حقيقة نتأسف كثيراً ونذرف دموع الحسرة عندما نشاهد آلام وأوجاع المبدعين في بلادي في مختلف مجالاتهم بعد أن أفنوا زهرة شبابهم في خدمة هذا الوطن ونشروا إبداعهم فيه لفترات طويلة واستفادت منه الأجيال التي تعاقبت من بعدهم ومازالوا ينهلون من معينهم حتى الآن، ولكنهم للأسف الشديد حالهم يغني عن السؤال فمعاناتهم فاقت حد الوصف، فالكثيرون منهم لا يجدون ما يسد رمقهم ولا تتوفر لهم أدنى مقومات المعيشة الكريمة التي تغنيهم عن السؤال والوقوف على أبواب الوزراء للعلاج ولتسهيل ضغوط الحياة الصعبة في مشهد لا يليق بهم، لذلك يستعفف الكثيرون منهم عن ذلك لإحساسهم المرهف وعزة أنفوسهم التي تمنعهم السؤال، واتجه الآخرون عن التعبير عبر الصحف شاكين لطوب الأرض من الإهمال والمعاناة وعدم وقوف الدولة معهم في أوقات شدتهم.. ولكن يشهد الكثيرون منهم للأستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية بوقفته القوية مع المبدعين في مختلف مجالاتهم وتذليل الكثير من المصاعب أمامهم ووفر لهم سبل الحياة الكريمة.. وأنا نيابة عنهم أتقدم بوافر الشكر والاحترام والتقدير للشيخ علي عثمان محمد طه على هذه المواقف النبيلة وهي ليست غريبة عنه لكرمه وطيبة أصله، ولكن رعاية المبدعين هل هي مسؤولية السيد نائب رئيس الجمهورية..؟.. فأين الوزارات المعنية بذلك..؟ وماهو دورها الحقيقي تجاه هذه الحالات..؟.. أم أنها لا تعلم عنه شيئاً..؟.. ولكن الأهم من كل ذلك أين صندوق رعاية المبدعين هذا اللغز المحير؟.. فقد بدأت فكرة تكوينه منذ العام 1988م واختتمت عام 1998م على يد الدكتور غازي صلاح الدين، وأصدر قانون من المجلس الوطني بقيام هذا الصندوق وتم وضع بنوده بصورة دقيقة وكافية ترحم المبدعين من مذلة السؤال، ولكن أين الصندوق على أرض الواقع..؟.. وماذا قدم حتى الآن..؟.. وهل هو اسم شكلي فقط..؟.. وهل يعلم المبدعون عنه شيئاً..؟.. كل تلك الأسئلة وغيرها حملناها لعدد من المبدعين لتسليط الضوء على هذا الصندوق.. فقالوا:- الإذاعي الرقم عبد الرحمن أحمد محمد صالح قال: لم أسمع بوجود صندوق رعاية المبدعين سوى منك يا عبد الرحمن، ولا أعرف له مكان وماذا يفعل وماهي مهمته: فإذا كان دعم ورعاية المبدعين، فمن هم المبدعون، إلا اذا كانوا مبدعين من عالم آخر.. وأنا شخصياً عانيت من ويلات المرض ووقفت معي الدولة لحد ما بحجم إمكانياتهم، ولكنه ليس بالقدر الكافي.. وأمَّن الإذاعي المعتق حمدي بدر الدين على رأي زميله عبد الرحمن أحمد بقوله: صندوق رعاية المبدعين عاطل تماماً ولا يؤدي أي دور تجاه المبدعين ولا نجد منه أي دعم، واعتقد بوجود خلل فيه، لذلك يجب إعادة تكوينه وتشكيله من جديد ليضم أشخاصاً يعرفون قيمة المبدعين جيداً، وتكون له مرجعية معروفة، فحرام أن يعاني المبدعون ويعيشون على الكفاف والجفاف والصندوق آخر من يعلم لأنه لا يعرف المبدعين.. وأنا شخصياً عانيت كثيراً وأعجز عن شكر نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه الذي يستحق الاحترام والتقدير. ومن جانبه أكد الفنان الكبير صلاح ابن البادية على أن صندوق رعاية المبدعين هو اسم على غير مسمى، ولاتتم تغذيته بالصورة المطلوبة، لذلك مساهماته بسيطة مثل (زاد المقل) ولذلك لا نلجأ له إطلاقاً، وعلى الدولة أن تدعمه، وعلى المسؤولين عنه إيجاد مصادر دخل أخرى له حتى لا نضع كل اللوم على الدولة. وأشار الفنان القدير د. عبد القادر سالم إلى أن أداء صندوق رعاية المبدعين لم