خلط الكيمان لا يجب ولا يجوز ولا ينبغي له.. ولهذا قصة.. مضت عليها سنين فقد كنا نتذاكر أمر الشعر مع صديق لنا يزعم أنه يحب الشعر.. وكان يجمعنا نتذاكر أمر الشعر العربي.. والرجل كان يعمل مدير جامعة في إحدى دولنا العربية في ذلك الوقت.. وكانت له حديقة غناء تحيط بحوض سباحة لا زوردي جميل. ولسوء حظنا في ذلك اليوم قررنا أن نناقش شعر أبي نواس.. الحسن بن هاني.. وهو من هو في عظمة الشعر العربي والإبداع والابتكار.. والتشبيه والتصاوير.. وإن كانت قد جنت عليه خمرياته.. وما أتهم به من المجون إن حقاً أو كذباً هو روصفاؤه والبة بن الحباب.. وآخرين من دونهم.. ولكن هذا لم يكن موضوعنا فنحن لم نجتمع لندين الرجل أخلاقياً.. فلسنا مجلس حسبة في بلاط السلطان صاحب الدعوة.. بل نحن نقاد نقيم أو نقوم العطاء الشعري للرجل. وتبرع أحدنا فذكر أبياتاً جميلة لأبي نواس وهي مطلع رائعته (ذكرى لرحمة) والتي يقول فيها:- حسبي جوي أن ضاق بي أمري ذكرى لرحمة وهي لا تدري وأخاف أن أبدي مودتها فيغار مولاها ويستشري إلى آخر القصيدة.. فقامت الدنيا ولم تقعد فتغير مولانا وحوقل وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. أعني أبا نواس وانفض السامر مغضوباً عليه.. فقد علمنا فيما بعد أن الرجل من بادية متخلفة ترى أني صوت المرأة عورة وأن مشاهدة التلفاز حرام وأن شعر أبي نواس عورة ومن الكبائر- رغم مظاهر الترف المادي الفارغ التي يحيط بها نفسه- ومن طرائف هذه الشخصية الغريبة أنه يقفز في حوض السباحة بكامل ملابسه- فقد كان يعتقد طال عمره- أن جسم الرجل عورة فلا يليق له الاستحمام إلا بملابسه كاملة.