تقول النكتة.. واحد من أصحاب المزاج العالي مسطول سطلة شديدة، في نص الليل قام من النوم وقعد يفكر متحير: يا ربي الضمير الغائب رجع وللا يكون مشى وين؟.. والضمير المستتر عرفوهو منو وللا لسه عامل رايح!!.. والضمير المتصل لقى ليهو زول يرد عليه وللا رصيدو كمل؟.. وحروف الجر ديل لسه بيلعبوا كوتشينة!!.. والتاء المربوطة دي لسه ما لقت ليها زول فكاها؟.. وإن واخواتها عرسوهن وللا لسه بايرات؟.. وحروف النصب تابن وللا لسه؟.. والله أنا حالي بقى زي حال المسطول ده، اليوم كلو متحير وبفكر لكن طبعاً بعيد عن أسئلة المسطول المضحكة تلك، فأنا على الدوام أفكر في حال وأوضاع العديد من رموزنا الابداعية في مختلف المجالات، الذين أفنوا عمرهم ورحيق شبابهم في خدمة وطننا الغالي السودان، وقدموا كل إبداعهم وتجاربهم وخبراتهم، وما استبقوا شيئاً، ولكن الشيء المؤسف أصابتهم ويلات المرض والألم وأوجاع الدهر المختلفة، وتوالت الضربات عليهم، فهذا حال الدنيا، ولكن منبع أسفي ناتج من الجحود والنكران وعدم الاهتمام الذي وجدوه من الدولة ومن مؤسساتها المعنية برعايتهم والاهتمام بهم.. وأعني هنا وزارة الثقافة، وما يسمى بصندوق دعم المبدعين تلك اللافتة الكبيرة فضفاضة الاسم، ولكنها خاوية الوفاض للأسف، ويقول لها المبدعون دوماً شكراً حزيناً في كل فتراتها السابقة، رغم أننا الآن نستبشر خيراً بتولي الفريق عبد القادر يوسف لأمر هذا الصندوق، فالكثير من المبدعين يتساقطون يومياً ولا يجدون من يمد لهم يد العون والمساعدة، ومنبع حزني في ذلك يرجع إلى أن علاج بعضهم والاهتمام بهم لا يعدو عن كونه علاقات ومهارات شخصية فقط ليس إلا، والكثير منهم يتأوه من ويلات المرض، ولكن الحياء والحس المرهف بدواخلهم يمنعهم من الجهر بآهاتهم وآلامهم، ويرفضون حتى مبدأ لفت انتباه الدولة لهم، ويقولون هذا واجب الدولة وليس من المنطق أن نستشعرها بأدوارها ومسؤولياتها، فنحن قدمنا إبداعنا للسودان وليس لدولة أخرى حتى نجد كل هذا التجاهل الذي يؤلمنا أكثر من ما نعاني من أمراض. وحقيقة أكون في قمة السعادة والسرور عندما يستجيب رجل أعمال أو مؤسسة لمبادرة علاج لأحد المبدعين التي تطلقها الصحف من فترة لأخرى، وكان آخرها سعادة كبيرة اعترتني والسيد أشرف الكاردينال يتكفل بكل منصرفات علاج الإعلامي المخضرم الأستاذ حمدي بدر الدين، وخص «آخر لحظة» بصورة شخصية لمتابعة التفاصيل، وذهبت في معية الأستاذين مصطفى أبو العزائم والرشيد عربي خال الكاردينال إلى منزل حمدي بدر الدين وأبلغناه بالخبر السعيد حتى دمعت عيناه من السعادة والامتنان للكاردينال. ولكن يبقى السؤال القائم.. إلى متى يكون علاج رموزنا الابداعية والاهتمام بهم هو مهارات فردية ليس إلا، وترفع الدولة عبر مؤسساتها المعنية يدها عنهم وتغض طرفها عن الاهتمام بهم، لذا من هنا أناشد العزيز الكاردينال ورفقائه ورصفائه من أصحاب المال والأعمال بالاهتمام بالمبدعين من خلال إنشاء مؤسسة خيرية ضخمة ترعاهم وتلبي حاجتهم، خاصة من الأمراض التي يعانون منها، فهم أشد ما يكونون لذلك، فبدلاً من صرف المليارات في لعيبة كرة القدم الذين لا نجني منهم إلا السراب فقط، يجب أن تسخر هذه الأموال أو حتى ربعها فقط لعلاج المبدعين.. فهل تسمعني يا الكاردينال، وجمال الوالي، والبرير، وأسامة داؤود، وصلاح ادريس، وود الجبل، والبقية. و.. و.. و.. أهديتك القلب المعذب قلت لي ألمو بتزيلو تبقى نورو وتبقى فجرو وتمنع الدمعات يسيلو