يكن بالصورة المثالية لأن الدولة لم توفر له الإمكانيات، ولم تحصر إدارته المبدعين الحقيقيين لتوزع أمواله عليهم، بل أهدر ميزانيته على أشخاص غير مبدعين، فمعايير المبدع غير واضحة لديهم، لذلك لن ينجح هذا الصندوق إلا بتوفير المال الكافي، ويتم تحديد لوائح صارمة للتعريف بالمبدع، واعتقد بأن الصندوق في هذه الفترة لو ركز دعمه على المرضى فقط فهو أفضل، وبصراحة نحن كاتحادات مقصرين في متابعة الصندوق والوقوف من خلفه. وأكد نجم الدراما الأستاذ محمد شريف علي أن صندوق رعاية المبدعين لا يحظى بدعم واضح يمكنه من القيام بواجبه نحو المبدعين، فحال المسؤول عنه سعادة اللواء الخير عبد الجليل المشرف أشبه بمن ربطت أياديه وأُلقي به في البحر وقالوا له عوم، وحقيقة الصندوق ليست لديه أي إسهامات في الساحة وحتى ولو وجدت فهي بسيطة ولا تذكر. فيما قال الشاعر محمد يوسف موسى رئيس اتحاد شعراء الأغنية السودانية: كنا ننتظر أن يقوم صندوق رعاية المبدعين بدوره الحقيقي كما ورد في بنوده والتصور الذي رفعناه منذ فكرة إنشائه في عهد الراحل فراج الطيب وكان وقتها يشغل منصب الأمين العام للمجلس القومي للثقافة والفنون، فلابد أن تكون الرعاية شاملة حتى يتفرغ المبدعون لإبداعهم، بالإضافة للتكفل بعلاجهم ورعايتهم في حالات العجز وكبر السن، والكثير غير ذلك، وكان على إدارة الصندوق استقطاب موارد أخرى خلاف ما تقدمه الدولة من استثمار وغيره حتى لايعتمد على الدولة فقط.. ولكن للأسف الشديد لم يحدث كل ذلك ولم يقم الصندوق بالدور المنوط به.. وبصراحة واقع صندوق رعاية المبدعين الآن لا يسر فأما أن توكل إليه رعاية المبدعين وتوفر له المعينات لذلك وأما أن يتم إغلاقه لنبحث عن وسيلة أخرى تؤدي هذا الدور، لأن الصندوق الآن يقدم الدعم في المواسم فقط وهو دعم بسيط للغاية ولا يقابل الاحتياجات الحقيقية للمبدعين بحجة عدم وجود إمكانيات وموارد كافية. واختتم الحديث الأستاذ الصحفي عامر باشاب بقوله: صندوق دعم ورعاية المبدعين اسم رنان، دائماً ما نقرأه في لافتته وسط الخرطوم، فهو موجود كمبنى ولكن لم نحس بوجوده فعلياً ولم نسمع بأنه قام بواجبه تجاه المبدعين الذين يحتاجون لرعاية في بلادنا وما أكثرهم، وأعلم بأن القائمين على أمر هذا الصندوق يقدمون مبالغ زهيدة جداً جداً لا ترقى لأن تقدم لدعم طالب في مرحلة الأساس وليس لمبدع نذر عمره للمساهمة في تشكيل وجدان هذه الأمة، ولذلك أطلب من الأستاذ السموأل خلف الله وزير الثقافة الاتحادية إذا كان هذا الصندوق «الفارغ» يتبع له أن يقوم بحله أو يقوم بتفعيله ليكون اسماً على مسمى، فالصندوق الذي نريده لرعاية المبدعين ودعمهم أن يسير على النهج الذي رسمه راعي المبدعين الراحل صلاح محمد عثمان الذي أسس منظمة فاعلة لرعاية المبدعين قامت بدور حقيقي تجاه جميع المبدعين. من المحرر:- تقدمت بمناشدة قبل أكثر من أسبوعين للدكتور ممد عوض البارودي وزير الثقافة الولائي لرعاية المبدعين والمساهمة في علاجهم، ولكن للأسف الشديد لم نجد أي استجابة، والآن أكررها له وللأستاذ السموأل خلف الله وزير الثقافة الاتحادي، خاصة وأن وزارته استطاعت رعاية الأماسي الموسيقية بهذه الصورة الضخمة فلماذا لا نلتفت لرعاية المبدعين بصورة حقيقية ويفعِّلوا هذا الصندوق المناط به عمل الخير حتى لا يقال «صندوق الخير لا خير فيه» فهل من استجابة؟ وسوف نعود لفتح هذا الملف مرة اخري بصورة واسعة حتي تضح الرؤية للجميع والله من وراء القصد