انفردت آخر لحظة يوم أمس بخبر تهديد مدير الهيئة القومية للاذاعة والتلفزيون السموأل خلف الله بتقديم استقالته من منصبه الذي تسلمه مؤخرًا على خلفية تصاعد الوقفات الاحتجاجية للعاملين، وفوجيء بضخامة المديونيات على الهيئة مقابل عدم انفعال الحكومة بمواجهة الأزمة. وأشارمصدر موثوق الى جهات لم يسمها تعمل على عدم استقرار الأوضاع بالهيئة، وبدأت تتحسب للتغيرات المرتقبة التي ينوي السموأل القيام بها بوضعه لخارطة برامجية جديدة يتوقع أن تجلب له متاعب مع شخصيات كبيرة في التلفزيون خاصة.. كل من كان يسألني عن تعيين الأستاذ السموأل خلف الله مديرًا للهيئة، وعن رأيي في هذه الخطوة كنت أقول لهم بأنه لن يستمر طويلاً في هذا المنصب وسوف يرمي باستقالته سريعاً عن رغبة أكيدة في مغادرة هذا المنصب..! وصدقت توقعاتي..! نعم صدقت توقعاتي فأنا لست «وداعية» ترمي الودع وتتنبأ بخزعبلات، وهم على علم الغيب ولكن قلت ذلك لخلفية درايتي التامة بالأوضاع في الحوش الكبير- الاذاعة والتلفزيون وأعرف جيدًا مشاكله الأساسية.. لذا دائماً ما أقول بأن كل شخص أراد أن يحرف تاريخه ومجده فما عليه الا أن يقبل بإدارة التلفزيون «فقط» في هذه «الفترة» دعك من الاذاعة كمان فالتلفزيون والاذاعة بهما مشاكل جوهرية يعجز امامها اي مدير لهما.. إن كان السموأل أو سواه ولا يستطيع أن يفعل أي شيء أو يحقق اية اضافة اذا لم تزل هذه العوائق التي تتصدرها (الديون المتلتلة) الملقية على عاتقه، والتي هي مصدر ازعاج وقلق دائم.. والدولة لا تجد لهما حلاً.. بالاضافة للعمالة بل الجيش الجرار من الموظفين والمتعاونين فيه، وأم الكوارث بأن عدداً كبيراً منهم لا شغل لا مشغلة فيه كل وظيفتهم وابداعهم انهم تابعون للنظام الحاكم فقط، ليس إلا ويتذمر منهم المبدعون الحقيقيون داخل الحوش الكبير.. كما يقولون لي على الدوام خاصة وأن جزءًا كبيرًا من ميزانية التلفزيون والاذاعة تذهب في مقابلة احتياجات هذا الجيش الجرار، ويتبقى جزء بسيط ليس بمقدوره تسيير التلفزيون والإذاعة بالصورة المطلوبة برامجياً حتى يرتقي ويسمو به بتقديم مادة تجذب المستمعين والمشاهدين اليهما فاستحقاقات الموظفين تصل لحد ال85% من ميزانيتهما..! فكيف يتأتى الابداع فيهما؟ فهي قضية تحتاج لمدير(حاوي) يمارس عمل (الحواة) ليفعل ذلك، وقد يسألني احدهم قائلاً لماذا تناسيت أموال الرعاية والاعلان التي تساعد كثيرًا في حل هذه الأزمة؟ فأقول له بعض موظفي التسويق سامحهم الله أضروا بالاعلان والتسويق في التلفزيون القومي، وأوهموا المعلنين والرعاة بأن مشاهدته ضعيفة من أجل أشياء في نفوسهم ومصالحهم الشخصية، وحولوهم واعلاناتهم لقناة أخرى، بالاضافة الى ان هناك عصابات نائمة في الحوش الكبير تحارب كل من يقترب من ايقاف أوالحد من مصالحها. فالمشكلة في مجملها كما قال الخبر تكمن في عدم انفعال الحكومة في حل ومواجهة الأزمة، وهي الخلاصة المفيدة في القضية. أما عدم قناعتي في استمرارية الأستاذ السموأل خلف الله بصورة شخصية في هذا المنصب يرجع لسبب واحد فقط ليس إلا وهو- بالطبع ليس لأنه رجل فاشل معاذ الله فله نجاحات مميزة في مؤسسة اروقة للفنون لا تنكرها عين ولكن السموأل بطبعه انسان حساس للحد البعيد، وتؤثر فيه كثيرًا الانتقادات والوقفات الاحتجاجية والعبارات المكتوبة فيه وأحياناً ينطقون بها امام المدراء فهم شرسون للحد البعيد، وحديثهم مليء بالحدة والخشونة والسموأل انسان مرهف وحساس لا يقوى على مثل ذلك لذلك ارى بأن استقالته منطقية جدًا لكنها جاءت سريعاً فوق حد التصور..و...و...و يوم اكرهك خليك واثق تاني ما برجع واجيك