق الله المطمئنون في الطريق العام.. فجأة تراهم غير مستورين!.ز وكلٌ قد خرج من بيته متأدباً.. دون أن يتخيلوا أن هناك من يخترق سترهم.. إذ لا يمكن أن يتخيلوا أنهم دون غطاء ساتر.. وإلا لما خرج شخص من بيته في ظل هذا الاكتشاف الخطير.. صحيح أن في هذه المدينة كثير نساء من مختلف أرجاء الدنيا، كاسيات عاريات، سائرات في ركاب الموضة والعولمة ساقاً بساق.. وقدماً بقدم.. وصحيح أن هناك سفوراً وتبرجاً الى أقصى الدرجات.. إذ لم تعد (الصُرة) عيباً.. ولا مثلث الصدر مخجلاً.. ولا انكشاف الظهر مشكلة.. وحدث ولا حرج, فكل الذي في الخبء أصبح في العلن.. لكن في ذات الأوان يجب أن نقر بأن بينهنّ أخوات فاضلات, فضلن العفة على إظهار ما أمر الله به أن يستر.. ليس هذا فحسب, بل إنك ترى من خلال النظارة كل قطعة معدن.. والقطع النقدية والدبابيس المستقرة في الجيوب.. ولعلني أتخيل أنها ذات النظارة التي يستعملها الحراس الشخصيين لكبار الشخصيات، لكن الفرق بينهما أن هذه تجسيدية وبدقة.. بينما الأخرى تحول الجسوم الى هيكل عظمي كما في صورة (الأشعة السينية) دون تشخيص دقيق, حيث الغرض منها رؤية المعادن والأسلحة.. والنظارة قيمتها حوالي 100 دولار فقط.. لكن الأغرب والأدهى من ذلك ما جاء على لسان صديقي الرفاعي (مصطفى كشة) حول المرآة التي نجدها في غرف قياس الملابس بالمحال التجارية.. وبصفة خاصة النسائية.. فكثير من هذه المرايات ذات وجهين، بمعنى أن الموجود خلفها يستطيع النظر الينا دون أن نراه.. مرآة غرفة قياس الملابس تهم النساء كثيراً.. لكن كيف لهنّ تحديد المرآة إن كانت ذات اتجاهين؟.. أو اتجاه واحد؟ كيف يدركنّ أنها آمنة؟.. الأمر ليس طرفة، وليس القصد منه الإخافة أو التشكيك.. لكن لنعلم الى أي مدى بلغ الحال والاحتيال.. لكن كيف نكتشف أن المرآة ذات اتجاهين أم لا؟.. عندما تقومي أختي بزيارة صالونات التجميل أو النزول بالفنادق أو دخول غرف تبديل الملابس.. تأملي المرآة لتكوني مطمئنة.. المرآة ذات الاتجاهين هي مرآة يستطيع من يقف خلفها أن يشاهدك دون أن تريه.. هناك العديد من الحالات التي قام فيها أشخاص بتثبيت مرايا ذات اتجاهين في غرف تبديل الملابس الخاصة بالنساء.. صحيح أن ذلك لم يكن بالسودان, لكن تخيل الأمر يشيع ثقافة المعرفة والخوف معاً.. ومن الصعوبة بمكان التأكد من مثل ذلك بمجرد النظر.. إذن كيف نستطيع التأكد يقيناً من حقيقة المرآ.. يتم ذلك باختبار بسيط.. فقط ضع (ضعي) رأس أصبعك باتجاه سطح المرآة العاكس، أي أجعل أصبعك ملامساً للمرآة.. إن كان هناك فراغ بين أصبعك وصورته المنعكسة في المرآة, فالمرآة إذاً حقيقية، ولا خوف منها.. وبطبيعة الحال فإن كان ظفرك يلمس الصورة مباشرة بدون أية فراغ بين الأصبع والصورة, فاحترسي لأنها مرآة ذات اتجاهين، وتأكدي من أنك مكشوفه.. وتذكر ذلك في كل مرة ترىن فيها مرآة.. في أي مكان في هذا العالم الفسيح.. أما سبب وجود فراغ بين الأصل والصورة في المرآة الحقيقية.. فذاك يعود الى وجود الفضة تحت الزجاج في المرآة العادية.. أما في حالة المرآة ذات الاتجاهين, فإنَّ الفضة تكون على السطح.. وهكذا أصبح العالم مكشوفاً.. ومهتوك الستر.. ففي أمريكا أصبحت المطارات كلها كاشفة للأستار، الناس يتحركون أشباحاً بين الكاميرات، وكلهم في دائرة الانكشاف.. لا فرق هناك بين المرأة والرجل.. حيث يجلس رجال الأمن الفدراليين يحركون الكاميرات وهم أمام شاشات الكشف والتصوير الليزرية.. فقد أصبح المستور مكشوفاً.. ولم يعد للحياء أمام الخوف قيمة.. وياما تحت السواهي دواهي. ملء السنابل تنحني بتواضع والفارغات رؤوسهن شوامخ