لم يكن اليوم الذي وافق الخامس عشر من نوفمبر الجاري يوماً عادياً كسائر الأيام، ولا حتى المكان الذي توسط النهود عاصمة قبائل دار حمر مدينة العلم والعلماء هو الآخر عادي، حيث ازدانت جنبات مقر إمارة عموم قبائل دار حمر التي تهيأت لاستضافة الفرقاء من بطون المسيرية لوضع حد للاحتراب والاقتتال الذي تجدد بينهما وخلّف (153) قتيلاً في الجانبين تتراوح أعمارهم ما بين (15-35) سنة، ازدانت بالوشاحات التي رسمت الترحاب في القلوب قبل العقول بالقادمين من سائر أرجاء كردفان والمتقاتلين من أبناء العمومة- «الزيود وأولاد عمران» بترتيب دقيق يقف خلفه أمير عموم قبائل حمر عبد القادر منعم منصور، وفي الليلة التي سبقت هذا اليوم كانت المدينة تشهد حراكاً غير عادي واستعداداً أمنياً غير مسبوق لمقابلة الحدث المنتظر، لأن التكهنات كانت تنبيء بأن المهمة صعبة وعسيرة، وعندما بزغ الفجر وتوافدت الأطراف قبالة المكان المعد للمؤتمر الذي قصد أن يكون بعيداً عن المؤسسات الرسمية، لأن الطرفين تمسكا بوساطة دارحمر وربما اشترطا أن يكون مقر الإمارة هو المكان المناسب للتفاوض لحيادية أميرها حسبما أكده أميرا القبيلتين في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر. { وزير الحكم اللا مركزي: الشوكة بمرقوها بدربها جارى وزير الحكم اللا مركزي الدكتور فرح مصطفى عبدالله وهو ابن الإدارة الأهلية بدارفور، الجو العام المسيطر على لجان الأجاويد والحكماء والميسرون والخبراء الذين أكدوا تفاعلهم بتوصل الأطراف لاتفاق يضع حداً للقتال غير المبرر بين أبناء العمومة، وقال مصطفى إن المؤتمر ينعقد بتوجيه من رئاسة الجمهورية ومتابعة من الرئيس عمر البشير، وأكد أن الرئيس مهتم بالتصالحات لأنه يدرك أن المشكلات القبلية هي التحدي الحقيقي الذي يواجه الحكومة، مبيناً أن الاقتتال يندلع بلا مبرر ولأسباب واهية، وقطع بأن الشوكة بمرقوها بدربها. { وزير الدولة بالعدل: لهذه الأسباب لم نطلق يد القوات المسلحة... قال مولانا أحمد أبوزيد وزير الدولة بوزارة العدل إن وزارته تهتم بالصلح الأهلي، لأنه يكفي متاعب الرجوع للمحاكم والبحث عن الأدلة، وزاد كان بإمكاننا أن نطلق يد القوات المسلحة والأجهزه الأمنية الأخرى لفرض الأمن وهي قادرة على ذلك، لكننا قبلنا مبدأ الصلح وارتضيناه كحكومة وكشعب، وأن هذه الخطوة ليست ضعفاً ولا لعدم القدرة على القبض على الجناة وتقديمهم للعدالة، ولكن من أجل إتاحة الفرصة لحكماء الإدارة الأهلية لإصلاح ذات البين، وطالب أبوزيد الأطراف بوضع الترتيبات اللازمة حتى يتم تنفيذ مخرجات المؤتمر ومن أجل أن لا يتحدث أي طرف بأن الجهات المختصة لا تلتزم بالتنفيذ، وأشار لأهمية حصر عدد الموتى والمصابين في الطرفين بدقة، إلى جانب الأموال والأضرار في الممتلكات وتحري العدل والقانون للوصول إلى تحقيق العدالة وتوثيق ذلك في المحاكم بالطرق الشرعية. { حكيم حكماء السودان: ما يحدث بين الزيود وأولاد عمران بلا مبرر قال أمير دار حمر عبد القادر منعم منصور إن الحرب التي دارت بين الزيود وأولاد عمران بلا مبرر، لأنه إذا التقى المسلمان فالقاتل والمقتول في النار، وأبان أنه ترأس مجالس الصلح في كل ولايات السودان ويدرك تماماً نتائج الصراع القبلي، وأشاد منصور بالطرفين وشجاعتهما التي قال إنهما أهدراها في اللا شيء، وطالبهما بأن لا يجعلا للشيطان مساحة بينهما، كاشفاً عن الجهود التي قادها عندما كانت الحرب دائرة بين القبيلتين، وتمت دعوتهم من خلالها لهذا المؤتمر، وأشار مخاطباً الزيود وأولاد عمران لا تتقاتلوا من أجل الأرض لأن الأرض لله وليست لكم، وقال إنهم في دار حمر لو ترك الشخص أرضه لثلاث سنوات سيتم نزعها منه ومنحها لمن يفلحها. { ما بين كتم المرارات وبلع القرض تحدث أميرا القبيلتين، فقال أمير الزيود النذير جبريل القوني إنه عندما وضع والي الولاية اللواء أحمد خميس بخيت «كراعو» في الولاية تناقصت المشاكل والآن في طريقها لأن تكون صفراً، وأبان أنا فرحت عندما علمت أن مؤتمر الصلح في دار حمر وذلك لأنهم رجال حق وأنا سعيد بما يخرج به المؤتمر، وشدد على مواجهة المشكلات بالصدق والأمانة، لأننا إذا لم نقم بذلك نرجع تاني للمربع الأول، وأوضح أن السبب في المشكلة بينهم وأولاد عمران بسبب البترول لأنه عندما ظهر قامت الدنيا ولم تقعد، ورغم أن المنطقة بها بترول إلا أنها خالية تماماً من التنمية، ولفت إلى أنه يحمل مرارات لكنه يكتمها لأنه يريد قولها في الغرف المغلقة وفي المكان المناسب، فيما قال أمير أولاد عمران إسماعيل حامدين أنا زول عربي والكلام الكتير والسمح البتقولوا دا ما بعرفو، نشكر قيادة دار حمر ونؤكد أننا جئنا للسلام لا للخصام لكننا نقول بوضوح مثلما يقول العرب علينا أن «نرقع محل ما اتشرط» وليس جنبه، وأنا أتفق مع الأمير النذير بشأن البترول ونقول نحن مظلومون لأن البئر في دار المسيرية لكن «التبريك» قدام والتنمية قدام مركز صحي يشيد وينهار بعد شهرين وتتبعها المدرسة التي شيدت بعد ستة أشهر والمستشفى، عندما تهطل الأمطار أي شخص «يشيل زولا ويجري»، والآن ظهرت أمراض لم نسمع بها من قبل بسبب مخلفات البترول وحتى حقنا منه ال 2% الأدانا ليه جون قرنق لم نستفد منه. وفي الختام نقول إن النذير قال إن عنده مرارات لكن أنا بالع قرض عديل. هذا هو الجو العام الذي سبق الاتفاق الذي تم بعد أربعة أيام عصيبة من الجلسة الافتتاحية.